صحيفة المثقف

جولة في حديقة شاعر..

ahmad fadelقراءة في ديوان الشاعر العراقي المغترب يحيى السماوي: حديقة من زهور الكلمات.. نصوص نثرية

مع صدور ديوانه الجديد "حديقة من زهور الكلمات" عن مؤسسة المثقف في سيدني – استراليا، ودار تموز للطباعة والنشر دمشق 2017، نكون على أعتاب دعوة لزيارة حديقة زهور الشاعر يحيى السماوي اليانعة بأحرفه العاطرة ولنتجول بين أريجه الذي فاحت به عديد نصوصه النثرية، فالسماوي هو الأكثر إنجازا بين شعراء عصره المحدثين وأكثرهم قراءة، حيث لم تخلو تلك النصوص من العاطفة والوجدان، الأسطورة والرمز، الظواهر الحياتية والدين، والثيوصوفي المتصل بأحوال الصوفية، فممارساته العديدة في كتابة نص مبتكر جعلت من قصائده تعيش أجواءا متحركة غير جامدة، كذلك هو بشهادة جمهرة واسعة من النقاد يعتبر الأكثر ثراءا في توظيف الفوكلور الشعبي باستخدامه لأبجدية حروفه الأقرب للمتلقي من حيث التأثير، ساعدته في ذلك سعة إطلاعه على مراجع أدبية كثيرة بحكم دراسته في الجامعة وقراءاته العديدة للملاحم الشعرية العربية والفارسية القديمة، كعنترة بن شداد وتغريبة بني هلال والشاهنامة، والعالمية كهوميروس، دانتي، والحداثي العربي والعالمي .

ويمتلك شعر السماوي في بنائه جسرا سهلا للوصول بقارئه إلى بر أمان القراءة الممزوجة بالحكمة، ومع تنوع اشتغالاته فهو يمتلك خيالا خصبا يجعلنا ننتشي ونحن نتلمس حروفه بكل الشغف الروحي والإنساني، كتب في مفتتح ديوانه يقول في قصيدة " تماثيل وجداريات :

من أين لي

بإزميل ينحت المستحيل

لأقيم

لحبيبتي

تمثالا من القبلات ..

للكادحين

نصبا من عرق الجباه ..

للأطفال :

أرجوحة من الكركرات ..

وللعراق :

جدارية

من صلوات موسى الكاظم

وتسابيح

عبد القادر الكيلاني !

63 yahia

القصيدة يمكن لها أن تحوي كل الذي قلناه عن شعر السماوي ولو أجرينا تشريحا وتحليلا لها لوجدنا الشاعر مستكشفا أكثر مما هو خالق لها وكأن لغته نبع ماء يتفجر من الصخر باحثا عن مساراته لمستقره الأخير، فهو يدرك المعاني الممكنة لكلمات قصائده فيضع لها قواعدها لتأخذ أبعادا حقيقية ممزوجة بخيالية سحرية ورمزية غير معقدة كما يقول في قصيدته " إكتشاف " :

حين رأيتك

إكتشفت

أن القوس قزح

يمكن أن يتألف

من لون واحد

وأن الوردة

يمكن أن تكون بمفردها

حديقة !

" إكتشاف " وضعتنا أمام بوصلة شعرية لا تخطئ المسير، فهي بيد ربان ماهر يعلم هدفه ومستقره وهي ليست وحدها هنا فجميع نصوصه النثرية سارت بنفس الخط الذي رسم لها، ففي " جاذبية " نكتشف مغناطيسية السماوي باقتناص الفكرة، اللغة، ثم الصورة الشعرية بإطارها السحري والرمزي وصولا إلى وضعها أمام أنظار المتلقي بصورتها النهائية :

العطر وليس لون الزهور

ما يجذب الفراشة

هذا ما اكتشفته

حين رأيت الفراشات

تدخل من شق قميصك

لتخرج ثملى

ثمالة شفتي المترنحتين

كلما شربتا

رحيق ياقوتتيك

الحمراوين

حديقة الشاعر السماوي ونحن نغادر حروفها المزهرة نظل ننتشي بعطرها مع أننا لم نمر على جميع أزاهيرها، لكن تبقى " نقطة " دليل ذلك الإنتشاء والبراعة في صياغة مياسيمها حتى اكتمالها :

الأمر بسيط جدا

لإخراج العالم

من

قعر " الجب "

فقط :

أن نزيل " النقطة "

من

تحت " الجيم

 

كتابة / أحمد فاضل

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم