صحيفة المثقف

صدور الترجمة العربية لكتاب الاسلام لفضل الرحمن

1077 islamصدرت هذا الاسبوع ببيروت ترجمة كتاب الاسلام للدكتور فضل الرحمن للعربية[1] بقلم د. حسون السراي، عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر ببيروت ومركز دراسات فلسفة الدين ببغداد. راجع الترجمة وكتب مقدمة موسعة لها: د. عبدالجبار الرفاعي، لخص فيها جهود د. فضل الرحمن المتميزة في اكتشاف السياق الروحي والأخلاقي للقرآن، والمغيب في آثار الكثير من المفسرين والفقهاء والمتكلمين.

كما تحدث الرفاعي عن رأي فضل الرحمن في تفسير (حقيقة الوحي)، وأشار إلى أن مفهوم الوحي عند فضل الرحمن يستلهم آراء محمد اقبال وولي الله الدهلوي ومحيي الدين بن عربي، وكشف الرفاعي عن اننا نستمع إلى صدى صوت فضل الرحمن يتكرر في كتابات من جاء بعده، مثل: (بسط التجربة النبوية) لعبدالكريم سروش، و(القراءة النبوية للعالم) لمحمد مجتهد شبستري.

ألّفَ فضل الرحمن كتاب "الاسلام" عام 1965، وقدّم فيه عرضاً تحليلياً مكثفاً، لا يخلو من نقد، لنشأة وتطور معارف الدين الاسلامي، وكيفية تمثُّل المسلمين لهذه المعارف في أربعة عشر قرناً، والآثار التي تمخضت عن ذلك في ثقافتهم وأنماط تدينهم. يرسم لنا هذا الكتاب خارطة ترشدنا إلى عالم مفاهيم فضل الرحمن وجذور أفكاره ونواتها الجنينية التي تجلت بوضوح في مؤلفاته اللاحقة.

  ينظر فضل الرحمن إلى القرآن بوصفه كتاباً تربويا أخلاقياً، تتلخص رسالته في التربية على الرحمة والأخلاق. ففي تعليله للوحي يذهب إلى أن الوحيَ مظهرٌ لرحمة الله من جهة، وتعبيرٌ عن ضعف خبرة البشر أو غيابها، في حين يخص ادراكَه وحوافزَه الأخلاقية من جهة أخرى. ويشير إلى "أن الرحمن هو الاسم النعتي الوحيد الذي يستعمل كثيراً في القرآن كمرادف للفظ الله"[2]. وينبه إلى أن "غريزة الرحمة" متأصلة في الرسول عليه السلام "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وانه المثل الأعلى في الأخلاق، "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم".

فضل الرحمن باحث أخلاقي من طراز فريد في تكوينه ومنهجه. نتمنى أن يترسم الجيل الجديد من الباحثين المسلمين أخلاقيات البحث العلمي لديه، وطريقة تكوينه وتعليمه الرصين. فقد كان يتعامل بأخلاقية رفيعة مع أشرس خصمين من جيله، تلقى منهما ضربات موجعة في موطنه باكستان. إذ يكتب، وهو يثني على جهودهما بتبجيل، في تصدير كتابه "الاسلام وضرورة التحديث"، بالرغم من قسوتهما البالغة عليه: "أود أن أذكر اثنين من المثقفين الباكستانيين، أبوالأعلى المودودي واشتياق حسين قريشي، وقد رحلا عن عالمنا في أيلول (سبتمبر) 1979، وكانون الثاني (يناير) 1981. ولقد كان رحيلهما خسارة للاسلام، رغم انتقادي القاسي، والمبرر كل التبرير كما أعتقد، لهما"[3]. كانت مواقف المودودي من فكر فضل الرحمن جذرية في إشاعة التشكيك بأفكاره ورفضها، وعلى أثر هذه المواقف عمل أتباع المودودي وجماعته على تأليب الشارع وتجييش الجمهور الباكستاني ضد فضل الرحمن، إلى حد حدوث سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرت والاعتصامات انتهت بتهديده بالقتل، وتخلي الرئيس أيوب خان عنه في تلك اللحظة الحرجة. فاضطر فضل الرحمن أخيراً للاستقالة من رئاسة المعهد الذي كان يقوده، والهجرة إلى الولايات المتحدة.

كتاب الاسلام لفضل الرحمن مرجع بالغ الأهمية، لذلك اعتمدته عدة جامعات غربية مرجعاً أساسياً في الدراسات الاسلامية. وهو مرجع يمكن أن يفتح أفقاً مضيئاً في البحث والدراسة في الجامعات الاسلامية وكليات الشريعة والمعارف الاسلامية في المجال العربي. وبشكل خاص يمكن الافادة منه في الدراسات العليا في حقول: فلسفة الدين وعلم الكلام والدراسات القرآنية وغيرها من الدراسات الاسلامية.

 

....................

1- العرض مقتطفات مقتبسة من مقدمة د. عبدالجبار الرفاعي للكتاب..

2- فضل الرحمن. الاسلام. مصدر سابق.

3- فضل الرحمن. الاسلام وضرورة التحديث. ترجمة: ابراهيم العريس. بيروت: دار الساقي، 2015، ص 7.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم