صحيفة المثقف

أزمة منطق العقل

شئنا أم أبينا ..

الظلام يكف ولا يكف،

وكذا الضياء ..

MM80

أزمة منطق العقل..!! / جودت العاني

 

شئنا أم أبينا ..

الظلام يكف عن أن يكون ظلاماً، ولا يكف ..

والضياء يكف عن أن يكون ضياءً، ولا يكف ..

والذئاب لا تكف عن العواء

ولا تكف عن الزحف صوب المراعي الخضر،

ولا تعيقها ثلوج الشتاء ..

وهي تزحف،

تجذبها رائحة الفريسة

حين يبدأ الموت يفرز لعابه اللزج ..

والغربان، عندها، لا تكف عن التحليق ..

هي، وحِدْآن الجثث

تنتظر انحسار الموت مهما كان شكله ..

والجثث تجلب الضواري

وتستدرج الجوارح وديدان الأرض ..

كما تجلب خيارات الموت المؤجل ..!!

الصخب يهاجم هدوء الوديان ..

كما تهاجم الذئاب القطعان ..

وكما يهاجم الذباب أشلاء البشر في القمامة

فينقلب الهدوء الى عاصفة بدون غبار،

سوى برك من دماء وفوقها سحابات دخان ..

من يتحدى الموت أيها العميان..؟

من يؤجل الموت حين تكف الارض عن الدوران ..؟

من يمنع الوباء، حين تمتلأ المدن بالقاذورات ..؟

من ينقذ النفوس التي غمرتها عفونة الحقد

وعَتَقَها الفساد والثأر حين غاب العقل.؟

من يقترف الذنب والأثم

ويطلق ضحكاته في الهواء ويدعي أنه نبيل..؟

من يستطيع ان يغلق اذنيه بالشمع

كي لا يسمع صراخ المطحون لحد العظم ويدعي انه عادل..؟

من يدعي ان القلب الغارق بالدموع مسكون فقط بالحب ..؟

من يدعي انه لم يبكِ في قلبه يوما ..؟

من ينكر انه يتوسل الى الله عند المحنة وينساه حين تنقشع ..؟

من يستطيع ان يوقف نزيفه ويسكت جوعه بالصراخ ..؟

من يستطيع ان يواصل مشواره بدون قدميه ..؟

من يستطيع ان يفكر ومعدته خاوية الا من الهواء ..؟

من يستطيع ان يقول انه سيعيش الى الابد ..؟

من يستطيع ان يعوي مثل الذئب

طوال الليل والنهار ويدعي انه انسان ..؟

من يستطيع ان يحتكر حقيقة هذا الكون

ويدعي انه ظل الخالق على الارض .؟

من يستطيع ان يدعي

ان وهم الحقيقة هو الحقيقة ذاتها ..؟

من ينكر ان حقيقة الوهم هي وهم الحقيقة لذاتها ..؟

من يقول ان العالم يتحدى حدود اليقين حين يمتلأ بالشك ..؟

من قال ان الشمس تشرق من الغرب،

ويدعي ان مسارها خاطئ ..؟

من يستطيع ان ينكر ان الليل يسبق النهار

او ان النهار يسبق الليل

منذ نشأة الكون وحتى اللحظة الراهنة ..؟

*  *

الإنسان ضعيف .. وضعيف جداً حين تصيبه حمى،

وحين يتعافى يشعر بأنه يصارع الجبابرة ..

وهنا في هذا المخبئ يعيش الإنسان

بين وهم الحقيقة وحقيقة الوهمْ ..!!

***

شئنا أم أبينا ..

الظلام يكف ولا يكف، وكذا الضياء ..

والذئاب التي تزحف نحو الوديان المعشوشبة،

ولعابها يسيل حين تشم رائحة الدم،

تظل تزحف من كل الجهات ..

حتى انها تزحف في دواخلها

حين تعوي عند مغيب الشمس ..

ولا تكف عن العواء،

ما دام الدم يسيل في الطرقات

وتحت سقوف المنازل المهدمة بحمم السماء ..

فيما تظل الغربان وحِدْآن الجثث تحومْ

عندما تزحف الذئاب من كل جهات الأرض،

ومن دواخلها يستمر النزيف.!!

 

د. جودت العاني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم