صحيفة المثقف

رأي الامام علي في الشعر

هناك تعريف مهم  للشعر من قبل الامام علي ع  واراء نقدية تجاوزت زمنها الى زمننا الحالي وفق مفهوم الاتباع والحداثة. او المعاصرة فالشعر هو  ميزان القول. الشعر ميزان القوم.

الميزان، مقياس، وهو اقرب الى العلم، مادام الشعر مقياس  الكلام فمهمته حفظ التوازن الفكري والتاريخي للأمة، هذا ومن ناحية، من ناحية اخرى، هو مقياس القوم ايضا. ان الفرد يعرف تاريخه وتراثه وحضارته وتقاليد اجداده وعاداتهم وطراز عيشهم عن طريق الشعر، اما اذا أراد اي احد ان يكون شاعرا فعليه في البدء ان يحفظ القران اولا وهي النصيحة التي وجهها الى الفرزدق عندما كان صغيرا.

اما مسالة اشعر الشعراء فان الامام علي ع عالجها وفق شرطين: الاول ان يعيش  الشعراء الذين تجري المفاضلة بينهم في زمان واحد، والثاني ان تجري المفاضلة بينهم في موضوع واحد يطرقونه: " لو ان الشعراء المتقدمين ضمهم زمان واحد ونصبت لهم راية فجروا معا علمنا من السابق منهم، وإذا لم يكن فالذي لم يقل لرغبة ولا رهبة : امرؤ القيس" لقد كانت مسالة اشعر الشعراء تشغل بال العرب اذ اثرت كل قبيلة ان يكون ذلك الشاعر منها، السؤال نفسه وجه ذات مرة الى عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة فاختار عمر مرة أمرؤ القيس ومرة اخرى زهيرا او غيره حسب المواقف. هذه المسالة حسمها الامام علي ع  وحددها بالزمان والموضوع  فليس هناك شاعر لكل الازمنة لان المجتمعات تختلف مع التطور وليس هناك شاعر عام لان المواضيع كثيرة . يروي صاحب الأغاني : اقبل علي على الناس فقال كل شعرائكم محسن ولو جمعهم زمان واحد وغاية واحدة، ومذهب واحد في القول لعلمنا ايهم اسبق وكلهم قد اصاب الذي أراد وأحسن فيه.وفي ذلك القول إشارة الى الإتيان بمعان جديدة في موضوع واحد، فلا يمكن ان نقول عمر بن ربيعة اشعر الشعراء في الغزل  نعم ذلك ممكن في زمانه ولا جرير اشعر الشعراء فقد يكون هذا الكلام في زمانه اما إطلاق الأحكام النقدية من قبل النقاد العرب القدامى ففيه كثير من التعسف والبعد عن الصواب.

ومن المسائل المهمة التي تطرق اليها قضية الوقوف على الاطلال التي كثيرا ما ينتقد عليها شعرنا العربي من قبل بعض المستشرقين  واتهامهم له بكونه شعرا مكانيا، اذ سمع الامام علي ع رجلا من أصحابه وهم مارون بمدائن كسرى يتمثل بقول الأسود بن يعفر:

جرت الرياح على مكان ديارهم   فكأنما كانوا على ميعاد

فقال عليه السلام  فلم لم تقل كما قال الله جل وعز " كم تَرَكُوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين، كذلك أورثناها قوما اخرين" ان البكاء برأي الامام يمثل الجانب السلبي من الحياة، وهناك جوانب كثيرة مشرقة وحيوية يمكن البدء بها، والتعامل معها بدلا من ظواهر ميتة قد تبدو في كثير من الأحيان انها أصبحت عادة مألوفة تثقل الشعر بالمعاني المستهلكة التي امتازت بها ظاهرة الوقوف على الاطلال والبكاء على الديار المهجورة.

 

عدنان المشيمش

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم