صحيفة المثقف

السر في بداية رسم الاجسام العارية

1253 thumbnail1كانت فكرة رسم الصور العارية قد بدأت منذ ان خلق الله تعالى آدم وحواء واغراء الشيطان لهما بان يأكلا من تلك الشجرة التي نهاهما الله تعالى عنها. وبعد ان اكلا منها بدأت لهما سوآتهما اي انكشفت عورتيهما فاخذ ينظر احدهما الى الآخر. بعد ذلك غطيا او سترا عورتيهما بورق الشجر وقيل التين. والقصة وردت في القرآن الكريم والكتب السماوية الاخرى. (اكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة..).

وقد رسم الفنانون الاوربيون آدم وحواء وخروجهما من الجنة عراة كما هو عند الرسامين الايطاليين مثل بوتشلي ومايكل انجلو وغيرهم وكانت الاشكال عارية تماما ماعدا عورتاهما حيث نجدها مغطات بورق الشجر او ايديهما..

العري عند الاغريق:

وقد عبرت فكرة العري من ثقافة الشرق الى الاغريق فكانوا يعتقدون انها من الصفات الجميلة والتي يتقرب بها العبد الى الآلهه وانه يثاب عليها ويبارك. ولهذا كان الرياضيون الشباب يتسابقون عراة او شبة عراة ويحصلون على جوائز منها تماثيل تمثل الآلهة. وقد صنع تمثال عاري يسمى – كوروس Kouros يمثل شاب ذو عضلات قوية وجميل المظهر مقبوض اليدين يمثل الآلهه ابولوس apolos آلهة الجمال والموسيقى. وكان كوروس قد صنع عاريا ليكون رمزا للشباب والقوة والجمال في تلك العصور القديمة.. وكانت تماثيله تهدى للفائزين الرياضيين وغيرهم.. وكان شكل التمثال متأثرا بمنحوتات الفراعنة من ناحية الوقفة والقدمين والعيون والجبهه والشعر وغير ذلك..

1253 thumbnail 3

في عصرالرومان:

في عصر الرومان اختلف مضمون الفكرة واتخذت اتجاها آخر، حيث اخذوا ينحتون التماثيل العارية رمزا لاظهار قوة الرجل الروماني وقوتهم العسكرية التي اخذت جحافلها تزحف على مدن العالم في كل الاتجاهات في ذلك الوقت وكانت الدماء تسيل كالانهار من ورائهم. واعتقدوا ان رسم الجسم العاري هو تعبير روحي طبيعي للفرد. وكانوا قد حرضوا فيه على اظهار جمال الجسد والجنس وو ضعوا قوانين ومعايير للجمال والرسم...ولهذا نجد ان الآلهه والابطال والنساء قد جسدت في اشكال عارية. وانتشرت المنحوتات العارية في الساحات العامة والشوارع وغيرها وهي تمثل مواضيع اسطورية ومنها اشكال نافورات يمج منها الماء.. ومن العروف ان السومريين والبابليين قد رسموا عشتار (فينوس) الهت الحب والجمال عارية، واخذها منهم الاغريق والرومان.. كما ان المطلع على بعض رسوم الفراعنة يجد هذا اللون من الرسم في بعض جداريات المقابر.. وفي تاريخنا العربي كان العرب قبل الاسلام عندما يحجون بيت الله الحرام فانهم يطوفون حول البيت عراة اما النساء فتطوف في الليل تاركين ملابسهم القديمة تحت الاقدام يدوسون عليها معتقدين انها تحمل ذنوب الماضي وعند الانتهاء يلبسون ملابس جديدة ويحتفلون..

عصر المسيحيين:

واجهة المسيحيون مشكلة الجسم العاري وعدوها خرقا للاخلاق وكانت رسوم مايكل انجلو بمثابة صاعقة عصفت بالمعتقدات المسيحية وكانت رسوم كنيسة بطرس في الفاتيكان غالبيتها اجسام شبه عارية جميلة مفتولة العضلات والقوة امتزج فيها الخيال والاسطورة والواقعية الدينية، بعض البابوات غضوا النظر والبعض الآخر احتج فكلفوا المصور المعروف الجريكو بتغطيتها ولكنه اعترض ورفض ذلك فهرب الى اسبانيا وحط في طليطلة عام 1577م.

1253 thumbnail 2

وفي هذا العصر اي عصر النهضة اقتصر رسم العاري على على الآلهه فكانوا يرسمونها عراة اما الشخص العادي فيرسم بثياب خفيفة شفافة وكأنه عاري خوفا من رقابة الكنيسة.. واستمر الوضع هكذا حتى القرن التاسع عشر حيث دخلت العاهرات في رسوم الفنانين وكانوا يطلقون عليها بفينوس وبنات الآلهه والالهام والجمال وغيرها من الصفات والمواضيع الاسطورية حتى يبعدون عنها المنع والرفض من قبل الكنيسة والمجتمع.. وفي عام 1863 رسم مانيه لوحته – الغذاء على العشب – وقدمها الى صالون العرض وقد رفضت من قبل لجنة التحكيم لانها تصور امرأة عارية جالسة بين رجلين بالزي الرسمي واعتبروا ذلك خروجا على الاخلاق الاجتماعية.. ثم رسم رينواراشكال عارية - المستحمات الكبيرات- عام 1887 ورسم ماتيس -منظر ريفي -عام 1905 نساء عاريات وكذلك سيزان وكوكان ومونخ وغيرهم من طلائع الفن الحديث ثم انفتح الباب على مصراعيه واصبحت الاكاديميات والمعاهد الفنية ترسم الموديل العاري ضمن دروسها الرسمية. وفي مطلع القرن العشرين كانت هناك موجة نزوح للفتيات من الريف الى المدينة للعمل كموديلات في مراسم الفنانين. ومن الامثلة على ذلك مجيئ امرأة روسية الى باريس اشتغلت كموديل عند الرسامين وهي غالا Gala حيث كانت تنتقل من رسام الى آخر، ثم استقر بها المقام عند سالبادور دالي في اسبانيا وتزوجت منه... ويذكر المؤرخون ان غالا قامت بصفقة تزوير لم تحدث في التالريخ سابقا حيث في آخر حياة دالي كانت تأتي بلوحات بيضاء وتطلب من دالي التوقيع عليها وهو على فراش المرض ثم تعطيها الى محترفين من الرسامين ليقوموا بتقليد اسلوب دالي ثم تبيعها...

 

د. كاظم شمهود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم