صحيفة المثقف

هل جسدت نظرية الأحتواء فشل العملية السياسية في العراق؟

ان القراءة الموجزة للحقائق قد تشير الى النهاية المحتومة للذين اتخذوا نظرية أحتواء الشعب بالمال والسلطة طريقاً للبقاء في حكم الدولة في العراق الجديد، وما دروا ان هذه النظرية قد فشلت في دولة الدكتاتورية السابقة، وفشلت في السلطة اللاحقة، واليوم مصيرهم الهلاك الأكيد .

ان مفهوم احتواء السلطة واخضاع الشعب لها، هو من المفاهيم غير الدقيقة، وغير المتقنة لأرساء الاسس الاستراتيجية الراسخة في تحقيق العدالة بين الناس. فالتغيير ما جاء لهم بل لكل العراق والعراقيين على ما كانوا يدعون، واهمون ان اعتقدوا أنهم هم الاسياد والشعب يخضع لقانون العبيد .فالعراق تاريخه تاريخ تليد.

ان نظرية الاحتواء والممارسة اليوم من السلطات الثلاث الخارجة هي أصلاً على الدستور في المادة 18 رابعا، ما هو الا أغتصاب للسطة برئاسات ليس لها شرعية في حكم الدولة .لذاعلى الولايات المتحدة الامريكية راعية التغيير ان تزيحهم من على صدرالعراقيين، والا ستبقى هي مدانة أمام التاريخ.، هذا التمرد على الشعب وحقوقه، ما هو الا نتيجة فقدان السيطرة على ما يمكن للخصم ان يفعله بالمقابل لنيل الحقوق المغتصبة، وهذا أمر مُحزن ومرفوض..

ان مفهوم الاحتواء يمكن ان ينجح في احتواء الذات ليس الا، اما الخيارات الاخرى المضادة تبقى مفتوحة للخصوم لنيل الحقوق. .

ان استمرار التحدي والتحدي المضاد ما هو الا نتيجة لأدراك المواطن لحقوقه المغتصبة اليوم من قبل الحاكم، بعد ان ادرك المواطن العراقي بقناعة ان الحاكم الجديد بعد 2003 جاء مشاركاً لمن خطط لمحو العراق وتدميره وأقتلاعه من الوجود.

على قادة الحركة الوطنية ان تضع مشكلة الانسان العراقي والوطن وأحواله وماضيه وحاضره ومستقبله موضع درس عميق، وتطلق العنان للفكر في بحث الاشكاليات الحالية، وكل ما قامت به الانسانية في مثل هذه الحالة التي يمر بها الشعب العراقي اليوم من حكامه المعادين له، والذين شاركوا بقوة الاعداء الحقيقيين، وما خططوا له من تمزيق الدولة، وتفجير الكراهية، وقتل ذاكرتها الجماعية، ونهب أموالها،  ولا يتم لهم ذلك حسب أعتقادهم، الا بهدم النظام الاجتماعي، وأنقلاب المقاييس، واحلال التناقضات التي تنهي منظومة قيم التضامن الأخلاقية بينهم لصالح النقيض .

 لكن يبدو ان الحكام الجدد لم يفهموا تاريخ الوطن الا فهماً سلبياً –لأنهم غرباء عنه- لذا كانوا من أكثر الحكام قساوة في التطبيق.وأول هذه المظهرية هي اللا مبالاة لصوت الجماهير، والأستيلاء على المال العام والسلطة، وسقوط الغيرة والكرامة بينهم، ومن تستذل كرامته لاقيمة للأنسان عنده، ففاقد الشيء لا يعطيه معتقدين بتوجهاتهم الخاطئة ان قانون القوة هو البديل.

هذه الصفاة اللا محمودة تعني عندهم الى نفي الصورة الصادقة للمواطنين والأنتهاء بها ونبذها وراء ظهورهم لتؤدي بمرور الزمن الى الجمع بين النقيضين، هضم الحقوق من جهة، والاعلام المزركش ومظهرية الوعود الباطلة من جهة اخرى، لتسكين الجماهير..  في حين ان العقل يحكُم أنه لا يجتمع على صدقٍ نقيضان

تاريخ العراق الحضاري غني بالشخصيات الكريزماتية من آور نمو حتى حمورابي ونرام سن وآشوربانيبال، وعبدالكريم قاسم وأخرين..كلهم تعرضوا لنفس الدور الأجنبي في التدميرنتيجة حكمهم الأنفرادي ولجهلهم للقانون في التقدير.

 ان الأعداء ادركوا من زمن مكانة العراق وشخصياته الكريزماتية، وفكره النير العظيم، لذا كان التخطيط منذ القدم للمجاورين وخاصة العيلاميين، واليوم الأستعماريين، هو ابادة الدولة العراقية مستغلين مشاعر الأغتراب واليأس والكآبة والمشاعر السلبية بين الحاكم والشعب نتيجة نظريات العنف والدكتاتورية التي افقدت الشعب حق تقرير المصير بدولة الحقوق والرفاهية، حتى اصبح الانسان العراقي منذ زمن قديم والى اليوم مرتاباً من أخيه الانسان الاخر نتيجة هذا التخطيط.

 من قراءة تجارب ماضي الشعوب وكيف أنتصرت، وعلى قادة الشعب العراقي الوطنيين، ان يعوا الحقيقة بان التغيير اليوم في العراق لم يأتِ من اجلهم بل من اجل المعادين ومصلحة الاتباع بغض النظر عن التحديد.أنظر التراشق بين رئيس الوزراء والبرلمان اليوم مثالاً وهم الاثنان في دائرة الشك للوطن والمواطنين ..فرصة الرئيس العبادي اليوم ان يصحى قبل فوات الاوان وينهي الآخرين؟

وهذا ليس جديدا بل ورثناه من القديم. وما حصل بالضبط بين جيش العراق على عهد حزب البعث الفاشل في ادارة الدولة وبين المحتلين، وتكررعلى عهد المرافقين الذي ادعوا بجيشهم المجحفل من حزب الدعوة الأفشل والاسلامي المتخلف، وبين القاعدة وداعش الأجرام التي كانت تتبع العكس في التطبيق ..

وببضعة الاف من المرتزقة الدواعش المجرمين استطاعوا قهر الجيش العراقي وهروبه من امامهم –لا نستبعد خيانة القيادة- حتى تم احتلال ثلث العراق بايام وتحاصرت بغداد، ولولا المخابرات الخارجية - صاحبة المصلحة في عدم السقوط - لسقطت المنطقة التعساء ولرمى اتباعها انفسهم في نهردجلة الذي لا يرحم، كما حصل للجيش العباسي على عهد المستعصم وهولاكو.فهل تتكرر الاحداث..التاريخ لا يعيد نفسه لكن الحدث يتشابه ويتكرر بزمن مختلف ومخيف.

الشعب اليوم يواجه المحنة المصيرية برئاسات ثلاث اشرس والعن من داعش عليه، انها مستقتلة في الدفاع عن مصالحها ومصالح من جاء بها، غير منتخبة التي لم تعترف بالقانون والدستور بعد ان أخترقوه، وأخترقوه ثانية بتكوين مجلس نواب منتخب بالمقسم الانتخابي الباطل والتعيين والتبديل، فزجوا فيه كل المتخلفين واصحاب اللا شهادات او الشهادات المزورة، بأعتراف الدكتور هيثم الجبوري النائب في البرلمان نفسه البارحة حين قال ان نصف مجلس النواب لا يملكون شهادة الثانونية العامة، فاين مفوضية الانتخابات التي يدافع عنها سربست مصطفى . نريد استجوابا للمفوضية علنية لنقف على الصحيح .

كلهم دون استثناء من يحصل على مثل هذه الامتيازات غير المعقولة على حساب الشعب لن يتنازل عنها الا بقوة القانون.. (المال السائب يفقد أخلاق الرجال)، ولكن أين لنا منها .. ؟. وهل هم رجال..؟الرجال لا يخونون الشعوب والآوطان، ولنا في سيرة أهل البيت مثالاً؟

لقد أنكروا البارحة زيادات النواب بمليون دينار في وقت ان النازحين يموتون جوعا وتحت قساوة الطقس البارد، لكنهم اعترفوا البارحة في برنامج بصراحة بها، فهل الكاذب يستحق امانة التمثيل عن المواطنين؟

ان الذين يروجون لنظرية الاحتواء في العراق اليوم يقعون بنفس الاشكالية، بعد ان حاصرهم القانون واصبحوا سجناء المنطقة الخضراء التي انشأها لهم بريمر سيء الصيت والمنكفىء اليوم على نفسه في فلوريدا التماسيح، ندما للخطأ الذي مارسه بحق الشعب العراقي، لكن الندم لا ينفع على فراش الموت الظالمين .

الافضل لهم او على الاقل من بقي لدية ذرة من قيم وطنية ان يخرج ليعلن للشعب كل الذي حدث ويحدث، والمؤامرة الداخلية والخارجية التي اعدت لقتل الوطن والشعب لحسابهم والمجاورين، وتقف ما سمي بالمعارضة الباطلة في المقدمة . بعد ان مات بطلها الناكر لقيم الوطن، ورئيس تحرير جريدة المؤتمر، وكل المرافقين لهذه الجريمة النكراء التي سوف لن يبرأهم التاريخ منها ابداً بعد ان اصبحوا هم وابو رغال خائن مكة مع الاحباش في المسئولية التاريخية ...سواء.

 وسيعلم الذين يعملون بنظرية الاحتواء للشعب العراقي أنهم واقعون بنفس نظرية الاستسلام التي وقع بها العباسيون على عهد المغول.

على الشعب العراقي المظلوم ان يعتمد على نفسه فالحمل لا يحمله الا اهله المخلصون، فالركض وراء رجال الدين من المشاركين في جريمة الاحتلال، وكل من ساهم في الاحتلال والتدميركمن يركض وراء سراب يظنه ماءً.

انا واثق سوف تنهك قوى الشر من جراء التقاتل فيما بينها على السلطة والمكاسب والمال وقتل الآلاف من العراقيين ليتحقق لهم شرط تمزيق الدولة ومستقبل المواطنين وهو احدى شروط القبول ليكونوا حكاما عليه قبل التغيير...لكنهم سيموتون غير مأسوف عليهم ويبقى الوطن والشعب ...وأمامكم اليوم كوريا وهولندا وتجارب الشعوب ...هل ستعملون ؟

نعم سيسقطون غداً ... هكذا علمنا التاريخ ...؟

 

د. عبد الجبار العبيدي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم