صحيفة المثقف

مراثي غيلان (2): إنتحار (أبو هاشم)

saad salihiفوجئنا صباح جمعة ربيعية غمرتها أمطار آذار بصراخ نسوة الدربونة وعياطهن بعضاً على بعض. كانت إحداهن قد مزقت دشداشتها من الأمام، فبرز نهداها البيض بحلماتٍ سمرٍ وجزءٌ من بطنها، وتولى المطر لصق بقية الثوب الممزق بجسدها المليء بثنيات صدرها وكتفيها ومؤخرتها المكورة، حتى نسيتُ أن كل ذلك كان لأمر جسيم لا علاقة له بشبقي المراهق في تلك اللحظة.

هي أم هاشم الخياطة، التي استشهد ولدها في معارك الشمال في هذا العام 1975. والتي كنا جميعاً، صِبيةَ الدربونة، نلاحقها بنظراتنا التي ندخرها للإستمناء ليلاً على هفهفة ثوبها إذ تنحني بمكنستها لتغسل الشارع أمام باب الدار عصراً، كاشفةً عن ساقيها بلا خجل وأحياناً عن فخذيها بالكامل وهي ترفع طرف الدشداشة الشفيفة لتمسح به عرق وجهها، فتندلق ألسنتنا وجلاً من اشتهائنا المبكر لها.

سمعتها مرةً تقول لأمي وهي تتودد إليها لكثرة ما تطلب من تفصيل بجامات لي ولأخي الصغير كل شهر، أنها لا تتورع عن كشف أي جزء من جسمها لكل من تلحظ شبق عينيه عليها ولو كان صبياً، بيد أنها لا تطيق رغبة رَجْلِها (أبو هاشم السايق)، التي ازدادت تكراراً وحدةً لاسيما بعد فقدان ابنهما الوحيد. حتى حلّ يوم الكارثة إذ سكر أبو هاشم ورغب بمضاجعتها بشدة لكنها تمنَّعت تمنّعاً أشد منه.. فانتحر، وكشفتْ عن كل ماترغب من جسدها لكل أبناء الدربونة ساعة العياط عليه صبيحة تلك الجمعة التي غمرتها أمطار آذار.

 

سعد الصالحي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم