صحيفة المثقف

الأسس الموضوعية لانبثاق الحشد الشعبي ونهضته ....

salam kadomfarajقراءة في كتاب الأستاذ علي جبار الفتلاوي: فخر العراق ..

من الكتب النادرة المهمة التي تتناول الظروف الموضوعية لانبثاق الحشد الشعبي في العراق.. وجدت فيه مادة ملهمة لمزيد من القراءات الموضوعية التي تتناول مرحلة جد خطيرة في تأريخ العراق السياسي والاجتماعي ويمكن ان يكون مرجعا ثرا لدراسات جامعية مستقبلا تتناول حقبة ماقبل واثناء وما بعد سقوط مدينة الموصل ومدن عراقية أخرى بيد عصابة مجرمة عرفت بداعش.. ويتناول الكتاب في فصول عدة القوى التي ساهمت في نشوء داعش ابتداء.. والقوى التي ساعدتها وساندتها ومن ثم القوى التي استفادت من هيمنتها على الموصل..

ويرى الكاتب ان تركيا الاردوغانية من اكبر الداعمين للإرهاب. ويرى في اردوغان ذيلا اميركيا وبالتالي خادما للمشروع الصهيوني .. يقول الكاتب في ص 301 (اردوغان يحاول إخفاء هويته ويريد الظهور بمظهر العلماني ..لكنه وبالتدريج ومن خلال تغيير القوانين وتعديل الدستور ينحو بتركيا صوب الفكر السلفي المتطرف.) ينبه الأستاذ الفتلاوي الى ضرورة يقظة العالم تجاه سياسات اردوغان المخادعة..ويرى في نظام اردوغان كابوسا على الشعب التركي وخطرا يهدد شعوب المنطقة والعالم..

في سلسلة مقالات تضمنها الكتاب تحت عنوان على خلفية تسليم الموصل لداعش يكشف الأستاذ علي جبار الفتلاوي وبالوثائق الكثير من الحقائق المذهلة عن تورط دول ومنظمات وشخصيات في دعم ذلك المشروع الداعشي الخبيث ويرى في حقيقته مشروعا صهيونيا مدمرا.. ويرى في مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي عقد في السعودية في أيلول 2014 وبرعاية أمريكية اسما على غير مسمى فالكثير من الحاضرين هم في الحقيقة داعمين لل:إرهاب وهنا تكمن مفارقة مضحكة مبكية.. ان تدعم الإرهاب من جهة. وان تقيم مؤتمرا لمكافحة الإرهاب من جهة أخرى !!! ويرى في ماسمي بالمعارضة السورية المعتدلة إعطاء شهادة حسن السلوك من قبل أمريكا وإسرائيل لمنظمات هي لا تختلف عن داعش سوى بالاسم مثل النصرة وجفش وغيرهما.. ويفضح الأستاذ الفتلاوي الدور الذي لعبه ماكين عضو الكونغرس الأمريكي من العمل على تدمير المنطقة خدمة لإسرائيل..

ويطرح المؤلف أسئلة مثيرة للجدل لكنه يجيب عليها بوضوح إذ يرى في الإرهاب الذراع الخفية لاميركا وإسرائيل لترويض الشعوب العربية ووأد المقاومة الحقيقية من خلال زرع الفوضى والخراب. من اجل ذلك ينحاز المؤلف وبثقة عالية الى رجال الحشد الشعبي وقادته ويرى فيهم فخر العراق وجعل عنوان كتابه (فخر العراق) تحية لهم وانحيازا صادقا لتضحياتهم الباهرة التي حركت ضمير العالم فانحاز لهم. رغم كل محاولات التضليل والتشويه من قبل دوائر مشبوهة قريبة من تركيا بقي الحشد الشعبي يملك نصاعة الموقف المنحاز للشعب ومن اجل ذلك أيضا انحاز الشعب له وباركه ودعمه بالأنفس والمال.. وقد كانوا مصداقا للآية الكريمة التي رصع الكاتب بها مقدمة  كتابه  (من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه  فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ..)

الأسس الموضوعية لنهضة الحشد الشعبي

1 - التهديد الجدي لوحدة العراق وسيادته من قبل عصابات داعش المدعومة من قبل قوى مشبوهة

2 - الدعم اللوجستي لداعش من قبل تركيا اردوغان وبعض الدول الخليجية

3 - ضعف العلاقة آنذاك  بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان  التي وجدت في سقوط الموصل فرصة للتشفي من المالكي دون النظر الى مصالح الشعب العراقي التي من المفترض ان تكون مرتبطة به مصيريا بل ان إدارة السيد مسعود البرزاني وجدتها فرصة لتوسيع رقعة نفوذها منتظرة تفكك العراق تماما لتعلن استقلالها

4 - غض النظر أمريكيا عن تمدد داعش رغم ارتباط العراق مع أمريكا بمعاهدة الدفاع المشترك. وقد كشف السيد ترامب في حملته الانتخابية عن مسؤولية السيد أوباما والسيدة كلنتون عن ظهور وتمدد داعش

5 - بعد سقوط الموصل وتهديد داعش للعاصمة والوصول الى تخوم كربلاء أصدرت المرجعية الدينية ممثلة بسماحة السيد السيستاني فتوى الجهاد الكفائي لكل العراقيين وانخرط آلاف الشباب العراقيين من مختلف المكونات  في الحشد الشعبي تلبية لنداء المرجعية الذي هو نداء الوطن وليس نداء طائفة بعينها.

 6 - تفشي بعض الظواهر المؤسفة في ظل الحكومات السابقة سببها الفساد المالي والإداري وتفشي ظاهرة الفضائيين وعدم معالجتها بحزم وهو الامر الذي تداركته حكومة الدكتور العبادي

7 - تأخر وسوء تسليح الجيش العراقي من قبل الولايات المتحدة رغم ارتباط العراق معها بمعاهدة تنص على دعم القوات المسلحة

هذه بعض الأسباب الموضوعية التي استدعت ضرورة انبثاق الحشد الشعبي الذي اصبح الان قوة ناهضة من قوى الدفاع عن وحدة وسيادة العراق ومعترف به جماهيريا وقانونيا...

يتناول الكاتب في فصل مهم من فصول الكتاب وقفة هادي العامري شيخ المجاهدين اثناء وبعد سقوط الموصل بيد داعش .. إذ يرى في سيرته وموقفه مثالا على صبر وزهد ونزاهة الرجال الحقيقيين.. فقد هجر كل المناصب السيادية المتاحة والتحق ملبيا فتوى الجهاد الكفائي ..

 في الختام لا بد من التذكير اننا قد نختلف في بعض تحليلات الكاتب وتخريجاته حول بعض القوى التي يرى فيها داعمة لداعش .. لكننا لن نختلف معه ابدا في ان تغيير موازين القوى لصالح العراق وشعب العراق بعد ان كادت ان تنهي العراق تماما تعود لبطولة أولئك الرجال المعروفين منهم والمجهولين. جنودا وضباطا وضباط صف من ابطال قوة مكافحة الإرهاب وابطال الجيش والشرطة الاتحادية.. وفخر العراق بحق ابطال الحشد الشعبي الميامين..

 

سلام كاظم فرج

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم