صحيفة المثقف

العالم الاخضر يحترق والجفاف يهدد البشرية

solayman omayratتواصل الحرائق التهام الكثير من الغابات والأحراش في العديد من بلدان مختلف القارات، وهي تواصل في اشتعال وتدمير الكثير من الثروات الغابية الجبلية والمحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة والمنازل، لتصل إلى الأرواح من المواطنين وجنود الإطفاء.

والشاهد على الحرائق يرى أنها قوية اللهب سريعة الاشتعال والانتقال من جبل لآخر ومن بلد لآخر كما جرى مع إسبانيا، وقد فشلت فرق الإطفاء في كل مكان من اخمادها في العديد من دول العالم رغم نجاح فرق الطوارئ من اخلاء السكان القريبين منها إلى أماكن آمنة.

مسببات الحرائق:

إن ارتفاع درجة الحرارة غير الاعتيادي في السنوات الثلاث الأخيرة أدى إلى جفاف في النبات والأدغال مسهلة بذلك تكوين الشرارة الأولى للحرائق وانتشاره السريع عبر كل الغابات والأشجار والمحاصيل في بعض دول العالم، إلى جانب بعض أعمال إجرامية بشرية قامت بإشعال النار في الجبال عن عمد وقصد، سواء لحرق ما تبقى من نبات بعد حصاد المحصول، أو لفشل الزرع وطلب تعويض من شركات التأمين أو أن حرق الغابات يؤدي إلى غابة جديدة طرية قابلة لرعي البقر التي تترك في الجبل مثل ما يحصل في بعض البلدان، كما ان استهتار الدول الصناعية بالبيئة في سياستها الصناعية واستمرارها في تشييد مصانعها المضرة للجو والمكونة للاحتباس الحراري، وكذا انتشار التجارب النووية للأسلحة الكيماوية وغيرها، من بين العوامل التي أدت إلى انخفاض معدل هطول الأمطار إلى النصف وارتفاع درجة الحرارة صيفا إلى أكثر من أربعين درجة مئوية في جنوب أوروبا وشمال إفريقيا.

انتشار الحرائق:

شهد العالم ظاهرة غير مسبوقة لانتشار الحرائق هي الأسوأ على الإطلاق منذ عقود، كانت بدايتها من انتشار حرائق مدمرة مستعرة في تشيلي والتي أدت إلى التهام الكثير من الهكتارات من غاباتها الجافة والأراضي مع إجلاء المواطنين القريبين من النيران، ليستمر لهيبها منذ مارس الفارط في التطور والانتقال من بلد لآخر كاسحا كل طري ويابس، حيث تضاعف حجمها بسرعة فائقة وذلك بسبب الرياح القوية التي تعصف ليلا كما جرى في كاليفورنيا الأمريكية فوقف رجال الإطفاء ضد الحرائق وأخمدوها بالمنطقة كما استمروا في مكافحة غيرها من النيران عبر العديد من الولايات الأخرى منها تكساس، كولورادو، أوكلاهوما وكانساس، حيث اجتاحت الكثير من المساحات ودمرت الكثير من المنازل.

كما شهدت جمهورية الجبل الأسود أعنف حريق منذ عقود ولت، وقبلها نيوزيلندا في حرائق ضخمة شرد على اثرها الآلاف من الأشخاص، وكندا بعد أن عجزت عن اخماد النيران التي ضربت غربها وأخذت الغابات والموارد الطبيعية والأراضي الفلاحية طلبت المساعدة من الطائرات الأسترالية لمكافحة النيران، بعد أن شهدت هي بدورها حريق مهول في مدينة نيو ساوث ويلز.

وقد أتى حريق مهول على مساحات شاسعة من أراضي البرتغال وأدى إلى قتل ما لا يقل على خمسة وستون شخصا، وبسبب الجفاف وارتفاع درجة الحرارة انتقلت الحرائق إلى إسبانيا التي اشتعلت من الجهتين، ناحية الجنوب على حدود البرتغال مما أدى غلى تدمير الكثير من الغابات وتهجير أكثر من سبع مئة شخص إلى الخيم والفنادق، ومن الجهة الشرقية مع فرنسا التي التهب فيها إقليم البرانس الذي أتى على أكثر من مئة وتسعون هكتارا من الغابات الفرنسية، وقد ساهم جميع رجال الإطفاء في اخماد النيران ومنهم من أصيب بجروح، كما شهدت دول أوروبية أخرى حرائق بجبالها ومدنها ومنها إيطاليا في روما وصقلية وكذلك كرواتيا واليونان وتركيا.

عربيا، احترقت جبال سبع عشرة ولاية من الجزائر، وقد التهمت النيران كامل الساحل الشمالي للبلاد، تعرضت منها بجاية إلى حريق هائل ضرب ضواحي المدينة وأعلن حالة استنفار ببعض الأحياء والقرى التي مسها الحريق، كما ضربت النيران اثنى عشرة بلدية من ولاية الطارف التي تشتهر بجبالها وسهولها الخصبة، ومست الحرائق في الجزائر الثروة الغابية والأشجار المثمرة والمحاصيل الزراعية، ولم يبخل رجال الحماية المدنية بجهودهم من أجل اخماد النيران التي خرجت عن السيطرة وقد ذهب رجل إطفاء ضحية مع جروح متفاوتة الخطورة للبعض الآخر أثناء أداء مهامهم النبيلة.

كما انتشرت النيران في كل من تونس ومصر والمغرب التي مست مدنها وجبال مما زاد في ارتفاع درجة الحرارة بها ّإلى حدها الأقصى.

هل تتحول زرقة السماء إلى أحمر؟

من جراء هذه الحرائق والتي سبقتها في الأعوام القليلة السابقة يمكن التساؤل عن مصير العالم في المستقبل، من حيث وفرة المياه من ندرتها، والكثافة الغابية في جبال العالم كله وخاصة الشمال، فالمؤشر يدل على حدوث جفاف وتسحر وتطورهما في الأعوام القليلة القادمة وذلك بسبب قلة الغابة المتبقية من الحرائق التي تؤدي حتما إلى انخفاض معدل تساقط الأمطار، وكذلك بسبب تزايد المصانع العملاقة المطلقة للغازات والمواد السامة المؤثرة في البيئة، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي حتما إلى ظاهرة التسحر بعد اختفاء وانقراض بعض أنواع الأشجار والغابات كلما اشتعلت النيران، ومنه يقل انتاج الخشب في العالم ويقل النشاط الصناعي الذي يعتمد على هذا المنتوج تحديدا، وعليه يمكن احتمال حدوث ظاهرة جديدة وهي تحول العالم أو سماء الأرض إلى اللون الأحمر بدل الأزرق بسبب قلة الماء وتراكم الغازات في السماء لانعدام تساقط الأمطار فيصبح المشهد مرعبا كما نشاهده في أفلام هوليوود بعنوان نهاية العالم، والمغزى من هذا المقال هو توجيه دعوة إلى كافة أقطاب العالم بضرورة دراسة أوضاع العالم كل ظاهرة على حدى لمعرفة عواقبها والعمل على التقليل من خطورتها، مع تجنيد جميع قوى العالم السياسية في هذا التحدي مثل ما يجري في المؤتمر العالمي للمناخ في باريس.

 

بقلم سليمان عميرات

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم