صحيفة المثقف

قضية التربية عند علماء المسلمين: القابسي وابن سينا أنموذجا

على سبيل التمهيد: في الواقع، لا يمكن أن يجادل اثنان في أن قضية التربية بصفة عامة كانت تحتل مكانة كبرى عند المسلمين قديما. وهكذا فإنه "لم يفت علماء التربية المسلمين الاشتغال على مناهج البيداغوجيا، فقد ألقوا بسهامهم في الموضوع وكانوا على موعد مع التاريخ حين استجابتهم لطرق هذا الأخير، وتطعيم النظريات التربوية التعليمية التعلمية تماشيا مع متغيرات الزمان ومستجداته. والدارس لتراثهم التربوي يجد لمساتهم بارزة بقوة في هذا الشأن بما يسجل دون شك سبق بصمتهم وإبداعهم المنقطع النظير على المستويين المنهجي والعملي. أقصد الكيف المنهجي والكم الذهني الواجب مراعاته في إطار العلاقة التعاقدية الضمنية بين المكونات الثلاثة: المدرس والمتعلم والمادة موضوع التدريس. وهي علاقة تخضع للمد والجزر، والبسط والغل وفق ما يقتضيه المقام" (1). ولا نتعجب من ذلك ما دام الإسلام قد قدس العلم والعلماء وسما بالعلم إلى درجة العبادة وعني بالتربية الروحية والدينية والدنيوية والخلقية للإنسان.

لقد أدرك المسلمون الأوائل أن التربية هي أداة الحضارة ووسيلتها في تخليد ذاتها وضمان انسيابها وتناقلها عبر الأجيال. "و يكون فعل التربية في الحضارة هو رسم هذا الفعل وتحديد مداه والتأثير في سلوك الفرد الإنساني حتى ينسجم مع الأنماط الاجتماعية السائدة" (2). وهذا ما أدركه أيضا الصينيون القدماء والإسبرطيون والآثينيون بخصوص أهمية التربية في تحديد سلوك حضارتهم.

إطلالة على بعض أعلام التربية المسلمين:

بدأ الاهتمام بالتربية الإسلامية عند علماء المسلمين كعلم له خصوصياته منذ فترة مبكرة في عهد الدولة الإسلامية. واحتلت نظريات التربية جانبا مهما من كتب ومصنفات كبار هؤلاء العلماء المسلمين، بالإضافة إلى اهتماماتهم ببقية فروع المعرفة من علوم دينية وتاريخ وفلك وكيمياء ورياضيات وغيرها. ومن هؤلاء الأعلام نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

1 ـ أسد بن الفرات بن سنان (ت 213 هـ) وهو الأمير القاضي السمح تلميذ مالك بأنس.

2ـ ابن مسكويه (ت 241هـ/ 855م) الشيخ أبو علي أحمد بن محمد.

3 ـ ابن سحنون (ت 256هـ/ 869م) محمد بن سحنون بن سعيد التنوخي.

4 ـ القابسي (ت 324هـ/ 935م) أبو الحسن علي بن محمد المعافري وهو تلميذ ابن سحنون.

5ـ ابن جماعة (ت 373هـ/ 983م) عاش معظم عمره في الأندلس.

6 ـ ابن سينا (ت 370هـ/ 980م) الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا                    .

7 ـ الغزالي (ت 505هـ/ 1111م) الإمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الفيلسوف المتصوف.

8 ـ ابن خلدون (ت 809هـ/ 1406م) الوزير، السفير، القاضي عبدالرحمن بن خلدون صاحب المقدمة الشهيرة ومؤسس علم الاجتماع الحديث.

وقفة مع القابسي:

هو أبوح الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري المعروف بالقابسي نسبة إلى قرية قابس بالقرب من القيروان حيث ولد سنة 324 للهجرة. مالكي المذهب. وحسب السيوطي فإن القابسي كان حافظا للحديث، بصيرا بالرجال، عارفا بالأصلين، ورأسا في الفقه ضريرا زاهدا ورعا.

أهم مؤلفاته:

- الممهد في الفقه وأحكام الديانة.

- ملخص الموطأ.

- كتاب الاعتقادات.

- كتاب الذكر والدعاء.

- الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين.

تصوراته في ميدان التربية:

ا- الغرض من تعليم الصبيان هو معرفة الدين علما وعملا وتعليم الدين لا يتيسر إلا بمعرفة المبادئ التي تكتسب بالتعليم كالقرآن والكتابة. ومن هنا اتصل التعليم عند القابسي بالدين اتصال الوسيلة بالغرض.

ب- نادى بإلزامية التعليم أخذا بالحديث النبوي "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (رواه البخاري) وساعده في ذلك تطوع الأمراء والأغنياء في زمانه بالإنفاق على الكتاتيب وإجراء الأموال عليها لتستمر في الحياة.

ج- وجوب التعليم للجميع (أولاد وبنات) لأن المؤمنين والمؤمنات مكلفون جميعا بنص القرآن.

د- عدم الجمع بين البنين والبنات في فصل واحد "من صلاحهم ومن حسن النظر لهم لا يخلط بين الذكور والإناث". وهو بذلك متأثر بأستاذه سحنون الذي قال أكره للمعلم أن يعلم الجواري ويخلطهن مع الغلمان لأن ذلك فساد لهن".

هـ- التعطيل يوم الجمعة والأعياد: إن إجازة الأولاد يوم الجمعة أمر مستحب لأن ذلك سنة المعلمين منذ كانوا. أما بطالة الأولاد يوم الخميس فهذا بعيد. وكذلك بطالة الأعياد على العرف المشتهر المتواطأ عليه ثلاثة أيام في الفطر وخمسة أيام في الأضحى.

و- عقاب التلميذ: يرى القابسي أن الضرب إنما يكون من المعلم الجافي الجاهل وهو ينهى عن الضرب والمعلم غضبان. والضرب على التعليم إنما هو عن كثرة الخطأ من الصبيان.

استنتاج:

استنادا إلى ما سبق، نخلص إلى أن أبا الحسن القابسي حصر الغرض من التعليم في معرفة الدين علما وعملا دون النظر إلى النواحي المعيشة. وهذا ما يتعذر قبوله في الوقت الحاضر، حيث هذا الكم الهائل من المعرفة التي تتضاعف كل فترة وهذه الأدوات والآلات التي تشاركنا حياتنا ومعاشنا بل تشاركنا أجسادنا احيانا؛ مما يتوجب معه الإلمام بكل الوسائل والتقنيات التي نحيا بفضلها. هذا مع العلم أنه قد أصبح يُنظر للتربية على أنها عملية استثمارية ذات مردود؛ فمع ارتفاع تكاليف التعليم ينظر أولوا الأمر إلى استرداد هذه الأموال من عائدات ونتائج هذا التعليم.

و نلاحظ أخيرا أن القابسي أجاز الضرب في بعض الحالات التي يتمادى فيها المتعلم ولا يتعظ مثلا. وهذا إجراء بيداغوجي تقليدي رغم أننا بدأنا نُسجل عودة بعض الأنظمة المتقدمة في التعليم إلى تطبيقه كما هو الحال في إنجلترا. ويبدو أن ما يسمى بالعقوبات البديلة اليوم لم تعد تؤتي أكلها في ظل استقالة الأسرة من تربية أبنائها وتراخي الأساتذة وتعسف القوانين ضدهم والتزايد الفطري للجمعيات الحقوقية التي تركب غالبيتها على جانبيات المواضيع فتأخذ بالقشور وتعرض صفحا عن جواهر المواضيع. وكانت النتيجة هي الفوضى في المدارس المغربية. لهذا نادينا ذات يوم بالعودة إلى بيداغوجيا "الفلاقة" (3) بمعناها العام من أجل الضبط والانضباط لأنه بدونهما لا يمكن أن تتقدم المدرسة المغربية.

وقفة مع ابن سينا:

هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا. وهو واحد من العلماء والأطباء، والفلاسفة المسلمين من منطقة بخارى وتحديداً من بلدة أفشنة الأوزباكستانيّة التي ولد فيها عام 370 هجرية/ 980 ميلاديّة. كان يلقّب قديماً بالشيخ الرئيس. وقام الغربيّون بمنحه ألقاباً متعددة كأمير الطب وأبو الطب الحديث وكان ذلك خلال العصور الوسطى. كان متبحراً في العديد من أصناف العلوم المختلفة. ولذلك يوجد ما يقارب 200 ألف كتاب له وتتناول هذه الكتب مواضيع متعددة. وكانت تتمحور غالبيتها حول الطب والفلسفة. وبالرغم من اتّباعه طرق وأساليب أبقراط وجالينوس إلّا أنّه يعتبر أول من قام بعمليّة التدوين في مجال الطب. ويعدّ كتاب القانون في الطب الأشهر من أعماله؛ وذلك لأنّه كان مرجعاً أساسيّاً في الطبّ لمدّة كبيرة قدرت بسبعة قرون. ومن أهمّ الأعمال التي قام بها في الطبّ أنّه قام بتشخيص مرض التهاب السحايا وفق منهج علميّ وبأسلوب دقيق ووضّح الأسباب والاحتمالات التي قد تؤدّي إلى اليرقان وأعراض حصى المثانة وقدّم معلومات وفيرة حول طرق العلاج النفسيّ وأثره في العلاج والشفاء منه.

كان والده ذا ديانة شيعيّة إسماعيليّة. وكان هو يهتم بالاستماع إلى اجتماعات والده التي تقام بالسرّ والتي كان أغلبها يقام في بيتهم. وكانت هذه الاجتماعات لها دور كبير في تكوّين مجموعة من الاتّجاهات والمواقف لديه. وقام بعدها بالارتحال إلى مدينة بخارى الذي تولى فيها القيام بواجب متابعة الأعمال الماليّة المتعلقة بالسلطان بأمرٍ من السلطان نوح بن منصور الساماني. ثم بدأ يتعلم مختلف العلوم. وعندما كان في سنّ العاشرة كان يحفظ القرآن الكريم بجميع أجزائه وآياته. ثم بدأ بعمليّة تعلّم الفقه والأدب والفلسفة والطبّ.

و طلب والده من أحد المتخصّصين بعلم المنطق والفلسفة بأن يعلّم ابن سينا هذا القليل من علومه. واستجاب لرغبة والده وعلمه المنطق. وقد اندهش معلمه من الأداء الذي أثبت له، حيث أنّه كان يمتلك القدرة على الإجابة بأسلوب منطقيّ عن الأسئلة المحوريّة التي كان يطرحها عليه، ووصفت بأنها لم تخطر على بال معلمه. وكانت إنجازاته تثمر وهو صغير. فقد استطاع وهو في سنّ الثامنة عشر من عمره أن يقدّم العلاج للسلطان. وتعتبر هذه الفرصة ذهبيّة لأنّها كللت مساهمته الناجحة بحجز مكتبة السلطان الخاصةِ تحت إدارة وإشراف ابن سينا. كان ابن سينا متميّزاً جداً فكانت له العديد من الأقوال المهمّة والتي لها معاني كثير كقوله "المستعد للشيء تكفيه أضعف أسبابه" و"الوهم نصف الداء" و"الاطمئنان نصف الدواء" و"الصبر أوّل خطوات الشفاء". وفي اليوم العاشر من شهر ديسمبر من عام 1037 ميلاديّة (الموافق ل سنة 470 ه) ارتحل ابن سينا عن هذه الحياة ودفن في مدينة همدان الإيرانيّة.

أهم مؤلفاته:

- كتاب القانون في الطبّ، الذي كتبه عام 1030 م.

- كتاب الإشارات والتنبيهات.

- كتاب الشفاء.

- كتاب النجاة في المنطق والإلاهيات.

- كتاب الأدوية القلبية.

- كتاب دفع المضار الكلية عن الأبدان الإنسانيّة.

- كتاب القولنج.

- رسالة في سياسة البدن وفضائل الشراب.

- رسالة في تشريح الأعضاء.

- رسالة في الفصد.

- رسالة في الأغذية والأدوية.

- أرجوزة في التشريح.

- أرجوزة المجربات في الطب.

- كتاب الألفية الطبيّة.

- كتاب مختصر إقليدس.

- كتاب مختصر المجسطي.

- كتاب مختصر علم الهيئة.

- كتاب مختصر الأرتماطيقي.

- رسالة الزاوية.

- رسالة في بيان علّة قيام الأرض وسط السماء.

- رسالة في إبطال أحكام النجوم.

- رسالة في الأجرام العلوية وأسباب البرق والرعد.

- رسالة في الفضاء.

- رسالة في النبات والحيوان.

- كتاب قانون الحركة الأول.

- ديوان ابن سينا - في الشّعر.

- مقالة في جوامع علم الموسيقى.

- مقالة في الموسيقى .

تصوراته في ميدان التربية:

ا- لا بد من أن يكون التعليم جماعيا في المدارس لا فرديا: لأن انفراد الصبي الواحد بالمؤدب أجلب لضجرهما. ولأن الصبي عن الصبي ألقن وهو منه آخذ وبه آنس، ولأن التعليم الجماعي من أسباب المباراة والمساجلة والمحاكاة.

ب- تبدأ تربية الصبي منذ نعومة أظفاره: إذا فطم من الرضاع بُدِئ بتأديبه ورياضة أخلاقه قبل أن تهجم عليه الأخلاق اللئيمة.

ج- أول ما يتعلم الصبي إذا اشتدت مفاصله واستوى لسانه وتهيأ للتلقين: القرآن الكريم لما فيه من صور الحروف ومعالم الدين والقصص الخلقية والأحكام.

د- مسايرة ميول الصبي وتوجيهه إلى الصناعة والمهنة التي تتفق مع ميوله: "ينبغي لمدبر الصبي إذا رام اختيار الصناعة أن يزن أولا طبع الصبي ويسبر قريحته ويختبر ذكاءه فيختار له الصناعات بحسب ذلك". وهذا ما يعمل في الدول المتقدمة في الوقت الحاضر حيث تجرى للأولاد اختبارات الذكاء واختبارات الميول والقدرات وحسب احتياجات الدولة من مهنيين وفنيين وفق خطط مرسومة مدروسة.

هـ - مبدأ الثواب والعقاب: ويكون ذلك بالترغيب والترهيب والإيناس والإيحاش، والحمد مرة والتوبيخ مرة أخرى، والضرب بعد الترهيب.

و- ينبغي أن يكون مؤدب الصبي عاقلا ذا دين، بصيرا برياضة الأخلاق، صادقا بتخريج الصبيان، وقورا رزينا بعيدا عن الخفة والسخف، لبيبا قليل التبذل والاسترسال بحضرة الصبي، ذا مروءة ونظافة ونزاهة، فالمؤدب قدوة يقتدى به.

استنتاج:

بناء عليه، لا يمكننا إلا أن نُؤكد وجاهة تصورات ابن سينا بصفة خاصة وباقي العلماء المسلمين بصفة عامة فيما يتصل بحقل التربية إذ يملكون فيه قصب السبق حقيقة. ويصدمنا ابن سينا كثيرا عندما يتحدث مبكرا عن ربط التعليم بما هو مهني اقتصادي وحديثه عن اتجاهات المتعلمين حتى نكاد نجازف بالقول إن بعض أفكار البيداغوجيين الغربيين إن لم نقل جلها مقتبسة أو مسروقة من ابن سينا وباقي علماء المسلمين. وأفكار هؤلاء الغربيين تبدو جديدة للبعض في ثقافتنا العربية دائما وحتى الغربية أحيانا نتيجة الجهل بأصولها وجذورها ولحلاوة وطلاوة اللغات الأجنبية الحية التي دُبِّجت بها لا غير. فمتى نعود إلى تراثنا وإرثنا الثقافي والحضاري ونقتبس منه ما يفيدنا في ديننا ودنيانا؟ (4).

على سبيل الختم:

من خلال ما تقدم وبالنظر إلى كل التصورات التربوية الغربية سواء القديمة أو الحديثة التي تعرفنا عليها من خلال معاشرتنا المتواضعة لفلسفة التربية نجمع القول فنقول إن "سلف الأمة المسلم قد خلف لنا ثروة علمية بيداغوجية مطمورة في ثنايا شتيت من المصنفات تنتظر من يعقد العزم على مدارستها واستنباش دفائنها ومكنوناتها" (5). لقد طرق هؤلاء غالبية الموضوعات التي تشكل جوهر الفعل التربوي في العالم المعاصر (6). فعندما نقرأ لعلماء مسلمين آخرين من قبيل الماوردي والغزالي مثلا فإننا نحس تماما وكأننا نقرأ لهوارد غاردينر أو جون ديوي أو مونتسوري. يقول الماوردي حول الفروق الفردية: "و ينبغي للعالم فراسة يتوسم بها المتعلم ليعرف مبلغ طاقته، وقدر استحقاقه ليعطيه ما يتحمله بذكائه أو يضعف عنه ببلادته، فإنه أروح للعالم وأنجح للمتعلم". ويؤكد الغزالي ذلك أيضا في "الإحياء" عندما يشير إلى أن من وظائف المعلم "أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يلقي إليه ما لا يبلغه عقله فينفره، أو يخلط عليه عقله... ولا يبث إليه الحقيقة إلا إذا علم أنه يستقل بفهمها، وقد قال علي رضي الله عنه وأشار إلى صدره: {إن هنا لَعُلُومًا جمة لو وجدت لها حملة (...) فلا ينبغي أن يفشي العالم كل ما يعلم إلى كل أحد، وهذا إذا كان يفهمه المتعلم، ولم يكن أهلا للانتفاع به، فكيف فيما لا يفهمه (...) ولذلك قيل: كل لكل عبد بمعيار عقله، وزن له بميزان فهمه، حتى تسلم منه وينتفع بك، وإلا وقع الإنكار لتفاوت المعيار، وقد قال تعالى: "و لا تؤتوا السفهاء أموالكم" تنبيها على أن حفظ العلم ممن يفسده ويضره أولى وليس الظلم في إعطاء غير المستحق بأقل من الظلم في منع المستحق".

و هذا السبق المعرفي في مجال التربية وغيرها من المجالات انتقل إلى الغرب بطريقة من الطرق منذ القرن الثاني عشر عبر قناة الترجمة والاستعراب والاستشراق فيما بعد وما وازاه من دخول العرب في سُبَاتٍ عميق إبان ما درجنا على الاصطلاح عليه بعصر الانحطاط. وهذه القطيعة جعلت الأجيال العربية الإسلامية الحديثة تنبهر بالثقافة الغربية أيما انبهار متناسية أن تلك الثقافة مدينة في جزء كبير منها لشمس الحضارة العربية الإسلامية التي أشرقت على الغرب كما تذهب إلى ذلك المثقفة الألمانية سيجريد هونكه.

إن عرضنا المتواضع هذا نبغيه بدايةً للتفكير في ضرورة تعميق النظر في الفكر التربوي العربي الإسلامي ومقارنة نتائج ذلك بما يوجد في الثقافة الغربية لكي نستمد منه ما يمكن أن ينفعنا في إنارة الطريق لنا مستقبلا لإخراج المنظومة التربوية المغربية من الفوضى العارمة التي أمست تتخبط فيها وتميل حيثما مال بعض سماسرة البيداغوجيا منذ حوالي 30 سنة من الإصلاحات المعطوبة التي ما أنتجت عموما سوى عقولٍ مثقوبة (7). فمتى نرعوي؟! والله من وراء القصد.

 

بقلم: الدكتور لحسن الكيري – كاتب ومترجم

........................

هوامش البحث:

(1) - عباسي، عبد العالي: إسهامات علماء التربية المسلمين في حقل البيداغوجيا، مقالة مهمة جدا منشورة بموقع تربويات بتاريخ 8 غشت 2015. وهذا رابطها الإلكتروني:             http://www.tarbawiyat.net/news11394.html

(2) - بهجت سكيك، بهيج: الفكر التربوي وتنشئة الأولاد عند المسلمين الأوائل، مقالة منشورة بموقع قصة الإسلام، بتاريخ 05 ماي 2011. وهذار رابطها الإلكتروني:

http://www.islamstory.com/- %D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9- %D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85- %D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AF- %D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86- %D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%84&page=1

(3) - الكيري، لحسن: مدخل إلى بيداغوجيا الفلاقة، مقالة منشورة على موقع ثقافات بتاريخ 13/07/2016 وهذا رابطها الإلكتروني:             http://thaqafat.com/2016/07/32129/

(4) - حلايقة، غادة: أهمية دراسة الفكر التربوي، مقالة منشورة بتاريخ 05 يوليوز 2015 بموقع "موضوع". وهذا رابطها الإلكتروني:

(5) - الكيري، لحسن: الإصلاحات المعطوبة والعقول المثقوبة، مقالة منشورة بموقع أبناء آيير الجميلة وذلك بتاريخ 02/10/2015. وهذا رابطها الإلكتروني: http://les- ayiriens.over- blog.com/2015/10/560ec078- ab2e.html

(6) - لغلى، بوزيد: الفكر التربوي التراثي: الخطيب البغدادي أنموذجا، منشورات نادي تراث الإمارات، الطبعة الأولى، سنة 2012.

(7) - الكيري، لحسن:Funciones de la traducción en la didáctica de las lenguas extranjeras: el caso del árabe para los hispanófonos.، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في ديداكتيك اللغات مرقونة بكلية آداب الرباط ومناقشة بتاريخ 15 أبريل 2016. أشرف عليها الدكتور عبد اللطيف الإمامي ونال عليها الباحث درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا. ينظر تعريف التربية في الفصل الأول من القسم الثاني المخصص للوضع الراهن للغة العربية للأجانب. الصفحة 134.

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم