صحيفة المثقف

قمة الاردن 2017 من أجل عينيك (ترامب)

ali jabaralfatlawiعقد في الأردن في منطقة (البحر الميت) في (29 آذار 2017) قمة عربية حضرتها جميع الدول العربية باستثناء سوريا التي عُلّقت عضويتها عام (2011)  وهي رابع قمة عربية تعقد في الأردن، إذ كان المقرر عقدها في اليمن، لكنها اعتذرت بسبب الظروف السياسية والميدانية التي تمرّ بها اليمن، فتولى الأردن مسؤولية  عقدها حسب التسلسل المعمول به في الجامعة العربية.

قمة عمّان أو قمة (البحر الميت) لا تختلف شكلا عن غيرها من القمم، مجرد بيانات وكلام للاستهلاك الاعلامي فحسب، ولا شيء يخدم الشعوب العربية والشعب الفلسطيني خاصة، صاحب المظلومية الكبيرة بين الشعوب، لكن في كل قمة تُعقد لابد من وجود ما تحت الستار، فما هو الموجود تحت الستار في هذه القمة؟

الإدارة الأمريكية ولأول مرّة ترسل مندوبا عنها ليمثلها في قمة عمّان وهو مبعوث أمريكا إلى المنطقة (جيسين غرينبليت)، وقد اجتمع ممثل امريكا مع عدد من زعماء الدول العربية كي يسير المؤتمر في الاتجاه الذي تريده واشنطن، والمعلومات تؤشر أن القمة عقدت بالدرجة الأكبر لأجل عيون (ترامب) الرئيس الأمريكي،  سيما وأن (ترامب) متصهين بدرجة عالية، وتهمّه مصلحة اسرائيل أكثر من اهتمامه بمصلحة الشعب الامريكي هكذا على الأقل أنا أقرأ شخصيته، وبما أن عدو إسرائيل الأول هو إيران، تبنّى (ترامب) موقف العداء لإيران بقوة، وهلل لهذا الموقف ذيول امريكا من الحكام العرب، إن جريمة إيران الكبرى هو دعمها للمقاومة ضد إسرائيل، فإن تغيرت هذه المعادلة واصطفت ايران مع ذيول امريكا من الحكام الاعراب الذين يسعون لتطبيع العلاقات مع اسرائيل، ونقلها من السّر إلى العلن، حينئذ الموقف تجاه إيران سيتغير، وبسبب موقف ايران الداعم للمقاومة ضد  اسرائيل، اصبحت  إيران تشكل خطرا على المصالح الامريكية في المنطقة.

نشرموقع (عربي (21 الالكتروني، عن مركز (يروشليم لدراسة المجتمع والدولة) الإسرائيلي الذي يرأسه الصهيوني (دوري غولد) وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي السابق، أن الهدف الذي أرادت واشنطن تحقيقه من مؤتمر القمة هو:

(تهيئة الظروف أمام تشكيل تحالف سنّي مساند للولايات المتحدة)،وأضاف الموقع  أن ملك الأردن عبد الله الثاني تولى من وراء الكواليس، نيابة عن (ترامب) مسؤولية إقناع الدول العربية بتدشين التحالف العربي السنّي، منوّها إلى أن ملك الأردن سيتوجه بعد نهاية القمة إلى واشنطن لإطلاع (ترامب) على مدى نجاحه في تحقيق هذا الهدف، وذكر المركز الصهيوني أن المصالحة التي تمت بين ملك السعودية (سلمان بن عبد العزيز) والرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) تمت بناء على الرغبة الأمريكية، وقد أبلغ (ترامب) ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بهذه الرغبة أثناء زيارته إلى واشنطن، والواقع هي ليست رغبة إنما هو أمر امريكي على حكام السعودية تنفيذه، لأن إدارة ترامب تعوّل كثيرا على (السيسي) لتفيذ المشروع الأمريكي ضد إيران، وقد اتضحت ملامح الموقف المصري من إيران أثناء مؤتمر القمة، وهذا يعني أن حكومة مصر بزعامة (السيسي) تحولت إلى جبهة معادية للمقاومة ضد إسرائيل، وشاهدنا زيارة (السيسي) لواشنطن بعد نهاية المؤتمر، والترحيب الكبير له، وهنا يأتي دور الشعب المصري الأبي  ليعلن موقفه من حكومة (السيسي) التي تريد أن تتحول إلى أداة بيد الادارة الامريكية برئاسة (ترامب)، خدمة لمصالح أمريكا وإسرائيل.

نشر موقع صحيفة (رأي اليوم) التي يرأس تحريرها (عبد الباري عطوان)، جملة  آراء وتوقعات عن قمة عمّان ننقل بعضا منها مع التعليق عليها حسب التقدير: (امريكا تمهد لإقامة (ناتو خليجي) كنواة للحلف الخماسي السني) ويعني بالخماسي السعودية والامارات العربية والاردن ومصر والدولة الخامسة حسب تقديري هي البحرين التي تخوض حكومتها الآن صراعا دمويا مع شعبها المتطلع للحرية والاستقلال، وسيصطف مع هذا الحلف إسرائيل التي ترتبط مع هذه الدول بعلاقات بعضها سرّية وأخرى علنية وتبادل سفراء كالأردن ومصر، ومن خلال هذا الحلف ستتحول العلاقة مع حكام الخليج العرب من السّر إلى العلن، وستقف هذه الدول الخمسة مع إسرائيل بوجه إيران حسب الخطة الأمريكية.

وتوقع (عبد الباري عطوان) أن الحرب ستنتقل حينئذ من سوريا إلى الخليج بجانبيه العربي والإيراني، ولهذا السبب أعلنت أمريكا عن موقفها الجديد من (بشار الأسد) وهو عدم الإصرار على تنحيته كشرط للتسوية السياسية، واستُثنيت الكويت وقطر وسلطنة عمان من الحلف مرحليا حسب تقدير (عبد الباري عطوان) الذي يرى أن التدخل الامريكي لصالح الحلف سيبدأ من اليمن لغرض الاشتباك مع إيران، وفي تقديري أن قطر والكويت سيكون دعمهما للحلف ماليا ومركزين للتجسس، وهذه رغبة إسرائيل قبل رغبة أمريكا حسب تقديري، لقرب العراق من الكويت الذي سينتصر لشعب فلسطين والمقاومة، ولقرب قطر من إيران مع وجود قواعد أمريكية ودوائر أمنية إسرائلية للتجسس على إيران في قطر، أرى أن واجب قطر والكويت سيختلف عن واجب الدول الخمس في الحلف، أما سلطنة عمان فلا أتصور أنها ستوافق للدخول في هذا الحلف الذي يخدم أمريكا وإسرائيل، سيما وأن سلطنة عمان تنأى بنفسها عن الصراعات التي تثيرها أمريكا وإسرائيل من خلال أدواتهما من الحكام في المنطقة، وقد حذرت سلطنة عمان الأردن أنها ستقلص نفوذها في القمة إذا كان في نية الأردن تضمين البيان الختامي للمؤتمر(نصوصا متشددة ضد إيران) وذكرت صحيفة (رأي اليوم) هذا التحذير.

انتهت قمة البحر الميت، ونفّذ المؤتمر رغبة (ترامب) في عدة محاور، منها الصلح بين (السيسي) وملك السعودية، بل ذهب (السيسي) إلى أبعد من ذلك ليثبت وفاءه في تنفيذ رغبة (ترامب) بعد أن ندد بإيران، وفعلا وبمجرد إنتهاء قمة عمان ذهب  (عبد الفتاح السيسي) في زيارة إلى واشنطن، وأتوقع سيعقبه بزيارة واشنطن ملك الأردن، وقد وصف (عبد الباري عطوان) موقف (السيسي) في القمة بقوله:

(وكلمة السر التي فتحت كل الأبواب نطق بها السيسي عندما طالب بالتصدي للنفوذ الإيراني بقوة). أخيرا أقول ربما يتشكل مثل هذا الحلف الشيطاني، لكن ليس لشن حرب ضد إيران لأن أمريكا تدرك جيدا وكذلك إسرائيل قوة إيران التي ستلحق الهزيمة بمعسكر العدوان، ومقدار الدمار الذي سيصيب المصالح الأمريكية، إضافة للدمار الكبير الذي سيصيب إسرائيل، وسلامة إسرائيل أمر مهم عند واشنطن، أرى أن حلف (ناتو الخليج) حسب اصطلاح (عبد الباري عطوان) سيتحول مجرد أداة لشراء السلاح بمليارات الدولارات، وهذا ما تهدف إليه واشنطن، وهي تستخدم لغة التهديد لغرض الابتزاز المالي والسياسي، أمريكا لن تجازف بضياع مصالحها في الخليج كذلك لن تجازف بدمار إسرائيل، وأقول للسيد (عبد الباري عطوان) اطمئن إنها زوبعة في فنجان، وهذه هي امريكا قرقعة فارغة، لأنها تعرف أنها إذا اقدمت على المغامرة مع ايران سيكون الثمن غاليا، سيصيب الدمار إسرائيل، وكذلك ذيول امريكا في الخليج، وضياع نفط الخليج، كذلك سيولّد العدوان نتائج تقوّي موقف روسيا التي هي في طريق استعادة موقعها كقطب منافس إلى أمريكا، إذن قمة عمّان أو ما أطلق عليها قمة (البحر الميت) ولدت ميتة كغيرها من القمم العربية السابقة.

 

علي جابر الفتلاوي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم