صحيفة المثقف

الشرطي في خدمة المواطن؟

الحركات الإحتجاجية التي تنظم هنا وهناك من قبل المواطنين الذين طالما نددوا بالظلم والتهميش وهم يطالبون بحقوقهم المشروعة،  ولم يجدوا من سبيل للتعبير عن غضبهم سوى الخروج إلى الشارع وغلق الطرقات في حركة احتجاجية "سلمية"، خاصة في ما تعلق بالسكن، مثلما حدث اليوم بعاصمة الشرق قسنطينة، عندما خرج سكان حي "القصبة"  بوسط المدينة إلى الشارع وأغلقوا الطريق المؤدي إلى المستشفى الجامعي في حركة احتجاجية سلمية، اعتمدوا على أصواتهم فقط في تبليغ رسالتهم للمسؤولين والمنتخبين، واتسمت بمشادات بين المعتصمين وأعوان الأمن الذين كانوا مدعمين بفرقة مكافحة الشغب، هذه المطالب وغيرها نصت عليها منظمات حقوق الإنسان العالمية، التي صادقت عليها الجزائر، وأكدت على التزامها بكل المواثيق الدولية التي أقرت بضرورة حماية المواطن من تعرضه لكل أنواع الممارسات التعسفية، وجندت في ذلك رجال الأمن لحفظ النظام والممتلكات العمومية من كل تخريب في حالة وجود حركة احتجاجية اتسمت بالعنف..

والجميع يعلم أن الشرطة الجزائرية اعتادت وهي تحتفل باليوم العربي للشرطة  أو تنظم أبوابا مفتوحة  رفع شعار: " الشرطة في خدمة المواطن"، كما أن المبادرات التي تقوم بها الشرطة الجزائرية في حملاتها التحسيسية لحماية الأطفال من حوادث المرور، وملاحقة المجرمين، جعل العائلة الجزائرية تثمن دور الشرطي ، وقادها الأمر إلى أن تدفع بأبنائها للإنخراط في صفوف الأمن ، وخوض المغامرة من أجل هذا الوطن،  نعم ..، عمل إنساني عندما يمسك الشرطي  بأيدي الأطفال المتمدرسين وبكبار السن والمعاقين ليقطع بهم الطريق أو الشارع إلى الجهة المقابلة ليصلوا إلى بر الأمان، أو أن يقوم وفد من رجال الشرطة بزيارة المرضى داخل المستشفيات وتقديم باقات الزهور والهدايا لهم، أو تحسيس أصحاب المركبات  وتحذيرهم من التهور والسرعة حفاظا على سلامتهم، أو توزيع وجبات الإفطار على الصائمين من عابري السبيل، دون أن ننسى حملات التطوع بالدم لصالح المرضى.

لكن أن يتحول عون الأمن إلى وسيلة قمع لإسكات صوت المواطن في التعبير عن مشاكله وإيصال صوته للسلطات العليا، طالما السلطات المحلية وضعت بينها وبين المواطن حدودا، وأغلقت أبواب الحوار مع المواطن الذي لا يملك المال والنفوذ لحل مشاكله،  وكلما تسمع بوجود حركة احتجاجية نجدها تحتمي  برجال البذلة الزرقاء بحجة الحفاظ على الأمن، وهي في الحقيقة تخشى أن يصل صوت المواطن إلى المسؤولين الكبار ويكتشفون تلاعب البعض في توزيع السكنات والوظائف ومنح المحلات وكيف تُدَارُ المشاريع والصفقات العمومية، لقد طالت الممارسات القمعية ممثلي وسائل الإعلام الذين وجدوا أنفسهم محاصرون وهم يؤدون مهامهم، من خلال تحويلهم على مقرات الأمن، والتحقيق معهم، أين يتعرضون للضغوطات واللعب على الأعصاب ( ما اسمك؟، كم عمرك؟ ، عنوانك؟ ، اسم أبيك واسم أمك؟اسم المؤسسة التي تعمل فيها؟ ) وتدون هذه المعلومات في محضر، قبل أن يخلوا سبيل الصحفي، وكأنه ارتكب جريمة في حق هذا الوطن، وفي مثل هذه الحالات يضطر الصحفي إلى الإتصال بمدير المؤسسة الإعلامية أو بالزملاء النقابيين من أجل إخطارهم بما حدث..

والسؤال الذي وجب أن يطرح اليوم هو : " هل يعلم المسؤول الأول على الأمن بالولاية وحتى المدير العام للأمن الوطني بما يقدم عليه بعض أعوان الأمن (نقول بعضهم حتى لا نعمم) وهم يمارسون القمع  في حق المواطن الذي طالب بحقوقه بطريقة سلمية، هذا المواطن الذي لم يحمل في يده أداة قمع من حجارة أو عصيّ، طبعا كلنا ضد العنف ولا نقف مع الذين يعمدون إلى وسائل التخريب وإبرام النيران عن طريق حرق العجلات المطاطية، وإحداث الفوضى ، فهي لا تعتبر حلولا، بل قد تفتح جبهة أخرى، كون بعض الشواذ والمنحرفين يجدون في الحركات الإحتجاجية وسيلة للتخريب والسرقات وزرع البلبلة، فبعض أعوان الأمن استغلوا  بذلتهم الزرقاء لفرض سلطتهم على المواطنين  وتخويفهم، بحيث يعمدون إلى زرع في قلوبهم الرعب، وأحيانا يدفعون المواطن إلى "التمرّد"، عندما يتجاوزون الخطوط الحمراء، وهم الذين أدوا "اليمين" وأقسموا يوم تخرجهم من مدرسة الشرطة بأن يحافظوا على سلامة وأمن المواطن، خاصة  في هذه الفترة بالذات والجزائر  تستعد لخوض معركة الإنتخابات، وردود أفعال الشرطة بهذا الأسلوب العنيف قد يزيد من عزوف المواطن عن التصويت والذهاب إلى مراكز الإقتراع، لا أحد طبعا يشك الضغوطات التي تقع على عون الأمن وهو يتابع المجرمين والتهديدات التي تواجهه أحيانا، إنه لدور عظيم، لو فهم الشرطي إن العمل الذي يقوم مقدس لو أحسن تطبيقه.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم