صحيفة المثقف

الصفحات السوداء.. قرن من الأحلام المريضة (6)

karim abdulahashimوكانت هذه احدى خطواتها المهمة جدا المرسومه بأتجاه ذلك الهدف، احتلال العراق وتفكيكه لحماية مصالح حلفائها في الغرب واسرائيل .

لقد قامت الولايات المتحدة خلال احتلالها العراق بتنشيط الأختلافات والتناقضات في نسيج المجتمع العراقي وفي هيكل الدولة العراقية وتوفير المناخات الملائمة لظهور ونمو التقاطعات والنعرات والتصادم فيما بينها عوضا عن لملمتها والحفاظ عليها منضبطة في نسيجها الوطني العراقي القائم، في مساعي منها لتوفير أجواء ماأسمته (الفوضى الخلاقة)، شعار عجيب غريب أساسه الفوضى المتعمدة ونتائجه الخراب والدمار، فقادتنا الى اضطرابات وفوضى عارمة دفع ثمنها أبناء الشعب العراقي .

ولعل ماحصل في المحيط العربي من أحداث لاحقة تحت مسمى (الربيع العربي) وماقاد اليه من اضطراب واختلال في الأسلوب الحياتي والبنية والهوية الوطنية لبلدان هذا الربيع (سوريا – مصر – ليبيا – اليمن) لهو دليل ساطع على ان ماحصل في العراق وماتبعه في هذه المنطقة ان هو الا حلقات متصلة ببعضها للرجوع بها الى الوراء واعادة النقاش والجدال للوصول الى ترسيم وتصنيف جديد للحدود التي رسمت قبل مائة عام في سايكس بيكو بشكل لايسمح مجددا بنهوض ثورات وتيارات نضالية ووطنية أو قومية تحررية مما حصل في القرن المنصرم، وتجزئة المنطقة الى أجزاء صغيرة على أسس ضيقة من الطائفية والعرقية والعنصرية لكي يتحول كل هذا المحيط الى مجرد دويلات صغيرة ضعيفة تدور في فلك اسرائيل والغرب المنقاد والمنحاز لها كليا ومصيريا . كذلك ضمان النتائج مسبقا لأية تأثيرات من أقطاب المعسكر الشرقي أو أية استقطابات اخرى في العالم كخلاصة لنتائج الحروب الباردة وسباقات التسلح التي حصلت في القرن الذي مضى .

لقد سعى الغرب – اسرائيل – بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية الى انهاك المنطقة وانهاك العراق ومحاولة تضييعه نهائيا في مجموعة الصراعات الدائرة التي تم اذكاء جذوتها من قبلهم للأستفادة من نتائجها وقطف ثمارها لأجل الغايات التي نوهنا عنها فيما سبق، وقد جندت لأجل هذه الفوضى كل الوسائل الفكرية والتاريخية والبشرية ومنحت الوجود لمدلولات محرفة من معتقدات الناس وديانتهم تمثلت في حركات راديكالية واصولية منحرفة ومحرفة تتصارع وتتضارب وتغرق المنطقة في شلالات الدم ومناهج الخراب، ووفرت لنفسها شرعية التدخل في أي بلد تحت مظلة مكافحة الأرهاب أو محاربة الدكتاتورية وتحقيق الديمقراطية . ولعل (داعش) بوجهها القبيح ان هي الا جزء ومرحلة من مخطط يجري تنفيذه في المنطقة على قدم وساق، وان تدخل قوى فاعلة جديدة ولاعبين جدد على مجرى الأحداث – روسيا – وغيرها قد عقد المشهد الذي رسموه بعناية وأصبحت الصور قلقة ومشوشة على صانعيها، وازداد تعقيد المخطط عليهم مع بسالة وجهادية أبناء العراق الذين تنادوا للتضحية والبطولة والشهادة والبسالة المنقطعة النظير والبطولة المقدامة في سبيل تحرير وتطهير الأرض العراقية التي أرادت أن تلتهمها المخططات الغربية الأسرائيلية تحت مسميات داعش وغيرها .

يتبع الجزء السابع

 

كريم عبدالله هاشم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم