صحيفة المثقف

كان همسًا فجثا..!!

هل نرى المارد فينا يستكين

حيث تنتاب جنون العابرين

 

كان همسًا فجثا..!! / جودت العاني

 

كانَ لا ينفك عني ،

يقتحمني..

يتهادى ، يتمادى

ويقيم الليل من أجلي يصلي

في رحابي

لآ يَقُلْ لي..

أنتَ ، مَنْ أنتَ لكي تجتاح

هذا الكون من بعدي ، أجبني..؟

ثم يهوي فوق رأسي

حزمة ثكلى

وأخرى تتحاشى

ذلك المقموع في الوادي يغني..!

*  *

كان يغفو

وذراعي لا تكل ، لا تمل

تتسامى

كلما هبت نسيماتٌ

أراها من بعيد..

تتهادى قانيات في دهاليز الوريد..

وأرى فيها نذورًا وشموخًا

لا يحيد..

ثم يدنو من شغافي يتحدى من جديد..

يرتجيني..

أينما كنت

وفي أي زمان تتعالى

غيمة  ترنو

يراني ، أجمع الهمَ بأوراقي

وأحبو ،

أرشف الحب بأحداقي

وأجثو ،

أينما أجلس في صحوي وصخبي

في رحاب الساحل المفتوح

أو بين أفياء الحديقة..

أجمع الأزهار من رحم الهوى

أنثر العطر من جوف الحقيقة..

أسمع الأطيار تشدو

وتحاكي الفجر

عند الفسحة الخضراء تعلوها

شجيرات تعالت في رحابي..

ينزل الوحي كلآمًا

وهيامًا

وسلاما

يتخطاني بريقه..

*  *

كانَ لا ينفكُ يبقيني

على همسي وظني

يحتسي الدمع

فيبدو عالقًا بين إخضرار السفح

والصحراء

ومد الساحل المهجور

لا يسمع للنورس لحنًا

ولحون الموج لآحت تصطفيني..

علها تمخر بعدي

حيث لملمت سهادي وشجوني..

*  *

كان يمضي

يستثير الحلم في تلك الحوارات الصغار

لم يرَ  في زحمة الرؤيا

ولا حتى أراني

أقتفي النجم منثورًا

على لوح السموات القفار..

يتسائلني ، علامَ  و علامَ  وعلامَ ؟

كيف تحصي الهم والوهم علاما..؟

كيف تمضي في رحاب

الصخب القابع لا تلوي مداما..؟

وتراهم يقتلون الحبَ

ولا يبقون في الأفق سلاما..؟

كيف لا تلعق ذاك الدمع

مدرارًا

كأن النبع قد جفَ

وما عادتْ شحاريرُ الهوى تشدو

تناجيني

وأنا أشتاق أن أبقى أناجي

 الحب والأرض وأهلي

كركرات ، قهقهات ، ضحكات

تتعاطاني صباحًا ومساء..

لم تزل تهبط من عليائها

غيمة من دون ماء..

ويظل السائل القاني

في مجراي يبدو

صارخًا ، ثم يسيح

تحت أوجاع الوريد..

فيقولون ها نحن غطسنا

من يريد العوم في الذل

فقولوا من يريد..؟

هل نرى المارد فينا يستكين

حيث تنتاب جنون العابرين

رعشة حبلى بأشكال الحنين

هل ترون الفجر مشنوقًا

بأهداب الرجال القانطين..؟!

*  *  *

 

د. جودت العاني

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم