صحيفة المثقف

عطلة سيزيف

SISYPHUS’S DAY OFF

تأليف: أرين هون

mohamad abdulhalimghnam

عطلة سيزيف / ترجمة: محمد عبدالحليم غنيم

 

الشخصيات:

- سيزيف  

- هنرى  

المشهد: فوق التل  

الوقت: الآن .

يقف سيزيف، ينتظر ..متبرماً . يتحقق من المزولة ويتنفس الصعداء . أخيراً يظهر المتسلق . يمد سيزيف يده لكى يساعده . يمسك بها هنرى .

سيزيف: أنت تأخرت .

هنرى: آه . يا مسيح !

(هنرى، خائفاً ويسقط على ظهره تقريباً . يجذبه سيزيف)

سيزيف: بحرص . إنه طريق طويل .

هنرى: أفزعتنى . ليس لدى فكرة عن أى أحد يمكن ان يصعد إلى هنا .

سيزيف: أين الصخرة؟

هنرى: ساعدتنى مرة أخرى حتى آخذ نفسى .

سيزيف: أكيد . أكيد . آسف . خذ وقتك . 

(يأخذ هنرى نفساً عميقاً. يتمشى سيزيف محاولاً أن يقضى على صبره . ينظر عنرى إلى الأعلى)

هنرى: واو ... هل تحب أن تنظر إلى ذلك المنطر؟

سيزيف: هاه؟

(ينظر حوله، بارتباك)

أوه، نعم . لطيف جداًّ!

(وقفة)

إذن أين الصخرة؟ ماذا تعمل . انس ذلك؟

هنرى: ماذا؟

سيزيف: الصخرة . كان يفترض أن تحضرها معك .

هنرى: الصحرة؟

سيزيف: من الأفضل أن تذهب، ألا تعتقد؟ لن تندفع الصخرة بنفسها .

هنرى: لا أفهم .

سيزيف: ليس هناك الكثير عليها . ما الذى أفعل، بعد أن جئت بالصخرة غلى القمة، سأجعلها تتدحرج عبر الجانب الجنوبى، ذلك أسهل من الصعود .

هنرى: ليس عندى فكرة عما تتحدث عنه .

سيزيف: أنت البديل لى .

هنرى: بديلك؟

سيزيف: بديلى ليوم واحد .

هنرى: أنا ...متسلق للجبال .

سيزيف: متسلق .

هنرى: نعم (وقفة) ألست أنت؟

سيزيف: أنا سيزيف .

هنرى: آسف، هل هذا مؤلم؟

سيزيف: ليس مرض الزهرى، بل سيزيف، ابن عوليس وإيناريت . زوج ميروب . ولقد عوقبت بأن على أن أدحرج صخرة كبيرة أصعد بها التل إلى الأبد .

هنرى: أوه . أفهم

(وقفة)

أوكيه، حسناً، وأراك لاحقاً .

سيزيف: إلى أين أنت ذاهب؟

هنرى: ينبغى أن أعود قبل حلول الظلام .

سيزيف: ألم تكن ذاهباً لدفع الصخرة؟

هنرى: يمم ... لست متأكداً مما تقول . أنت تبدو غير مؤذ، لكننى لا أريد أن أزعجك .

سيزيف: أنت البديل المرشح لى . ألست أنت؟

هنرى: أعتقد أن هناك نوع من سوء الفهم . اسمى هنرى . أنا متسلق الجبال، لقد جئت إلى هنا كما تعرف ... لكى أتسلق .

سزيف: لأجل ماذا؟

هنرى: فقط، كما تعلم، للمتعة .

(وقفة)

سيزيف: أنت تقول ... أنت تقول، انك لم تحضر إلى هنا لكى تحل محلى؟

هنرى: أحل محلك، لأجل ماذا؟

سيزيف: لكى تدفع الصخرة إلى قمة التل . فقط أطلب منك أن تفعل ذلك اليوم  . أأنت متأكد  أنك لست البديل لى؟

هنرى: متأكد تماماً.

سيزيف: لربما أرسلك زيوس وأنت فقط لا تعرف ذلك . إنه يعمل بأساليب غامضة أحياناً .

هنرى: لا أعتقد ذلك . انظر . أنا آىسف . فى الواقع ينبغى على أن ...

سيزيف: فقط ثانية، مجرد ثانية . أنت – لقد سمعتنى . أليس كذلك ؟

هنرى: أنا ... لقد سمعت عن سيزيف .

سيزيف: ماذا تعرف عنى؟

هنرى: يمم ... فقط أنه كان يعاقب كما قلت، أن يدفع الصخرة إلى فوق التل إلى الأبد . إنها أسطورة شعبية .

سيزيف: ليست أسطورة . ثق فى

هنرى: بعد ذلك فى عام 1940 كتب الفيلسوف  كامو مقالة موظفاً إياه بوصفه رمزاً للانسانية .

سيزيف: رمز لماذا؟

هنرى: أوه –لصراع الحياة الأبدى، على ما أعتقد تحدثت كتابة كثيراً عن عبثية وجودنا وأنه لا ينبغى أن نقتل أنفسنا .

سيزيف: إنى أسأل نفسى طوال ذلك الوقت .

هنرى: وختم كتابه بشىء مثل كيف أن الصراع مهم، وفى النهاية قال أن علينا أن نتخيل سيزيف بوصفه مخلوقاً سعيداً .

سيزيف: سعيد .

هنرى: ذلك بالضبط  ما قاله .

سيزيف: أود أن أراه وهو يدفع تلك الصخرة إلى أعلى هذه التل  .

هنرى: إنه كتاب عظيم فى الواقع .

سيزيف: نعم ... لم تتح لى الفرصة لقراءته .

هنرى: نعم . حسناً .

(وقفة)

سيزيف: ماذا يمكن أن نفعل بخصوص هذا يا هنرى .

هنرى: نفعل؟

سيزيف: نحن فى حاجة إلى التوصل إلى نوع من الإتفاق؟

هنرى: نعمل؟

سيزيف: لا أستطيع أن أقول لك كم كنت أتشوق ليوم عطلة، لقد عملت قائمة بكل الأشياء  التى أريدها . ألا يمكن أن تعرف أقرب لمنزل للدعارة . هل تعرف؟

هنرى: انظر . قلت لك . أنا مجرد شخص يتسلق الجبال .آنا آسف . أنا فى الواقع لا أستطيع البقاء هنا  .

(يبدأ هنرى فى السير)

سيزيف: هنرى . انتظر ! انتظر فقط ... تحدث  معى لدقيقة واحدة . رجاء . الأمر يبعث على الوحده هنا ...

(يتوقف هنا)

قل لى .. ماذا تعمل .. عندما لا تمارس التسلق؟

هنرى: أعمل فى بنك .

سيزيف: بنك؟

هنرى: نعم .

سيزيف: و.. وماذا تعمل طوال اليوم؟

هنرى: حسناً، أنا صراف . فى الأساس، أقضى اليوم كله فى عد أموال الآخرين .

سيزيف: يبدو عملاً رتيباً .

هنرى: هو كذلك . ذلك السبب، عندما تكون الأمور متوترة قليلاً، أخرج وأحضر إلى هنا، كما تعلم لكى أعود إلى الطبيعة . أحب الهواء النقى والمناظر الطبيعية . إنها مريحة جداً

سيزيف: مريحة . مملة أيضاً كالجحيم   . تخيل للحظة يا هنرى، أن عليك أن تعمل فى البنك، طوال اليوم، وطوال الليل، إلى الأبد . ماذا يمكن أن يحدث؟

هنرى: لا أعرف . من المحتمل أن أفقد عقلى .

سيزيف: الإصرار  يحافظ على البناء . صحيح؟ مجرد بناء وبناء، دون إفراج ... مطلقاً . ما الذى يمنعك من إلقاء نفسك فى الجزء المرتفع من التل؟

هنرى: لا شىء على الأرجح .

سيزيف: لا شىء ! شكراً للآلهة ! شخص ما بدأ يهتم .

هنرى: لكننى .. مازلت أعتقد أننى لا أستطيع مساعدتك .

سيزيف: انصت بدقة يا هنرى . إذا لم أحصل على يوم عطلة، فإننى سأقوم بشىء ما عنيف . مثل .. مثل، لا أعرف ..لربما أقتل شخص ما.

(وقفة)

كم من الناس يعرف أنك هنا؟

هنرى: كثيرون . إنهم ينتظروننى تحت فى القاع . سيكونون فى حالة قلق شديدة إذا لم أعد حالاً .

سيزيف: أنت تكذب، أستطيع القول . أنت مثلى تماماً، ألست كذلك؟ نحن جميعاً وحيدون فى فى هذا العالم .

هنرى: انظر، أنا ماش ...

سيزيف: ألا يمكننى  لو أردت، على العكس، يمكن أن تجد نفسك ضحية لحادث تسلق تراجيدى .

(وقفة)

هنرى: النجدة !

سيزيف: ماذا تفعل؟ لن يستطيع أحد أن يسمعك .

هنرى: رجاء المساعدة !

سيزيف: هيا . أنت تبدو سخيفاً . لا تقلق لا أنوى أن أؤذيك .

هنرى: ألن تؤذينى؟

سيزيف: لا .

(وقفة)

آسف لأننى أخفتك .

(وقفة)

أشعر بالخجل من نفسى .

(وقفة)

فقط اذهب . اذهب يا هنرى . اخرج من هنا قبل أن أغير رأيى .

(يبدأ هنرى فى الرحيل . يبقى سيزيف ثابتاً . يتردد هنرى)

هنرى: هل يمكن أن أسألك شيئاً ما؟

سيزيف: ماذا؟

هنرى: لماذا لا تأخذ  لو حتى يوما عطلة؟

سيزيف: فيما  تفكر بحق الجحيم أننى أحاول أن أفعل؟

هنرى: لا . ما أعنيه هو ... ما الذى يمنعك؟

سيزيف: حسناً .. ومن الذى سيقوم بدفع الصخرة؟

هنرى: حسناً ... ماذا لو لم يفعل أحد؟

سيزيف: إذا لم يكن هناك أحد يدفع الصخرة؟

هنرى: صحيح . أنت تفهم ما أقول؟

سيزيف: إذا لم يكن هناك أحد يدفع الصخرة .. يمكنك أن تبقى حقاً هنا. 

هنرى: صحيح . أتمنى . هل يمكن أن يكون ذلك أمراً سيئاً؟

سيزيف: حسناً، لا . أظن لا، لكن .. أعنى شخصاً ما  لابد أن يقوم بدفع الصخرة .

هنرى: لماذا؟

سيزيف: لا أعرف السبب . لم أفكر مطلقاً فى ذلك . لابد من ذلك، ذلك كل ما فى الأمر . ذلك هو عقابى .

هنرى: تعرف شيئاً،لا أظن لأنك مازلت تحت العقاب . لم يعد زيوس والآلهة االأخرى موجودة حولنا هنا .

سيزيف: لم تعد  موجودة؟

هنرى: لا . لقد توحدت جميعاً فى قوة إله واحد أو من المحتمل ألا يكون ذلك الإله موجوداً على الإطلاق .

سيزيف: لا آلهة .

هنرى: حسناً، ألا يمكن أن يكون اكل ذلك معنى؟ أقصد انظر فقط إلى نفسك وأنت تدفع  هذه الصخرة إلى قمة هذا التل . مراراً وتكراراً . فقط لأنها ينبغى أن ترجع مرة أخرى إلى أسفل . ألا يبدو ذلك بلا هدف وغير مجد فى رأيك؟ ألا تفكر أنه لو كانت هناك آلهة فإنه سيكون هناك هدف أو معنى لحياتنا؟

سيزيف: لقد كانت لدى أفكار من هذا القبيل، لكننى حاولت أن أبعدها عن ذهنى .

هنرى: هل فكرت أبداً أنه ربما لم يكن عليك أن تدفع هذه الصخرة على الإطلاق؟

سيزيف: لكن معنى ذلك.. معنى ذلك أن حياتى كلها .. إن لم أدفع الصخرة فإن حياتى يمكن أن تكون فارغة . ليس لدى شىء . لا فخر فى نفسى . لا إنجاز محسوس، ربما كنت فقط أجلس وأحدق فى النار طوال اليوم

هنرى: أنت فى حاجة إلى الراحة، يا سيزيف . يمكن لأى شخص أن يرى ذلك .

سيزيف: سأفعل . لكن المهم بالنسبة لى أن ذلك العمل مازال ينجز . ماذا لو أن الشمس لم تشرق ذات يوم؟ لا يمكن أن أتخيل  أن (هيليوس)  يأخذ راحة . لكنه ... الأكثر من ذلك .. الصخرة .. أشعر بالحرج وأنا أقول هذا، لكن ...

هنرى: أكمل .

سيزيف: أظن .. أعتقد أنى أحب ذلك .

(وقفة)

هنرى: يبدو ذلك  لك وكأنه مثل التسلق عندى .

(وقفة)

سيزيف: حسناً، دعنا نتسلق إذن . هيا، سأحاول أن أنزل إلى تحت معك، مهلاً، وربما لو كان لديك دقيقة من الوقت لأمكننى أن أعرض عليك الصخرة .

هنرى: تعرف . ربما ... ربما يمكننى أن أساعدك .. فقط قليلاً .. لكى تبدأً

سيزيف: هل تفعل ذلك؟ حقاً؟

هنرى: أكيد، لم لا؟

سيزيف: مهلاً . شكراً يا هنرى . لا أستطيع أن أقول لك . كم أقدر هذا لك .

هنرى: لا مشكلة . لكن ماذا تعتزم أن تفعل بخصوص يوم عطلتك؟

(يفكر سيزيف، ثم يبتسم، يهز كتفيه)

سيزيف: هيا . لدينا عمل نقوم به .

(يبدأ هنرى وسيزيف فى النزول من التل معاً . يضع سيزيف ذراعه حول هنرى فى ود) .

(إظلام)

نهاية المسرحية

 

...............

المؤلف: أرين هون/ Aren Haun: كاتب مسرحى ومخرج وكاتب سيناريو أمريكى وحاصل على الماجستير من جامعة كولومبيا فى الكتابة المسرحية . يدرس الكتابة المسرحية فى مدرسة Ruth Asawa للفنون فى سان فرانسيسكو حيث يدرس لثلاث سنوات من الكتابة المسرحية. وهو يعيش حالياً فى سان فرانسيسكو مع زوجته شيلا .

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم