صحيفة المثقف

داعش قدرنا الاقليمي

mohamad sayfalmoftiأقيمت في نهاية عام 2014 ندوة موسعة في مدينة اوسلو برعاية منظمة كردية، كان الهدف منها تسليط الضوء على ما جرى في مدينة كوباني "عين العرب"، ومناقشة دور السياسة التركية في المنطقة والاشادة بالقتال البطولي واستبسال الشعب الكردي.

جلس في المسرح ممثلون  عن ثلاثة منظمات نرويجية فضلا عن سيسيليا هيلستفيت الخبيرة بشؤون الشرق الاوسط.

شرح المشاركون الثلاث مجريات المعارك الطاحنة التي دارت هناك وكيف قامت تركيا بتحجيم دور المنظمات الانسانية ، بناء على ما شاهدوه بأعينهم وهم على الجبل المطل على عين العرب / كوباني  مع العوائل الكردية التي كانت تتابع مجريات المعركة من هناك وتتواصل مع المقاتلين في داخل المدينة.  حدثونا عن صورة بطولة من طراز نادر، سجل الجانب الاكبر من  هذه البطولة بأسم النساء.

قال أحدهم بكيت كثيرا عندما شاهدت تلك الام تنظر الى ابنها ينزف أمامها على بعد أمتار معدودة حتى مات. لم تسمح القوات التركية بدخوله الى تركيا لأسعافه، وسمحت فقط للجثث بالدخول لكسر شوكة كوباني، فكانت الأم تقف على جثة زوجها أو ابنها مهلهلة وبعد ذلك تطلب من ابنها أو حفيدها بالتوجه الى الميدان ليقوم بواجبه المقدس تجاه الأمة والوطن، وأفاد الشهود الثلاثة بأن تركيا كانت ترسل سيارات الاسعاف لتنقل جرحى داعش الى داخل تركيا للعلاج.

قامت الخبيرة السياسية سيسيليا بتوضيح وجهة نظر الاتراك آنذاك. قائلة " يتوقع الاتراك نهاية سعيدة لهذا الفيلم، قالوا بأن كوباني هي مصدر قلق لتركيا ومفرخة لحزب البي كاكا. من وجهة نظر الاتراك سيتمكن داعش من القضاء على كوباني وحزب العمال، وسيأتي الامريكان بعد ذلك لكنس داعش من المنطقة، وخلال النقاش أيدتني بالرأي الذي طرحته " الايديولوجية المبنية على الارهاب لا يتم اكتشافها من قبل جهاز فحص المعادن في المطارات، وهو سلاح يعبر القارات بدون أن يكتشف وقد يقتل صاحبه".

زارت الكاتبة السورية سمر يزبك مدينة اوسلو في عام 2015  بمناسبة ترجمة كتابها " بوابات أرض العدم " الى اللغة النرويجية والذي يتناول زيارتها الى سوريا بعد الربيع العربي ولقاؤها مع المجاميع والكتائب المختلفة هناك، وتم لقاؤها من قبل عدة صحف، في لقائها مع جريدة الافتنبوستن صرحت بأن المقاتلين الاجانب كانوا يتوافدون من كل العالم الى سوريا بينما كان ابناؤها يهربون منها، ووثقت في كتابها كيف كان دخول المقاتلين الاجانب مسهلا من قبل الاتراك.

في دهوك عام 2016 ، أكد لي شخص من قوات البيشمركة، كان قد أصيب قرب الموصل اصابة بليغة نقل على أثرها الى تركيا ، قال لي أن الطابق الاعلى في المستشفى التي كنت أرقد فيها كان مخصصا لجرحى داعش، وكان الجانب التركي يسهل لهم الكثير من الامور. في الوقت ذاته الذي كانت القوات التركية تقف بالقرب من الموصل بحجة تحريرها من قبل داعش. وبما لا يقبل الشك أن الكثير من التعزيزات العسكرية بل معظمها جاءت من تركيا الى سوريا ومن ثم الى العراق. 

في عام 2017 فجرت كلمات البرلماني التركي ايرين آردم  قنبلة في البرلمان، كان المفروض بها أن تهز العالم لكنها لم تهز اي شيء ولا حتى ذنب أحد الاذناب. معلومات تؤكد تورط تركيا في حركة داعش من التسهيلات والدعم اللوجستي والعسكري، افاد بالادلة أن لتركيا قاعدة بيانات تبين عدد الدواعش واسمائهم وموعد دخولهم وخروجهم. وتحدث عن التحقيقات التي تمت في عدة محافظات تركية وتبين تورط الكثيرين في تمويل الارهاب وتسهيل عمل الارهابين ور غم الادلة الدامغة ضدهم فهم احرار ولم يتعرضوا للمسائلة القانونية، تحدث عن شخص له ملف يثبت بأنه أدخل 1800 شخص الى سوريا والعراق كانت المخابرات التركية على علم بمكان مبيتهم وتنقلاتهم واتصالاتهم وهذا الشخص كذلك حر طليق وغيره كثيرين. تحدث كذلك عن شحنة السلاح المرسلة الى التركمان التي احيطت بالسرية والكتمان, وأكد كذلك أن الدواعش المصابين في الحرب حصلوا على العلاج اللازم في المستشفيات التركية، هذا الكشف يتفق مع ما قاله لي ضابط البيشمركة. 

تركيا دولة سنية وما حدث أضر بالسنة قبل غيرهم، وايران لعبت دور مشابه في جنوب العراق كما لعبت السعودية دورا مشابه لتركيا وضحية هذه السياسات هم المواطنون الابرياء والذين اقحموا في صراع فرض عليهم خيار الموت إجبارا. 

هدفي الاول من تسليط الضوء على هذه المعلومات ليس لتسقيط تركيا، لكون ان  دول الجوار كالسعودية وايران لديها اجندات متشابهة.  بل هو لكشف التلاعب بالمذاهب الدينية، وأن راية  الدفاع عن المذهب ليس سوى مسوغ لما تقوم به المجاميع والاحزاب المختلفة بدعم من هذه الدول " الغاية تبرر الوسيلة"، وهكذا أصبح المذهب  أداة لتحريك الناس وسوقهم باتجاه محدد.

الهدف الثاني هو نزع ورقة التين عن كل الاحزاب والكتل التي تقول سنطرد داعش من الموصل بمساعدة الاتراك أو الايرانيين أو السعوديين،. هذه الاحزاب فعلا عارية ولكنها لا تخجل من ابداء سوءتها. 

 

محمد سيف المفتي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم