صحيفة المثقف

المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية

الفن الموسيقي متعدد الألوان حيث نجد الموسيقى بأصنافها وتعبيراتها وتقنياتها المختلفة وفي الصيف يكون المجال مفتوحا أمام المهرجانات والتظاهرات الثقافية المختلفة لتأثيث برامجها وفقراتها لا بنوع موسيقي مخصوص بل بأنواع شتى..

ثمة مهرجان شذّ عن هذا السياق ليجعل لسهراته لونا موسيقيا مخصوصا دأب عليه منذ بداياته وهو ما جعله ينجج ويحافظ على نوعية جمهوره وفق تقاليد متواصلة..

المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية، من الفعاليات التي صار لها حضورها لدى الجمهور ليس التونسي فحسب بل الجمهور الوافد من خارج تونس والذي جاء ليجمع بين السياحة والفرجة... في هذا المجال نلاحظ تلك العلاقة الحميمة بين الجمهور التونسي الذي يجد البرنامج على موقع الواب الخاص بالمهرجان ثم في أروقة الفنادق وبالتالي يعدّل برنامجه منذ بدايته على هذه العروض بما يتلاءم مع برنامج الاستجمام والترفيه..

مهرجان الجم الدولي عبّر في سنواته المختلفة عن أهمية المعادلة بين السياحة والثقافة وقد لاحظنا في دورات مختلفة تلك التقاليد في الفرجة وذاك السحر الذي يصير عليه قصر الجم الأثري كل ليلة عرض حيث تنبعث الأنوار من الشموع المزروعة في مختلف جهات وزوايا هذا القصر الأثري المميّز... وفي هذه الأجواء تنطلق الموسيقى السمفونية والأوبرالية حيث كانت المعانقة حاصلة مع عدد من العروض لمجموعات منها أوبرا فيينا والبولشوي والفرق السمفونية من ألمانيا وإيطاليا وتاتارستان وروسيا.. وهكذا نذكر أيضا ذاك الحفل التاريخي للفنانة العالمية باربارا هندريكس حيث انحبست الأصوات وبقي الجميع مأخوذين بالعزف على البيانو الذي رافق صوت باربارا الشجيّ..

هذه الدورة تنتظم في الفترة من 8جويلية الى 12أوت و فيها 8 سهرات و احتفاء بالفنان العالمي بافاروتي لمناسبة 10 سنوات على رحيله  و يكون برنامج العروض كالتالي

8 جويلية: أوركاستر الأوبرا الإيطالي (تكريم لبافاروتي) و 15يوم جويلية( الأوركاستر السمفوني للراديو الأوكراني) و يوم22 جويلية ( الليلة المتوسطية للكمنجة مع الأوركاستر  فيلا مدريد  (مصر، تركيا، تونس) و يوم 24 جويلية Maria del Mar Bonet et Amadeus Electric Quartet (Espagne/Roumanie) و يوم  29 جويلية Taipei Civic Symphony Orchestra (Taïwan) و 5 أوت l'orchestre du bal de l'Opéra de Vienne و يوم 8 أوت: Bach on the Bac  l'orchestre Méditerranéen de Tunisie Sinda Elatri et Mounir Troudi و يوم 12 أوت( الأوركستر السمفوني التونسي مع مشاركة عازف القيتار Christophe Denoth  والمغني Gianni Brush)...برنامج المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية بالجم في الدورة (32) مميز كعادة الفعالية و تاريخها الفني و الثقافي العتيد و العريق عراقة القصر ة الجم و ناسها و هنا لا يمكن الحديث عن المهرجان دون الحديث عن العارف بشؤون المهرجان و شجونه الأستاذ مبروك العيوني رئيس جمعية المهرجان و رفيق درب مسيرته و المهرجان يستحق دعما أكثر من الدولة فهو من هوياتها الثقافية و المهرجان له تقاليده و جمهوره من جهات العالم و هو مدعوم من قبل المندوبية الجهوية للثقافة بالمهدية..

هذا المهرجان يتواصل مع حميميته التي ألفها جمهوره حيث تتحوّل ليالي الجم الى منارات أخرى في هذه الموسيقى العالمية حيث الموسيقى لغة كونية باذخة لها سحرها الخاص وتفاعلاتها الحسية التي تنطبع على الكينونة والذات الانسانية..

المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية بالجم من المحطات المهرجانية البارزة ولكنها محطة مخصوصة بتقاليدها ورهاناتها الفنية والانسانية... وهنا نطرح سؤالا صار يتكرر مع الدورات الأخيرة وهو لماذا لا تستثمر التلفزة التونسية هذه الحفلات لفرق عالمية لتسجيلها أو بثها في فترات لاحقة وملائمة فالفن السمفوني له جمهوره وخاصة في ساعات قريبة من منتصف الليل فالموسيقى المطالبة ببثها التلفزة لا يمكن ان تنحصر في الفن العام والهابط و«المزود» بل لابدّ من تقاليد لإيجاد ذائقة تلقّ مغايرة وجديدة... تسمو بالذوق.. وترغّب في السهر الجميل.. وتنسي الناس شيئا من هذيان وقلة أدب وحياء البرامج الساذجة التي لم يع أصحابها أن التلفزيون ليس حبل غسيل لمشاكل لها خصوصياتها بمنطق الوجدان والاحترام والأخلاق... الموسيقى العالية كانت دائما عنوان جودة وسموّ بعيدا عن االسخافة والانحدار.. فالمجتمعات بخصوصياتها وحميمياتها و ثقافاتها العالية..و الجم مرة أخرى تمنحنا المناسبة الباذخة للاستمتاع بهذا الضرب الموسيقي زمن الفجيعة الانسانية و الوجدانية...

 

شمس الدين العوني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم