صحيفة المثقف

كاظم الموسوي: مرة اخرى حصيلة عام من شهداء البحث عن الحقيقة

khadom almosawiفي مقالي السابق الذي نشر هنا على هذه الصفحة/ الموقع كنت قد قدمت قراءة في تقرير سنوي لمنظمة تعنى بالدفاع عن الصحفيين، هي " مراسلون بلا حدود"، التي مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، وتسجل في تقريرها نهاية كل عام حصاده من شهداء الحرية والحقيقة والبحث عن المتاعب. وكنت قد اشرت الى انها والعديد من المنظمات المشابهة لها تتعرض لضغوط كبيرة من جهات او سلطات، تسعى للتاثير  والتدخل في شؤونها وتمويلها وبياناتها وحتى تقاريرها السنوية، مما يجعلها منحازة او مضللة او غير نزيهة ولا مهنية، في اغلب الاحيان، وفي احسن الحالات او افضلها، كما يحصل في تشويه مصداقيتها ووفائها للمبادئ التي تعلنها لها. وذكرت امثلة لذلك، وهو امر بات معروفا ولا يحتاج الى اثبات جديد او ادلة مكررة.

سبقت هذه المنظمة في اصدار تقريرها تاريخيا صدور تقرير اتحاد الصحفيين العالميين الذي نشر بعدها بحوالي اسبوعين يوم 30/12/2016 وافاد بارقام اخرى وحقائق جديدة تكشف ما لحق باصحاب المهنة من خسائر واضرار بشرية ومادية، حيث أعلن الاتحاد الدولي للصحفيين في تقريره أن 93 صحافيا وإعلاميا قتلوا خلال عام 2016 في حوادث متصلة بعملهم، بينما ذكر تقرير المنظمة عددا اقل مما توصل اليه الاتحاد، واحصائيات مختلفة.

وذكر الاتحاد في تقريره بشأن جرائم قتل الصحفيين في العالم لسنة 2016 أنه بالإضافة إلى هذا العدد لقي 20 صحفيا برازيليا مصرعهم في حادث تحطم طائرة فوق مدينة ميديلين بكولومبيا كما قضى تسعة صحافيين روس في حادث تحطم طائرة عسكرية".

واتفق الاتحاد الذي يعد أكبر  تجمع يمثل الصحافيين في العالم مع المنظمة في تراجع طفيف في أرقام مقتل الصحافيين خلال العام الحالي حيث قتل في العام الماضي 112 صحافيا كما تراجع عدد الدول التي حصلت فيها حوادث قتل الصحافيين، حسب تقدير وتوصيف كاتبي التقارير. وسجل العدد الأكبر من قتل الصحفيين في المنطقة العربية عالميا بواقع 31 حالة تلتها منطقة آسيا والباسيفيك بواقع 28 حالة من هذا النوع بحسب التقرير.

أما الدول التي شهدت أكبر عدد من جرائم قتل الصحفيين عالميا بحسب التقرير خلال 2016 فهي العراق [15] وأفغانستان [13] والمكسيك [11] واليمن [8] وكل من غواتيمالا وسوريا [6] وكل من الهند وباكستان [5] فضلا عن ليبيا التي شهدت حالتين. وفي المقارنة يلاحظ الفرق والتوجيه والدلالة في ارقام التقريرين مثالا.

كتب رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين فيليب لوروث في تقديمه التقرير "نرحب دائما بأي انخفاض للعنف ضد الصحافيين والإعلاميين لكن هذه الإحصاءات واستمرار الاستهداف المقصود للاعلاميين والحوادث الأخرى التي سببت الكثير من الخسائر في الأرواح لا تعطي حاليا مجالا للراحة ولا أملا برؤية نهاية أزمة السلامة في الإعلام". هذا الترحيب وتكراره امنيات دائمة لرئيس الاتحاد واعضائه وباقي المنظمات المعنية بشؤون الاعلام والصحافة، المحلية والاقليمية والدولية.

تظل الاحصائيات والارقام الواردة في التقريرين وغيرهما غير كافية وغير موثقة، خلاف ما يصدر عن المنظمات المحلية القادرة على الرصد والتوثيق والاشارة والاعلان دون رقابة واستلاب موقف او اغفال حقيقة واضحة لا تختفي عن انظار اهلها او المتابعين لها من جهة، ولكن من جهة اخرى قد تخضع هذه المنظمات الى ما تتعرض له تلك المعنية بالامر، لاسيما في بلدان او سلطات استبدادية او لا تحترم المهنة ولا قواعدها ولا قوانينها، حتى التي توقع عليها او توافق على اصدارها. الا ان بعض النقابات وفي ظروف معينة تتمكن من نشر ما يمكنها نشره. في العراق بعد الاحتلال عام 2003 استطاعت نقابة الصحافيين العراقيين، او بعض الناشطين فيها من الاعلان عن ان عام 2016 شهد استشهاد 20 صحافيا ليرتفع بذلك عدد الذين لقوا حتفهم من الصحفيين منذ عام 2003 ولغاية الآن الى 455 صحافيا. وكذلك سجل المرصد العراقي للحريات الصحفية مقتل العديد من الصحفيين خلال العام 2016 حيث شهدت معارك تحرير المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم ما يسمى اعلاميا داعش باستشهاد وقتل 14صحفيا وجرح 24 آخرين بعضهم أستهدف من قبل التنظيم بشكل مباشر، بينما أصيب آخرون بفعل تفجيرات وسقوط قذائف هاون على الاحياء السكنية او مقرات وسائل الاعلام. هذه الارقام تشير الى الخسارة الكبيرة رغم عدم تطابقها، وهي القضية المثيرة للانتباه والتساؤل ايضا، وكلاهما، النقابة والمرصد، موجودان في العاصمة العراقية ولديهما امكانات متشابهة في مثل هكذا رصد واخبار ومتابعة. ويسجل ضدهما محاولات التهرب من مسؤولية المهمة والهدف من عملها في هذا الشأن الانساني والاخلاقي والقانوني.

تبقى دول او مناطق معينة مغيبة من اغلب التقارير ولا تجد للحصول على معلومات وافية منها وفضح القتلة والمجرمين، كما يحصل دائما في جرائم الكيان الصهيوني او بعض الدول العربية والافريقية في قضايا قتل او اعتقال الصحفيين والاعلاميين. هناك بعض التخفي والانكار في اوصاع اخرى، كما هو الحال في اقليم كردستان العراق  ومحاولات سلطاته التفرد بما يمارسونه ويفعلونه في هذه الامور وغيرها. وحده رئيس مرصد الحريات الصحفية (JFO) في العراق، صرح عن اوضاع الصحفيين في اقليم كردستان العراقي، بعد تكرار حالات القتل المتعمد للصحفيين والناشطين في إقليم كردستان ولد حالة كبيرة من القلق لدى الفرق الاعلامية المحلية والاجنبية العاملة في الاقليم. وطالب رئيس حكومة إقليم كردستان ان يتابع هذه الحالات بنفسه خاصة بعد الاتهامات التي وجهت إلى قوى سياسية وأمنية متنفذة، بتنفيذها عمليات تصفية جسدية لصحفيين وناشطين في الاقليم.

ويشهد إقليم كردستان عمليات تصفية جسدية للصحفيين والناشطين في فترات متفاوتة، حيث قتل مسلحون مجهولون الصحفي والمدون، ودات حسين علي، الذي يبلغ من العمر 28 عاما، في شهر اب/ اغسطس 2016 في محافظة دهوك بإقليم كردستان.

الاشارة الى اوضاع الصحفيين والصحافة في العراق مثالا لا يختلف كثيرا عن عدد من البلدان العربية خصوصا، بل وقد تكون في ظروفها مؤشرا لغيرها، والمنشور منها يغطي جهودها ويسمح للمتابع تصور بقية الاوضاع وصعوبة التوصل الى الارقام الفعلية للشهداء والضحايا في هذه المهنة الباحثة عن المتاعب والحقيقة والحرية والحقوق. ويظل السؤال كبيرا عن الاسباب والنتائج والاهداف والاجراءات!.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم