صحيفة المثقف

النوفمبريون يطيحون بجنرالات فرنسا كتاب جديد صدر في الجزائر

eljya ayshلقد قطعت الحركة الوطنية في الجزائر شوطا طويلا في انتزاع الاستقلال والتحرُّرِ من سطوة النُّظُمِ الاستعمارية وقَسْوَتِهَا، ومِمّا لا شكّ فيه، فإنه لا يوجد استعمار بريء ولا استعمار بدون نية الاستغلال، لقد مارست فرنسا كل أشكال الإجرام الذي مارسته على الشعب الفيتنامي بشهادة هوشي منه مؤسس جمهورية الفيتنام، وهي نفس الأساليب مارستها فرنسا على الشعب الغيني وبشهادة الزعيم سيكوتوري، وهذا الكتاب ليس ناجما عن تَعَصُّبٍ، أو هَوَى، فنحن أمام دراسة موضوعية أوّل ما تُوجِبُهُ هو الابتعاد عن العواطف، والاستناد إلى وقائعٍ ومبادئٍ علمية ثابتة، الغرض منها عرض الحقيقة وحدها، ووسيلتها التحليل الدقيق للأحداث من خلال الأرشيف الضّخم، الذي كشف عن نهاية المرحلة الديغولية في الجزائر، والدول الذي لعبته الحركة الوطنية في إسقاط جنرالات فرنسا، وفي مقدمتهم رئيس فرنسا الجنرال ديغول، وبذلك يكون هذا الكتاب ردا شافيا للذين لم يظهروا اهتماما كافيا  بالثورة الجزائرية بقيادة جبهة وجيش التحرير الوطني وللذين يدّعون أن الجزائر بلد فتيّ وأنها ولدت في 1962  يغلطون الناس ويزورون التاريخ.

1048 eljiaالكتاب لصاحبته الإعلامية علجية عيش صدرت طبعته في 2017  عن دار الأوطان للنشر والتوزيع والترجمة ، وياتي لإدانة فرنسا التي تصر بكل وقاحة على جرمها بعدم الاعتراف بما ارتكبته من سجن وتعذيب وقتل جزائريين عزل، فضلا عن إبادتها الشعوب، وهي اليوم تحاول أن تطوي صفحة كبيرة  سوداء من تاريخ الجزائر والتنصل من مسؤوليتها التاريخية، بل تُصِرُّ على الاحتفاظ بأهم الوثائق التي تدين قادتها بأنهم مجرمي حرب، كما ترفض تقديم خرائط الألغام المزروعة عبر كامل التراب الوطني، وترفض كذلك تحديد مواقع دفن النفايات النووية بالصحراء الجزائرية، كل هذه الجرائم تصر فرنسا على نسيانها، الكتاب يحوي على 90 صفحة ركزت فيه الكاتبة على محاور عديدة نذكر منها فن الحرب ومبادئ الفكر العسكري،  سيرة ذاتية مختصرة للجنرال ديغول، دور المالغ في إحباط شبكة التجسس الفرنسية،  تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة، مشروع قسنطينة، ودور الحركة الوطنية في تقرير المصير، اتفاقيات إيفيان، وانقلاب جنرالات فرنسا على الجنرال ديغول ورحيله عن الجزائر، مع إضافة 06 ملاحق وضعتها تحت عنوان خاص سميته "الظاهرة الاستعمارية وصيحات الشعوب الإفريقية"..

فالشّعار الذي رفعته فرنسا : "أخوة ، عدالة ومساواة" شعار مزيف أوهمت به  الشعوب والرأي العام الدولي بأنها دولة الحق والعدالة والديمقراطية، وهي في الحقيقة وحشٌ يضع قناع حتى يبدو ذلك الخروف البريء، فقد زرعت فرنسا منذ احتلالها الجزائر الرعب والظلم والعداء لشعب لم يطالب سوى حريته وتحرير أرضه التي اغتصبت وانتزعت منه، ولذا يأتي هذا الكتاب ليكون لعنة تلاحق فرنسا وجنرالاتها  ( ماسو، بيجار، لاكوست، شال، موريس، أوساريس ثم ديغول) مع كل جيل يقرأ ولو جزء من فصول مجازرها وجرائمها التي أخفتها عن العالم،  والحقيقة أنني اطلعت على العديد من الكتابات التي تحدثت عن ثورة الجزائر والظاهرة الديغولية لكنني لم أجد كتابا أثلج صدري مثلما الذي كتبه المفكر الجزائري مولود قاسم نايت بلقاسم في ردّه على من سمّاهم بـ: " الثرثارون" و"المُخَربشون" الذين يطبلون ويزمرون لفرنسا وهو يسألهم إن كانت الدولة الجزائرية أسسها ديغول في 1962 ، وكم راقتني عبارته التالية: " وليكن هذا واضحا لكل مخربش وثرثار، شابا كان أو في اندثار، يستعد الالتحاق بالآثار، ولكل موظف بسيط أو سيّاسي من دكتور، أو صحافي، أو كيّاس في الجزائر أو في فرنسا وأن نسوا هم فالشعب لا ينسى".

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم