صحيفة المثقف

من البديهي ان نقول ان سياسة اي حزب حاكم في بريطانية يقيمها سلبا او ايجابا الداخل البريطاني نفسه وليست الشؤون الخارجية وما يترتب عليها من احداث فقط. فخلال الانتخابات الاخيرة فقد حزب المحافظين الأغلبية البرلمانيةلمصلحة حزب العمال وبذلك لا تقدر رئيسة الوزراء السيدة تيريزا ماي ان  تترأس حكومة أغلبية الا بتحالفها مع الحزب الجمهوري الإيرلندي الموسوم بمسحة دينية بروتيستانتية تشوبها بعض العنصرية.

ان تراجع حزب المحافظين بفقدان عشرة مقاعد وحيازة حزب العمال بقيادة جيرمي كوربن على تلك المقاعد ليس لكون السيد كوربن نصيرا للفقراء ولا للقضايا العربية ومنها القضية الفلسطينية ولا بموقفه المتشدد من اسرائيل او معارضته المعروفة لحرب العراق وغير ذلك من المواقف بل لأخطاء ارتكبتها السيدة ماي تخص الداخل البريطاني منها  قضية رواتب المتقاعدين التي  بذلت جهدا لتقليصها نضيف الى ذلك محاولة التقليل من دعم السكن ولا نشك في ان ازدياد أسعار السلع الاستهلاكية  وان كان طفيفا فان ذلك له اثره الفاعل في تقليص شعبية السيدة تيريزا ماي وفقدانها حكومة الأغلبية بعد الانتخابات الجديدة الاخيرة.

لاشك ان حزب العمال تربطه روابط بالاشتراكية الدولية  من حيث المباديء الانسانية العالمية والتضامن مع اليسار بخاصة في المواقف الإيجابية من القضايا الأممية الدولية لكن ذلك لا ينفي ان يقف بعض المواقف الانتهازية كما حدث في زمن رئيس الوزراء السابق توني بلير الذي كان من المتحمسين لغزو العراق غير ان جيرمي كوربن غير جذريا  في تلك السياسة  مع ان قدراته فيما يخص السياسة الخارجية تبدو محدودة لوجود اللوبي اليهودي ونفوذه في هذا البلد.

تقول السيدة لوسي برج لاند Lucy bridgeland وهي معلمة مدرسة وتنحدر من أسرة أرستقراطية وتسكن منطقة معروفة بانغلاقها وارستقراطيتها وعدم حبها الاجانب  اذ لآيسلندا اي اجنبي تقول صحيح ان هناك أغلبية ايدت الدعوة الى خروج بريطانية من الاتحاد الاوروبي لكنها أغلبية ضئيلة ان نتائج Brexitجعلت بعض مؤيدي الانسحاب من الاتحاد الاوروبي ينتقلون الى التصويت من حزب المحافظين الى  العمال  لقد أدى ذلك الى ارتفاع بعض الأسعار ارتفاعا طفيفا بسبب هبوط قيمة الجنيه  لكن ذلك اثر في علاقات بعض اصحاب المصالح والشركات مع الخارج بخاصة أوروبا.ولا نغفل بهذا الصدد ان نذكر ان بعض البنوك قد ينقل تعاملاته الى مدن أوروبية ان اهم الأمور اللافتة للنظر في قضية  Brexi t هي موقف بريطانية السابق فهل ستخفف  منه بعد ان غيرت نتيجة التصويت التوازن الحكومي لقد كانت هناك مواقف حاسمة ومصيرية بعد التصويت على الانسحاب لكن حزب المحافظين فقد الأغلبية  والمتوقع ان مواقفه  ستلين  لانه لم يعد يتمتع كالسابق بنفس الأغلبية .

هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تبدو بعض المسائل ذات حساسية عالية وان كانت تشمل فئة معينة من المجتمع  فقد طرح حزب المحافظين مسالة إلغاء معونة الشتاء لكبار السن . كانت زمن حزب العمال بحدود ٢٥٠ باوند  وأصبحت زمن حزب المحافظين ٢٠٠ باوند ثم صرح بعض المسؤولين بالنية في الغائها مما اثار حفيظة الشارع البريطاني وهناك ايضا ضريبة الخرف التي تمنحها الدولة لكبار السن والواقع تبدو الانتخابات البريطانية ذات خصوصية تختلف عن غيرها في سائر البلدان فقد تؤثر فيها سلبا او ايجابا قضايا تبدو صغيرة لكنها في الشارع البريطاني تكون ذات حسم.

يقول السيد تيري  جون Terry John وهو عضو فاعل في حزب العمال نحن بصفتنا حزبا للعمال نسير بخطين متوازيين خط داخلي ينطلق من خدمة المجتمع في الداخل وخط خارجي اممي يرى في الأحزاب الاشتراكية الاممية حلفاء له، من حيث الخارج العالم اصبح ذَا وشائج بخاصة أوروبا التي تؤلف وحدة متكاملة ثم تأتي القضايا الداخلية وأظن ان السيدة تيريزا ماي أخفقت في كثير من هذه الأمور لذلك فقدت الأغلبية البرلمانية .

اما الانسة ميري لارس وهي شيوعية تقوم كل أسبوع بتوزيع صحيفة الحزب الشيوعي والمتعاطفين معه فتقول ان هناك ثلاثة قضايا سببت هزيمة السيدة ماي  الا وهي Brexit ثم قضية توطيد علاقتها بالرئيس الأميركي ترامب  والامر الثالث حقوق المواطنين في السكن ومجتمع الرفاهية ومحاربة العنصرية.

مهما يكن من امر فلابد من الإشارة الى ان الأحزاب الاخرى في بريطانيا يمكن ان تؤدي دورا ثانويا حيث يبقى الحزبان حزب المحافظين وحزب العمال هما اللذان يتداولان السلطة ففي هذه المرة انهزمت السيدة تيريزا ماي وجاءت هزيمتها لمصلحة حزب العمال الذي قد يقدم حلولا أفضل  بقيادة رئيسه جيرمي كوربن.

قصي الشيخ عسكر / نوتنغهام