صحيفة المثقف

رُؤى مختلفة حول خطاب يوم النصر (1)

mohamadjawad sonbaفي مساء يوم الاثنين 10 تموز 2017، نقلت الفضائية العراقية من مدينة الموصل، خطاب السيد القائد العام للقوات المسلحة العراقية، الدكتور حيدر العبادي، وهو يعلن فيه حسم معركة العراقيين مع الدواعش، وتحرير مدينة الموصل، بعد اسقاط ما يسمى بدولة الخلافة الداعشية، والتي اصبحت تعرف بعد النصر بدولة الخرافة.

فقد بدأت معركة تحرير الموصل يوم 19 شباط 2016، وانتهت يوم 10 تموز 2017، باعلان الانتصار على داعش، من قبل السيد العبادي. لقد كان خطاب السيد العبادي (الذي لم تتجاوز مدته، اربع دقائق ونصف الدقيقة فقط)، معرض اعجاب البعض ومعارضة البعض الآخر. وكانت وجهات النظر كالآتي؛

وجهة نظر المؤيدين للخطاب:

هذا الفريق يرى، ان الانتصار بحدّ ذاته، يُغني عن جميع الخطابات والكلمات، التي تقال في مثل هذه المناسبات. فالمهم هو النتيجة وحسب. وهذا الموقف تبناه، سواد كبير من المعلّقين، على وسائل التواصل الاجتماعي، والمشاركين في استضافات العديد من الفضائيات العربية.

وجهة نظر المعارضين للخطاب:

اصطف مع فكرة الدكتور (سليم الحسني)، التي طرحها في مقاله المنشور، على صفحته في برنامج الفيسبوك، والذي يحمل عنوان:

(أفسدت علينا فرحة النصر بخطابك يا حيدر العبادي/ https://www.facebook.com/hasani2003). والذي نشره بعيد ساعات قليلة، من اعلان بيان النصر من قبل السيد العبادي.

و قدّ بين الدكتور الحسني في مقاله اعلاه، أن حجم الحدث وضخامته، يجب ان لا يُختزل بكلمات عابرة وبسيطة، في خطاب القائد.

أقول:

ان خطاباً يُلقى من قبل القائد العام للقوات المسلحة العراقية، رئيس مجلس الوزراء العراقي، يجب ان يحتوي على مواقف صارمة، يحدد فيها مسارات سياسة الدولة، التي تتناسب مع حجم الحدث. يبين فيها القائد، مسؤولية الاطراف الدولية والاقليمية والمحلية، التي تسببت في احتلال داعش، لمدينة الموصل.

كما يجب ان يتناول الخطاب مواقف دول المنطقة، ومواقف الدول الأخرى، من حرب العراق مع الارهاب. هذه المواقف التي ادت الى سلسلة من الحروب الطائفية، والتناحر السياسي، منذ عام 2004 ولحدّ الآن.

هذا التناحر الطائفي، الذي ينعكس على الواقع السياسي العراقي، ما هو إلاّ مشروع مدعوم من الخارج، القريب من محيط العراق. ومدعوم ايضاً من الخارج، البعيد عن حدود العراق. أدت هذه المشاريع التخريبية، الى الدمار الكامل لمدينة عراقية، لها وزنها الحضاري، في معيار التاريخ الانساني، كما سببت للعراق وشعبه نكسة تاريخية، أدت الى تدمير اقتصاده الوطني، وبناه التحتية بشكل مرعب.

لقد جافى السيد العبادي الكثير من الحقائق بخطابه المبسّط، وضيع مسيرة من التضحيات الجسام، وأي تضحية يقدمها الانسان أغلى من النفس؟. حيث جاد العراقيون بأرواحهم، من مناطق الوسط وجنوب العراق، من أجل تحرير الموصل.

ولو نظر ابناء الوسط وجنوب العراق، الى موضوع محاربة داعش، واحتلاله لمدينة الموصل، بنظرة السياسيين المصلَحيّْين، الذين تُسيّرهم دولارات دول الخليج، وإرادات دوائر المخابرات الاقليمية والدولية، لما أكترثوا بالأمر اطلاقاً. فالموضوع برمته يخص سنّة العراق ومدينتهم فقط. لكن هؤلاء الابناء البررة لكل العراق، اعتبروا كل شبر من العراق هو وطنهم، وكل فئة من شعب العراق هي أهلهم.

واللافت للنظر، أن عدم حضور قادة الحشد الشعبي، مع القادة العسكريين، اثناء القاء السيد العبادي لخطاب النصر، يوحي بأن هناك بخس، لحق هذه القيادات المضحية، التي افترشت الارض، والتحفت السماء، وأكلت من نفس طعام المقاتلين دون تمايز، وهي تقاتل الدواعش في سوح الوغى وجهاً لوجه.

كما أنّ من الواضح للجميع، ان قوات الحشد الشعبي، كانت تشحن المقاتلين، بشحنات قوية من المعنويات. حيث كانت قطعات الحشد الشعبي تتقدم، أَمّا امام القوات المسلحة، او جناً الى جنب معها. صحيح ان السيد العبادي، اشاد بدور المرجعية في خطابه، لكنه لم يتناول أبداً دور الحشد الشعبي، الذي لولاه لما حُسمت المعركة، لصالح العراقيين الشرفاء. للموضوع تكملة في الحلقة الثانية من هذا المقال ان شاء الله تعالى.

 

مُحَمَّد جَواد سُنبَه -   كاتِبٌ وبَاحِثٌ عِرَاقي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم