صحيفة المثقف

القلبُ المستجير

كيف الفؤادُ وأنت فيه ساكنٌ

في النار يحرقه اللهيبُ المضرمُ

noori aiwli

القلبُ المستجير / نوري الوائلي

 

يامنْ إلى العبدِ الفقير الاكرمُ *** وإلى الفؤادِ المستجيرِ الأرحمُ

يا من برحمته الوجودُ منعّم *** والخلقُ يحيا والقيامة تُحكمُ

يا من إذا طرقَ المطاردُ بابه *** ودعا إليه بالرّجاءِ المعدمُ

وإذا استجارَ بحلمه متخوفٌ *** وأناخَ عند ملاذه المتظلّمُ

وسعى إليه بالتضرعِ مذنبٌ *** وألحّ عند سؤالهِ المتألّمُ

تأتي الإجابةُ للعباد مكارماً *** وتفيضُ عند السائلين الأنعمُ

ما سدّ بابك للخلائقِ صدُّهم *** فكأنّهم لم يجحدوا أو يجرموا

عشتُ الحياةَ وما حسبتُ فراقها *** والموتُ حولي حاجزٌ لا يخرمُ

يستلُّ من قبل السَّقيمِ سليمها *** وشبابها وصغارها لا تسلمُ

القطر تُعطي إن عصرت قرابها *** وأنا بها مثل المراهق يحلمُ

يا ويلتي أبغي الحياةَ كأنّني *** مثل الصبايا فكرُها لا تهرمُ

حالي إذا حانَ المماتُ كراحلٍ *** عبر الفلا ومتاعهُ لا يُعصمُ

يوم القيامةِ والحشودُ بلا مدىً *** تحتارُ أسراري بمن تتحزمُ

حين المنادي للحسابِ يصفني *** تجثو الجوارحُ والرجاءُ يلملمُ

أين المعينُ؟ وما لعيني فازعٌ *** فالأهل فرّوا والمراضعُ تفطمُ

كم من ذنوبٍ كالصّغائرِ خلتها *** لكنّها عند الجليلِ الأعظمُ

أين المفرّ وما لعذري شافعٌ *** فالذنبُ يفضحُ والكتابُ المُحكمُ

وإذا نكرْتُ فواحشي لمخوفتي *** فجوارحي بذنوبها تتكلّمُ

أنت المخاصمُ والقضاءُ وحيلتي *** أنّي برحمتك الدخيل المجزمُ

كيف الفؤادُ وأنت فيه ساكنٌ *** في النار يحرقه اللهيبُ المضرمُ

إن كان يحيا في اللّظى فمصيرُه *** لفراقك الموتُ البطيء المؤلمُ

النارُ أهون من فراقك سيّدي *** فأنا وحبّك توأمٌ لا نُقسمُ

ألزمتَ نفسك يا غنيُّ برحمةٍ *** لا تنتهي في وسعها أو تُحجمُ

قد فاقَ حلمك كلّ ذنبٍ مروعٍ *** رُجّت له أهلُ السما والأنجمُ

أنصفتَ كلَّ العالمين تمنناً *** فالعدلُ أنت وما بحكمك تظلمُ

لو يأخذُ الملكُ العبادَ بظلمهم *** لم يبقَ فيها كافرٌ أو مُسلمُ

أدعوك ربّي والشبابُ يزفّني *** والجهلُ في وهجِ الغرائزِ يُوهمُ

أن لا تُريني في المشيبِ ندامةً *** عمّا جنيت ولا سقاماً يقصمُ

أن لا تُريني في القيامةِ حسرةً *** فأنوخ فيها بالجحيمِ وأجثمُ

 

الطبيب نوري الوائلي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم