صحيفة المثقف

من المسردية إلى مسرح اللحظة.. عزالدين جلاوجي يقدم تجربة جديدة ركحا وكتابة

1064 masrah"المسرديّة" مصطلح أطلقه الأستاذ الأديب عزالدين جلاوجي على تجربة جديدة في كتابة المسرح قبل سنتين.

 وهو مصطلح نحته من كلمتين هما: سرد+مسرح، أسس به لشكل جديد في كتابة المسرح بطعم السرد، فجاء نصّه بصريا مسردا، يستفيد من تقنيات الوصف والسرد، متمرّدا على الإرشادات الإخراجية التي عادة ما تعيق قراءة النص، وتحصر وظيفته في الخشبة، ومع ذلك فقد حافظ  ابن الفنون المدلل كما يسميه خاصية التمسرح التي هي خاصيّته بالأساس، بمعنى أن كلّ مشتغل على الخشبة يمكن أن يأخذ النص بيسر إلى التجسيد على الركح.

وقد لقي هذا المولود الجديد احتفاء كبيرا من النقاد والباحثين فتفاعلوا معه، مصطلحا وتنظيرا ونصا، وقد قدّم الأديب  إنتاجا إبداعيا زاخرا، امتاز بتنوّعه الأجناسي، للساحة الأدبيّة العربيّة، شمل ثمانية مسرديات منها "أحلام الغول الكبير"، و"البحث عن الشمس"، و"الأقنعة المثقوبة"، و"هستيريا الدم"، و"غنائية الحب والدم"، وغيرها، وقد جاءت، كلّها، مسبوقة  بتوطئة نظرية تعرف بتجربته الجديدة.

وقد حضي هذا المنجز الإبداعي باهتمام عديد الباحثين في الجزائر وفي دول عربيّة أخرى فكان محور الكثير من الرسائل الجامعيّة التي طبقت عن هذه النصوص، كما كان هذا الشكل الجديد من الكتابات موضوع العديد من المداخلات في الندوات والملتقيات العلمية الوطنية والدولية التي جاءت لمقاربته ومحاولة فك مغاليقه.

 وفي الآونة الأخيرة ازدانت الساحة الأدبية والثقافية العربية عامة والجزائرية خاصة بميلاد جديد للأديب عز الدين جلاوجي ، أسماه "مسرح اللحظة/ مسرديات قصيرة جدا" قدم فيها خمسية عشر نصا  قصيرا لا يتجاوز كل منها الخمس صفحات، طرح فيها قضايا تخص الإنسان والحياة، كالحنين والزمان والمكان والعلاقات الإنسانية، وكما يمكن لهذه النصوص أن تقرأ لأنها مطعمة بالسرد ولذا سماها مسرديات قصيرة جدا، وهي شكل جديد في الكتابة قد يقتفي أثره الكتاب والأدباء، فإنه أيضا سماه "مسرح اللحظة" وهو أيضا مصطلح جديد يؤسس لشكل جديد من المسرح، حاول الأديب في مقدمته النظرية أن يحدد بعض ملامحه، منها مثلا أنه يتصف بالتكثيف في اللغة والحدث والشخصيات التي لا تتجاوز غالبا الثلاثة تقدم في مشهد واحد قد لا يتجاوز عرضه الربع ساعة لذا سمي "مسرح اللحظة"، وهو يتجاوز الخشبة فيمكن أن يقدم في أي مكان، الشوارع المقاهي الجامعات المعابد وحتى الطائرات والقطارات، وكل تجمع بشري، وقد جاء في كلمة الأديب مطلع كتابه، رابطا تجربته الجديدة بالحياة قوله:"وبمثل ما إن الحياة كلها هي مسرحية كبرى، فإن كل لحظة فيها يمكن أن تكون مسرحية أيضا،... إن الإنسان يفكر ويحلم ويندفع للفعل، وهو حينما يفعل فإنما هو يمسرح أحلامه وأفكاره، وقد تقول اللحظة واللحظات القليلة ما لا يمكن أن تقوله الأزمنة الطويلة، كأن هذه مضغوطة في تلك، وكأن لا بلاغة إلا في الإيجاز على حد قول أسلافنا".

علما أن الدكتور عزالدين جلاوجي الذي يشتغل أستاذا بالجامعة الجزائريّة، يخوض غمار التجريب الأدبي عبر كل ما صدر له والذي بلغ أكثر من ثلاثين كتابا، في فنون مختلفة، النقد والرواية والمسرحية/ المسردية، والقصة والكتابة للطفل مسرحا وقصة، وهو في كل ذلك يرسم عالمه الخاص الذي يتميز به انطلاقا من اعتماده اللغة الشعرية واستلهام التراث والتنويع في الفنون والغزارة في الإنتاج ومعانقة الهم الإنساني العالمي محقّقا بذلك الخصوصيّة والفرادة والتميّز في عالم الفن والإبداع .

     

نجاة ذويب (جامعة القيروان/تونس)..

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم