صحيفة المثقف

هل كانت قندرة الباشا شيعية أم سنية؟

العمل السياسي: يرتكز العمل السياسي في العالم الغربي على خلق عداء لقضية ما ويطالب السياسي جمهوره بالوقوف بوجه من يدعم هذه القضية. الشرط الاساسي في العمل هو

" أن تكون دوافع هذا العمل وتضارب الآراء فيه يصب في مصلحة الوطن عموما" ولتوحيد الرأي العام حول مفهوم المصلحة العامة وكذلك لتوحيد فكر الشعب حول مفهوم المواطنة والوطن.

للحصول على التأييد الجماهيري يشترط ان يكون لهذه القضية عدد كبير إما من المناصرين أو المعارضين، وإن لم يكونوا موجودين فعلى السياسي تحريك الشارع لخلقهم وفق الادوات الديمقراطية المباحة.

و لا يسمح القانون بشخصنة العداء، في حالة تحويل العداء الى موضوع شخصي ، ويتبعه تصارييح نارية تنال من شخص الطرف الآخر أو مجموعته كما يحدث في العراق، ينتهي الأمر بقضية جنائية تسمى بالقذف والتشهير.

بعد نظر الباشا رحمة الله أنقذ العراق. عندما كان يطالب بالاستقلال وطرد الاحتلال البريطاني كان يقول ببساطة هذا الأمر سيعرض العراق للتجزئة والمخاطر. ولم يرفع يوما خطابا تحريضيا للحصول على الدعم الجماهيري، بالرغم أن كثير من الشعارات العادية له كانت تحمل اسمه.

إن تفسير سياسي الموصل لما يجري على أرضها على انه صراع فئوي هو تهرب من اخفاقهم بوحدة الصف، لذلك ارتكزوا على مفهوم الفئوية والدفاع عن الفئة على حساب الوطن الواحد، والبحث عن استقلالية في مناطق معينة كأمراء حرب يطالبون بالغنائم بعد النصر، غير آبهين لما يجري من تجزئة للمنطقة وللشعب نتيجة سلوكياتهم.

خطابات التحريض الرائجة والموجهة الى فئة معينة هي ما طبل لها السياسيين العراقيين وزمروا لها خلال حفلات مراهقاتهم السياسية في داخل المنطقة الخضراء وخارجها وأصبح التحريض هو السمة الاساسية لكل خطاب وبرنامج سياسي ليتحول الى وباء مرضي لم تسلم منه أي فئة.

رب سائل يسأل كيف تصرف رجال الحكم الملكي تجاه شعار " نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانة " . أجيب علينا أن نحلل سلوك نوري السعيد تجاه هذه الاهزوجة والتي كان يطالب دائما بترديدها، حتى ابنه صباح كان يرددها في الاماكن العامة، كأشارة واضحة للمجتمع من الباشا (نوري السعيد ليس شخص وهذا الكلام موجه تجاه المنصب). وهذا ما فشل به السياسيين العراقيين لأنهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية والفئوية والمذهبية وبعدها يتذكرون المصلحة العراقية.

السيد تشرشل ابن القرن الماضي خصمها ووضع النقاط على الحروف

"في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك مصالح دائمة"

ربطُ المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو فن السياسي المحترف ومعظم السياسيين العراقيين ما زالوا هواة يلعبون لعبة القاضي والجلاد في دهاليز البرلمان العراقي، ويصدرون لنا السموم من المنطقة لخضراء، فتسممت الافكار العراقية على كافة الاصعدة ولم يعد السياسي مهتم بوحدة الصف العراقي، وليس مهتما بربط المصالح الاقتصادية بين المحافظات والاقضية والنواحي بالرغم من أن الشعب ينزف دما لأجل وحدته وأكبر دليل هو الدم الذي يسقي الموصل والتبرعات الموزعة في الموصل.. هذا الخطاب الفئوي قسم أهالي الموصل، أصبح لدينا أهل الداخل وأهل الخارج. يذكرونني بفلسطيني الداخل والخارج أو فلسطيني الـ 48 .. ونحن مواصلة 2014 .. هذا على النطاق الاجتماعي أما على المستوى السياسي فعندنا أحزاب الحكومة المركزية وأحزاب تركيا وأحزاب ايران .. كل هذا هذا التشرذم والسياسيين مستمرين بنتفتيتنا.

واقعنا

الغريب في الأمر أن سموم المنطقة الخضراء عابرة للقارات، يبحث العراقيين في داخل العراق عن ما يوحدهم ويبحث المهجر عن ما يفرقهم.

لو خرجنا اليوم بمظاهرة اليوم ورددنا شعار المظاهرات القديم (نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانة) لطرح كثير من عراقي المهجر سؤالا موحدا هل القندرة شيعية أم سنية؟

 إذا كنت تعتقد أنني مبالغ في حديثي فسأترك هذه الحادثة تتحدث عن واقعنا.

في حفل توقيع ديوان شعري اسمه (وجه القمر) يتحدث عن المرأة والحب والجمال، لشاعر رائع اسمه عقيل الساعدي أتحفنا بمشاهد حب مترع، وبعد الاستراحة فتح باب النقاش،

أذكر بعضا من الاسئلة التي استوقفتني

- لماذا لا تكتب عن الطائفية؟ وهي موضوع الساعة ومشكلة العصر؟

- لماذا لا تكتب عن الجيش والحشد الشعبي؟

- لماذا لا تكتب عن الاختلافات السياسية؟

كان جواب الشاعر واضحا وصريحا " لكل موضوع ديوانه ، عندي دواوين مختلفة"

ثم بادر أحد الحاضرين بطرح السؤال الرابع وبصوت جهوري، وكأنه قد أمسك بنقطة مهمة لم يلتفت اليها أحد، وكان سؤاله:

- ألم تعني بأسم الكتاب الى رمزية جمال الأمام علي، لأن أحد القابه وجه القمر.

أجاب الشاعر جوابا لا يحتمل اللبس ولا التأويل. قال له

- لا أنا لم أفكر بالأمر ولكن عندي قصائد في مدح الأمام الحسين وفي آل البيت الكرام.

لم يتوقف السيد عن النقاش، سأله ثانية.

- لا، أنا أعني، ألم تقصد ذلك في عقلك الاواعي أو في عقلك الباطن هذا الشئ؟

بالمناسبة أرجو ملاحظة هذا البيت من قصيدة وجه القمر

رحماك ربي بقلبي غيرة نشبت كأن كل الورى في عشقها أمروا

لم يكتم الصبر آهاتي لفاتنة للحسن قد لمعت في عينها درر

القصيدة الثانية اسمها الصبر قام الشاعر بتعتيق الحسن والمفاتن وأسقى جمهوره من ذلك المعتق، فثمل الحضور وفيها البيت التالي

في ثغرها قبلة بالخمر قد مزجت فكيف عن كأسها المفتون أعتذر.

و للحديث بقية

حفل التوقيع هذا لم يكن في الجبايش ولا في سوق الشيوخ، بلف في اقصى شمال الارض، في النرويج في قاعة الدورادو في قلب العاصمة أوسلو. كنت أفكر في أن شهادة الامام علي وابنه الحسين سلام الله عليهما، هل كانت لأجل التوفيق أم لاجل التفريق؟

العدوى

يبدو أنني لم أفهم رسالة الإمام علي ولا رسالة سبط النبي، كنت أعتقد أنهما استشهدا للتوفيق في شأن الأمة وليس تفريقها، على ما يبدو أنني قد فهمت الموضوع بالخطأ.. وإلا لماذا أتباعهما يستوردون أفكار الفتنة والتفريق الى بلد من أكثر البلدان رقيا ويعمل على الاندماج والمساواة... والله لم أعد افقه شيئا..

أنا بحاجة لمن يجيب على سؤالي

- بروح ابوك جاوبني.. أكتبها لي على الخاص.. هل كانت قندرة الباشا شيعية أم سنية؟

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم