صحيفة المثقف

الإسلاميون" يحنون إلى عودة الفيس FIS لبناء الوحدة الإسلامية

تصريحات  النائب لخضر بن خلاف المحسوب على جبهة العدالة والتنمية  التي يتزعمها الشيخ عبد الله جاب الله ومتصدر قائمة الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء بولاية قسنطينة  تطرح عدة تساؤلات، حيث قال أن كل الإنتخابات التي نظمت منذ التسعينيات  في الجزائر مسّها "التزوير" ، وهو ما يثير تخوف الإسلاميين من تكرار سيناروي تشريعيات 1991 ، التي تم فيها الإنقلاب على "جبهة الإنقاذ الإسلامية المحلة (FIS) على حد زعمهم وأن تكون تشريعيات 2017 صورة طبق الأصل لما حدث في تلك الفترة فمن خلال قراءة  تصريحات النائب لخضر بن خلاف في الندوة التي نشطها مؤخرا بمقر حزبه بعاصمة الشرق الجزائري (قسنطينة)  بحضور ممثلي الأحزاب المتحالفة  وهي (حركة النهضة وحركة البناء الوطني)  والتي كشف فيها عن وجود مساعي لتوسيع هذا المولود السياسي الجديد والذي سمُّوه بـ:  "الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء" مع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية على غرار حركة مجتمع السلم، وجبهة التغيير، وأن الحوار في هذا الشأن جارٍ مع هذه الأحزاب، وسيتأكد دلك بعد التشريعيات، وهذا ما يؤكد أن الأحزاب الإسلامية في الجزائر أيقنت بأن التشتت والتفرقة لن تخدم مشروعها في بناء الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية ، ومن ثمّ، بات الإستغناء على النظام الجمهوري  الديمقراطي أكثر من ضروري، وأنه لو اجتمعت أصوات الإسلاميين في صوت واحد ، ووقفوا صفا واحدا بإمكانهم من القضاء على النظام الحالي القائم في البلاد والتي وصفوه  بالدكتاتوري،  كما يفهم من خلال تصريحات النائب بن خلاف أن الأحزاب الإسلامية في الجزائر ما تزال تعيش حلم العودة ، أي عودة "الفيس"  كشريك سياسي ، ليكون لها سندًا في تحقيق مشروعها.

و يتضح من خلال هذه التصريحات أن الأحزاب الإسلامية تحاول إخفاء ما تطمح إليه ، بحيث ترى أن توحيد صفوفها بغية البحث عن حلول للمشاكل المطروحة وإيجاد مخرج للأزمة التي تتخبط فيها البلاد جراء التهديدات التي تحيط بها في الداخل والخارج ، بسبب انتشار الطائفية والعمليات الإرهابية التي تعمل على ضرب استقرار البلاد وأمنها، السؤال الذي نطرحه نحن هو حتى لو توحدت كل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في تكتل واحد هو "الإتحاد" ، لا نشك أن هذا الأخير سيدوم لأنه ستخلق  صراعات داخلية  حول من يترأس الإتحاد، ولا نظن أن الشيخ جاب الله مثلا سيقبل أن يترأس الإتحاد شخص من داخل النهضة، والجميع يعرف خلفيات الطلاق السياسي بين الشيخ عبد الله جاب الله وحركة النهضة، التي كان هو مؤسسها، ثم سُرٍق منه المشروع، ولم يكن له خيار إلا أن يؤسس جبهة العدالة والتنمية مرورا بحركة الإصلاح الوطني التي كان هو مؤسسها أيضا قبل أن يحدث الإنقلاب عليه، كما أن برنامج الأحزاب الإسلامية تختلف ، كلٌّ ورؤيته الخاصة، فكيف سيجمع الإتحاد شمل هذه الأحزاب في حالة توسعه مستقبلا؟

لقد عرفت مجتمعات الدول العربية اتساعا لظاهرة العنف والتطرف والعمليات الإرهابية منذ بداية التسعينيات، كانت الجزائر في مقدمتها فيما اصطلح عليه بالعشرية السوداء، وكانت تختلف عما حدث في مرحلة السبعينيات والثمانينيات عرفت فيها رقعة العنف مظهرا أكثر خطورة نظرا للفراغ السياسي والتدهور الإقتصادي ، كانت لغة الرصاص هي القانون بعد ظهور حركة مصطفى بويعلي الإسلامية، عاشت فيها حكومة قاصدي مرباح مرحلة هشة جدا، حيث وجهت أصابع الإتهام الى حزب عباسي مدني ، وحملته مسؤولية ما وقع من أحداث وجرائم،  أمام التصريحات الخطيرة التي أدلى بعا زعيم الفيس آنذاك والذي قال أن قوانين نابليون تتحكم في الجزائريين، ثم إعلان الفيس عن " الجهاد" ، في وقت ذهبت بعض المصادر إلى أن ما حدث في تلك المرحلة كان مخطط دبرته المخابرات، ليس من الضروري العودة إلى الوراء، لكن السؤال الذي يلح على الطرح، هو لماذا عاد نائب جبهة العدالة والتنمية إلى انتخابات 1991، في وقت يرغب فيه الجزائريين طي صفحة العنف، وهم يعيشون المصالحة الوطنية التي حققتها الجزائر، والتي أصبحت "مرجعية " للشعوب التي عاشت العنف والإرهاب؟

هل يمكن القول أن هذه التصريحات عبارة عن "تهديدات" رفعها الإسلاميون في الجزائر في حالة أن تؤول أغلبية الأصوات لصالح أحزاب السلطة؟، وإغراق الجزائريين في بحر من الدم من جديد؟، ثم أن تخوف متصدر قائمة "التحالف من أجل النهضة والعدالة والبناء"  من وقع تزوير في الإنتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 04 ماي 2017 ، سابق لأوانه، لأن الوضع في الجزائر يختلف عما عاشته في السنوات السابقة، بحكم التحديات التي تنتظرها في استتباب الأمن وكسر شوكة "الإرهاب" ، وإن كانت الأحزاب الإسلامية  تشكك مسبقا في نزاهة الإنتخابات القادمة، كان عليها أن تعلن مقاطعتها ، ويكون لها موقف مسبق من العملية الإنتخابية مثلما ذهب حزب طلائع الجزائريين الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس والذي كان أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني قبل أن ينفصل عنه نهائيا،  كان رد بن خلاف  على سؤالنا أن "المقاطعة" موقف ديمقراطي سياسي وجب أن يُحْتَرَمْ، وأن مقاطعة الإنتخابات تكون ناجحة عندما تكون جماعية وباتفاق الطبقة السياسية، وأن دخول الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء هذه المعركة هو من أجل بناء برلمان حقيقي، وذهب إلى حد القول أن الدكتاتورية داخل البرلمان الحالي حرمت المعارضة من التسيير النيابي.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم