صحيفة المثقف

سائر في الليالي أجر القدم

كان قميصي يبادلني رعشتي

أن القميص تهرأ فوقي

وفي جسدي

jasim aluobaidi

سائر في الليالي أجر القدم / جاسم العبيدي

 

(1)

في العشق

كل من لا يستحم

بماء وجهك

ياوطني

لا يرتوي

من ظمأ

(2)

ينثر العشق أوراقه فوق آنية الزهر فيض ندى

يسكب العاشقون أحلامهم مثل رمل الصحارى

على غبش الصبح

في الدروب الكئيبة ذات الصروح القديمة

غير انك تغفو على وجعي

وكما ترتجف الشجيرات  من شدة الريح

يتساقط العمر شيئا فشيئا

بأوراقه اليابسات

يربكني

وحين تومض الذكريات به

تتوقف الأقدام العارية

تلهث

تسحب أعناقها

بخطاها الوئيدة

ذاك هو الوعد الذي

ماعاد  يصحبني

في موجعات الأسى

وأنا لم اعد أتذكر

من أي درب أتيت

وفي أي درب مشيت

كيف أحاور وجهي الذي عجنته الريح

ولم يبق لي من طينته

التي سحبتها أمواج البحر

غير ماداسته أقدام الغزاة

ليس في جعبتي ماتبقى من خطاي

غير أعقاب السكائر

وثقاب أكلت أعواده النار

وبقايا نبيذ معتقة بالكأس

الذي تركته ليالي الأسى

فانا لا أحب النبيذ الذي لايعتق في الرأس

ولا أحب الرياح التي لا تلاوي  الشجيرات

في العاصفة

لا أحب الكلام عن الخوف

والموت

والعشق

حين يقايض روحي

بطعم البكاء

حين ينزف جرحي على بركة من دماء

حين تكشف عن أوجههن الهاربات

وهن يهرولن

نحو شمس مماثلة للغروب

ويسرجن خيل التشرد في لحظة الانفعال

يسحبن موتاهم التي طويت أسماءهم في الحروب

وفي الغياب المؤبد

حين تتكئ شمس الظهيرة على جبهة البحر

وحين تتسكع السويعات تاركة ظهرها للمغيب

اترك دمعي على الجرح مرتعشا

أيتها الريح

انزفي وجعي في النهار الأخير

لا تسقطي دمعتي في الغياب

على وطن ضيعته الحروب

(3)

استقري

ففي كل ارض تعج الرياح

وفي كل ركن يلم المسنون أعمارهم

وهذا أنا

بين تلك الدروب الم اصطباري

بلا وطن

استحم بعتمة ليلي

وموقد ناري

(4)

دائما عندما اشتهي أن أراك

أحاور تلك الأصابع

حين تكور أنفاسها

فوق خصرك

يالذاك الجسد

أولم يرتوي من شفاهي  وقد

أزهرت قبلة

واكتفت بالهوى إذ وقد

***

آه ....يامن تعدين كل الليالي اشتياقا

إلى غرفة وفراش

وبوح جسد

(5)

أصدقائي

ومن شاطروني الصبا

الصبايا

الغزاة

العرايا الذين رأوا وجعي

الرجال الذين التقيت بهم

السكارى

المراءون

الهاربون من العشق

الذين ابتلتهم حروب المليشيات

أبي المتزمت في رأيه

كلهم حين أقدمت قالوا

سيأخذك  العشق للموت

وحين ابتليت

غفرت لنفسي

باني قتلت عشيقا

بشهدك

وحين اكتويت

انحنيت

(6)

لأني ارتشفت حلاوة ثغرك

لم يكتفوا

باعتذاري

وساروا بوجهي

إلى موطئ

لم أكن قد بلغت هواه

بشق حيائي

وساروا

بما قد اعدوا لموتي

جسور الأذى

والشتائم

والضرب عند اصطباري

حتى تهاوت

من الضرب فوقي العصي

فقلت

اعذروني

لقد كان ذاك اختياري

(7)

حين همت بروحك بين الدروب

الم تشتكي من عذاب

الم تك أنت الذي قد أهالوا عليك التراب

وسدوا عليك المنافذ

واضطررت

إلى ترك مأواك منسلخا

من عشيرتك الأقربون

وهاجرت تخفي ثيابك في صرة من قماش

وحين خرجت

تركت العشيقة  والهة

بانتظارك

وحين كتمت التياعك

لم يقربوك

وكان المساء يحاور ذاتك

منفردا بالنحيب

وكانت بذاتك  بضع هواجس متروكة

في الفضاء الرحيب

قدم تلو أخرى تجر

تقدمها مرة وتؤخرها مرتين

وقد اخذ العجز منك الصبا

ترى كم ستبقى تجاهر بالصمت

حتى انسللت كما الخيط

من إبرة في الظلام

تحاكي دموعك

كي تستريح

(8)

كم مضى من سني احتراقي

كم نثرت على صفحتي من قصيد

كم تركت ورائي من الروع

حين شهدتك ياوطني غارقا بالدماء

فما عدت أخشى التوحد في ساحة الحرب

لا وجه يبعد عني ابتلائي

ولا عين تعرف دمع انتهائي

كلها الآن تعجنني في المدار

تدور رحاها بي الأرض دارا فدار

وتسرق مني هواها

ولاشيء غير دمي

في المحطات

يصرخ بي

قد مللت هواك

وذاك ............

.............

التخفي

وبي من لهاثك محض انتظار

(9)

حين حاورتني في لجة الموت

صوت  المجاديف

وهي تغرف بالماء  مسرعة

يالخوفي

يأخذ الموج أضلاعها مثل ضلعي

لم اقل لك شيئا

وضعت على كتفي كفني

وامتطيت صدى الموج

في ساعة الانهيار

وكنت احمل بين كفي

جرحك ياوطني

حين مرت على مهجتي

لعنة الاحتضار

(10)

أين نرحل ياوطني ؟

حين أطلقت صوتك مرتعشا

في فمي

حين أسدلت الريح عندك أستارها

واقتفت اثري

نباح الكلاب اقتفى اثري أم صهيلك

تخاف الكلاب التي تتوحد  فيك؟

تخاف التغرب في السجن وحدك؟

تخاف العيون التي شررا  تزدريك؟

تخاف المجاديف

صوت المياه التي لا يقر إليها قرار

كفى فزعا

إن موتا بطيئا سيأتي

كفى أن تلك الهموم تحاصرني

وها ان جرحي ينزف ذعرا

وان دموعي تعرت

على وجنتيك

كور الحزن أعباءها

وكنت أصيح بها

يابلادي التي ضيعتني

يابلادي التي سافرت بي صغيرا

ولم اشتكيها

تجمر في الجوف قلبي

فلا الموج يحمل في السر عبئي

ولا الريح  تحمل همي

وها أنا بين التشرد والخوف

لم أجد أحدا بانتظاري

***

كان قميصي يبادلني رعشتي

أن القميص تهرأ فوقي

وفي جسدي

جرح السنين يعمق مجراه

حتى ترنح بي وجعي

وانزوى بي

معتكفا

للرحيل

(11)

تجمهر حولي الرعاة الذين كبت سفن الخوف فيهم

تجمع حولي الذين هربت من الموت – منهم –

وكان الجميع يردد

هذا الذي فر منا

إلى جهة لا تطال لها موقعا في الخريطة

ارتميت على وجهي المتجعد بؤسا

ظل بي العمر يمضي سريعا

تركت على راحتي ثقل راسي

آه من غفوتي

أين يمضي بي العمر

ياوجعي ....

ألهذا المصير ؟

(12)

هذا  أوان الترجل في ساحة الموت

خذ سيفك الآن وامض إلى الحرب

خذ موطئا كي تحرر أرضك

من لهب النار

المطارق تهوي عليك تباعا

لا تحتسي خمرها في المساء الحزين

تعال هنا

خذ سبيلك واخرج بثوبك

هذا مغتسل بارد وشراب

خذ منه لافتة للحقوق

وخذ منه ثوبا يلف الجسد

وخذ منه للسفن الراسيات شراعا

وخذ  كفنا للمحن

فان عذابك لن ينتهي

سألقي إليك حجابي

فما قد يمر ببالك من وهن

لا تبالي به

سألقي  إليك التحية

حين تمد مع الجرح فيض الألم

***

احترس

إنهم يخذلونك

إنني الآن

اعجن بالأرض دمعي

وهذا قسم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم