صحيفة المثقف

أهل الغيب بين قصور الخلود أم اليوم المشهود؟!

"ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغني النذر" (سورة القمر، الآية 4-5)، هي آخر آية من القرآن التي قد ختمنا بها المقالة السابقة "أهل الغيب بين رقدة القبر أم الحشر؟!"، قد أنكرها بشدة وسخر منها العديد من ذوي العقول النيرة من أهل الفن والصحافة والإعلام العربي بل وحذفت كما وصلنا من آراء كل متابع بين معارض ومؤيد  لهذه الفئة، والتي كما يقال عنها ويردد الكثيرون من أهل الصحافة أن مصحف محمد صلى الله عليه وسلم انتهت صلاحيته في هذا الزمان وو... بل القرآن بعينه مجرد ترهات في زمن السرعة، وكأنهم لم يسمعوا قوله تعالى الذي أنزله على شفيعه صلى الله عليه وسلم: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون" (سورة الحجر، الآية 9-10-11).

ربما هذا يعيد إلى أذهان العاقل منا ما فعله قوم نوح عليه السلام على مدى ألف سنة إلا خمسين عاما التي قضاها  مجادلا وناصحا ومحذرا لهم من مكر الله، لكن النتيجة كانت للأسف الشديد العقم بعينه مصداقا لقوله تعالى: "فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا" (سورة نوح، الآية 25).

هناك من قال الإعدام سيكون الحكم النهائي لكاتب هذه المقالة وهو أمر لا يخيف المنتقم الجبار في فئة من عباده المستضعفة، والتي لا تخشى حتى الخلود في نيران جهنم والحمد لله في حكمه البالغة، بل يجعلنا نكرر على مسامعهم بإذن الله أننا جميعا –ومعهم كاتب المقالة- سننتفض من رقدة القبر في أعقاب صيحة هائلة في لمح من البصر، وقوفا للسؤال الذي يستبعده أهل الغيب من هذه الفئة، وذلك اليوم المشهود الذي لا مفر منه حتى لو شيدت هذه الفئة الذكية المالكة لمال قارون وملك فرعون قصورا للخلود في دنيا فانية مصداقا لقوله تعالى: "إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود" (سورة هود، الآية 103).

لكن ما يطمئن قلب المستضعف دائما هو القرآن، والذي حتما يكفينا  شر ما تبعثه إشارات غيبياتهم التي باتت تعلم أنها ستنجب ذكورا وإناثا كما يقول عامة الناس، بل وتتحدى الله ومكره الذي يجب أن يسجد طوعا لهم أو كرها ليخرج من أرحامهم ذرية، ولكنه بدوره سبحانه يرد عليهم مستهزئا في قوله تعالى: " فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون" (سورة الصافات، الآية 149).

لو تأملنا جميعا بما فيهم هذه الفئة حال العرب في زمن السرعة ومباهجه الفانية، التي لطخت وجهه بدماء بريئة وعري وأمراض خبيثة وأوجاع وضغائن وحروب دنيئة وو... لترفع صوتا يقول أن الإسلام يساوي القتل والإرهاب والداعشية فأعدموه نصرة لكم وللعلمانية وتحرر الجسد من لباسه وإنسانيته ليصبح حيوانا يعبد شهوانيته ويصلي لأصنامها، ويقوم لياليه ويصومها متضرعا ليصل إلى علياء جنانها يوم الحشر هو والقبر قبله، اللذين كلما ذكرا أمام تلك الفئة الذكية التي باتت تعلم علم الساعة منذ سنين تزداد عندا واستخفافا بمكر الله وحكمته وغيبه، والذي جهله والحمد لله أنبياء الله عليهم السلام في أرضه، بل وفروا فرارا إلى جانب ربهم خوفا من مكره وسخطه وغضبه الذي قد آمنه هؤلاء في فئة مستضعفة قد حكموا عليها بالإعدام منذ سنين والله شاهد على ذلك، واليوم يحاربون رب الكعبة فيها بإشاراتهم المبثوثة عبر وسائل الإعلام ويريدون منها أن تخلق لهم ذكورا وإناثا وهذا الجهل والكفر بعينه!، والتي كانت بداياتها عبر الفيديو كليب التي جعلت الضعيف لعنة ولا تزال إلى اليوم المشهود، وصولا لمقاصدهم الخبيثة لا تخفى على رب العباد والتي عقدوا العزم فيها على أنهم الغالبون وستخرج ذرية من أرحامهم لا محالة وعلى رأسها الذكور كما بات يثرثر بذلك العامة من الناس، فيكفيهم إناثا يا رب العالمين!، حتى أنهم تناسوا مكر الله الشديد وقوله في قرآنه العظيم: " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون" (سورة الحجر، الآية 92-93).

 

بقلم عبد القادر كعبان - كاتب صحفي جزائري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم