صحيفة المثقف

العراق ضحية دول الخليج

alimohamad alyousifلو نظرنا خلفية الوضع السياسي العراقي في الايام التي تلت سقوط نظام صدام 2003،واستلام مزدوجي الجنسية من لملوم ما سمي حينها المقاومة الوطنية خارج العراق الحكم، نجوم  النضال المغترب،الذين فتحت شهيتهم للسرقة ونهب خيرات البلاد بعد اسقاط الامريكان نظام صدام حسين. دخلوا يسيرون خلف دبابات الاحتلال كلابا مسعورة بالفساد وتدمير العراق وقادوه الى الحضيض،حتى اشهر العراق افلاسه على رؤوس الاشهاد منذ عام 2014 ولحد الان. عراق بلاد مابين النهرين العظيم ....اقعده هؤلاء الخونة اللصوص من السياسيين على الحديدة .وتوالت الايام وخرج الامريكان من العراق 2011،وتنامى نفوذ الارهاب الاسلامي المتطرف الذي هو صنيعة سعودية-امريكية قبل ان ينقلب السحر على الساحر.وانتشر كالسرطان في العراق وسوريا وتونس ومصر الى اخر القائمة عربيا،وانتشاره عالميا ايضا .

هذه الخلفية السياسية وغيرها كثير،توجب علينا البحث عن اسباب العداء الخليجي للعراق قبل وبعد صدام، تتقدمهم السعودية وقطر والامارات وتوابعهم .محور المذهب الطائفي السني في المنطقة العربية الذي انضمت له تركيا اتاتورك العلمانية، التي حولها اردوغان دولة نصرة الاسلام السني في ارسال الجيوش المسلحة والتدخل الداخلي السافر في شؤون العراق وسوريا بذريعة مكافحتها هي الاخرى للارهاب المقصود به حزب PKK،  وليس الارهاب الاسلامي الذي احتضنه اردوغان في حواضنه،وكانت تركيا بوابة تصديره لتدمير سوريا والعراق   واقطار عربية اخرى.

ما سر هذا العداء الخليجي المستحكم للعراق !؟ اليس الخليجيون جيران ايران،كما هو حال العراق !؟ الا يكفي حرب ثمان سنوات بين العراق وايران لتنتهي خرافة واكذوبة العراق البوابة الشرقية للوطن العربي،وكانما العراق اصبح وسيلة حربية كلما احتدم السعار السياسي الجنوني بين السعودية وايران،يخرج من ينبري من الخليجيين تذكير العراق بأسلامه وعروبته، ودوره التاريخي حامي الحمى للعرب ودول المنطقة .هذا الشحن الطائفي استهدف العراق بالصميم قبل غيره من دول المنطقة، وكان سبب كوارثه ومصائبه،التي افادت منه دول الخليج على حساب تدمير العراق. العراق اليوم اصبح حسب فهمهم تابعا ذليلا لايران لمجرد رفضه،وافتضاح لعبة واكذوبة انه البوابة الشرقية للوطن العربي، بمعنى حامل راية الحروب ضد ايران بدوافع طائفية سياسية،لحماية امن الخليج وثرواته، في كل مرة ترغب السعودية وقطر والامارات تسوية بعض حساباتها مع ايران.

حين جعل صدام  شعار العراق البوابة الشرقية للوطن العربي ودول الخليج تحديدا موضع التطبيق والتنفيذ، ودخل في حرب مدمرة مع ايران تعادل مدة جمع زمني الحربين العالميتين ثمان سنوات،خرج العراق منتصرا عسكريا فقط مدمرا اقتصاديا ولم تتحرك نخوة وغيرة الخليجيين على العراق في رد الجميل ،ابسط جميل في دعوة العراق المفلس ماليا واقتصاديا الانضمام كعضو في مجلس التعاون الخليجي،او وهو اضعف الايمان اطفاء مديونية العراق لدول الخليج جراء حربه مع ايران. وعندما رأى صدام ان تضحيات العراق ذهبت ادراج الرياح ومن اجل لاشئ،قرر دخول الكويت لمعالجة الامور وتصفية الحسابات مع جاحدي نعمة تضحية العراقيين .فألبت السعودية ضده جيوش 33 دولة عربية واجنبية يتقدمها الجيش الامريكي وفتحت خزائن التمويل على مصراعيها من اجل اخراج صدام من الكويت،وكأنما صدام غزو الكويت،لم يكن هو نفسه صدام الحرب مع ايران، ولم يشفع له ما قام به من صنيع تاريخي لبلدان الخليج .

اليوم اسطوانة الطائفية المذهبية تلعب تدميرا بالعراق وغير العراق من الاقطار العربية،وهي صنيعة سعودية (خليجية) –ايرانية مشتركة، ورحاها تدوس وتسحق وتدمر من الدول العربية بالنيابة عن هذين القطبين المتصارعين .

الطائفية المذهبية كانت على رأس جميع الاسباب والعوامل التي اعطت الارهاب زخما ودعما، يتقدم جميع عوامل الاعاقة والتردي والتدمير الاخرى التي حصلت للعراق.

هناك حقيقة بسيطة يتداولها العراقيون انهم لايذكرون منذ عشرينات القرن الماضي تاريخ تشكيل الحكومة العراقية،صراعا طائفيا بين سني وشيعي يرقى لمستوى التصفية بالسلاح،ولم يكن التفريق بين المذهبين يصل لعدم جواز المصاهرة والزواج بينهما .اذن ظاهرة التمذهب الطائفي المركبة دينيا –سياسيا-اجتماعيا لم تكن جذورها ولا ارض استنباتها ارض العراق، بل انبعثت جذوتها واشتد سعارها البغيض بعامل التناحر الطائفي السعودي-الايراني،خاصة بعد نجاح الثورة التي اطاحت بالشاه شباط 1979 .وهذا التناحر كانت تغذيته مستمرة ورعايته امريكية-اسرائلية في الانحياز لاحد طرفي النزاع. كانت دول الخليج سابقا –والآن اللطم والنواح على عروبة العراق الضائعة، واسلامه السني المضطهد – تنظر للعراق وحكم السنة فيه، ان العراق البوابة الشرقية للوطن العربي،وضع موضع التطبيق في الحرب مع ايران كما اسلفنا سابقا، خرج العراق يضمد جراحاته ... ودول الخليج تستثمر وتبني وتعمر .اعطى العراق اكثر من مليوني شهيد وجريح ومعاق،والتضحية بكل اموال واقتصاد العراق واحتياطه النقدي الذي قدّر وقتذاك بخمسمئة مليار دولار في البنك المركزي ببغداد فقط ....في مقابل لاشئ ....نعم لاشئ وكان دهاة الخليج يضحكون من الساذج السياسي صدام على ان ما قام به العراق من واجب عروبي –اسلامي هو قدره المقدس حامي البوابة الشرقية للوطن العربي ولا اكثر !!، من نافل القول ان الولايات المتحدة الامريكية التي لم تتضرر من الحرب العراقية-الايرانية كما تضرر العراق، ما جعل الرئيس الامريكي المنتخب ترامب يعلنها بغضب،اننا سوف لن نقوم بدور شرطي الخليج مجانا من اجل سواد عيون الخليجيات !! كما فعل العراق ومطلوب منه الاستمرار على نفس النهج.

بنظر الخليجيين ان ما قام به صدام في الحرب مع ايران وانتصاره العسكري لن يجعله ندا مكافئا ينازع السعودية هيمنتها على الوطن العربي لا ماليا ولا عسكريا في استقوائهم على صدام بالحليف الامريكي لهم . وعلى صدام ان يتعلم من دروس التاريخ حينما جرب جمال عبد الناصر ان يتزعم الوطن العربي،كيف انبرت السعودية في مواجهته عسكريا،وتحجيم دوره القومي في حربها معه على ارض اليمن بداية الستينات اثر خلع الامام البدر في اليمن،ولم ينفع عبدالناصر ذلك الهدير الجماهيري العربي الذي كان يملكه من الخليج الى المحيط.

لنقلب صفحة اخرى من التاريخ، بعد نجاح تأميم النفط العراقي عام 1972،وارتفاع اسعار النفط لارقام قياسية،قفز العراق قفزة نوعية مالية كبرى بما لم يكن يحلم به، واصبح العراق ثاني اغنى دولة في الشرق الاوسط بعد السعودية،وسعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الامريكي يساوي 3،3 دولارا، وفي مقابل اقوى عملة خليجية الدينار الكويتي،كان الدينار العراقي يعادل دينارا ومائة فلس كويتي . وكانت تقديرات خبراء دوليين وعرب وعراقيين تذهب الى ان العراق بما امتلكه من وفرة نقدية مرشحا الخروج من خانة الدول النامية عام 1985 ويصبح بمصاف الدول المتقدمة عالميا .

كل هذا الحلم العراقي والمستقبل الواعد ذهب ادراج الرياح واصبح خبرا بعد عين في دخول العراق الحرب مع ايران .مع اكثر من مليوني شهيد ومعاق وجريح،وامام الكارثة البشرية والاقتصادية التي حصدها الشعب العراقي من جراء الحرب،وامام المديونية الضخمة الميؤوس من القدرة على سدادها، وتنكر دول الخليج للعراق المضحي حامي البوابة الشرقية .....قرر صدام اجتياح الكويت ظنا منه ان هذا الاجتياح يمكن استثماره (ماليا) في اطفاء مديونية العراق لدول الخليج، اثمان شراء اسلحة وعتاد ومعدات حربية ولوازم ادامة الحرب مع ايران .

المهم في الامر وبعد خروج صدام من الكويت،وفرض العقوبات الدولية على العراق تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة وحضر الطيران العراقي والدولي بأستثناء الامريكي من التحليق في سماء العراق،وفرض حصار اقتصادي ظالم على العراق كعقوبة جماعية انتقامية من الشعب العراقي، وليس من صدام الذي لم يعد يشكل اي خطر لا على الكويت ولا على غيرها،بدليل انه لم يستطع ان يفعل شيئا امام انفصال الاكراد مطلع التسعينات تحت مظلة امريكية –اسرائلية،وبقي الانفصال الكردي قائما حتى سقوط نظام صدام بالاجتياح الامريكي 2003 .اذن ماسبب الغزو الامريكي للعراق؟ الجواب رغبة انتقام خليجية لا اكثر.

علي محمد اليوسف

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم