صحيفة المثقف

معرض دمشق الدولي وإشارات الحرب والسلام

mohamad abdulkarimyousifليس هناك أدنى شك في أن اليد العليا في الشرق الأوسط الجديد هي لمجموعة 4+1 المكونة من روسيا وسورية وايران والعراق وحزب الله اللبناني ومن خلفهم الصين التي تدعم كل شيء من خلق الستار.

يبدو أن هناك متعة حقيقية في لعب الأدوار خلف الكواليس وهذا ما تفعله الصين التي ظهرت بقوة في معرض دمشق الدولي الذي بدأ يوم الثلاثاء الواقع في 17/8/2017 حيث تخطط لتلعب حجر الزاوية في بناء الاقتصاد السوري وإنعاشه من جديد.

الدول التي حضرت في المعرض تخبرك أشياء كثيرة عن مستقبل الجمهورية العربية السورية، فأنت تصادف أجنحة دول البريكس وايران والعراق وكوبا .

والغائبون هذه المرة هم فرنسا وبريطانيا وتركيا وعائلة بني سعود ولفيفهم والولايات المتحدة وكل الأطراف التي دعمت قصة " تغيير النظام " بالإضافة إلى " المتمردين المعتدلين " ووكلائهم على الأرض " الجهاديين والسلفيين".

ما من شك في أن أقطاب التحالف الأوراسي : روسيا وايران والصين هم من سيلعب الدور الفعال والهام في اعادة اعمار سورية وبالتأكيد ستمنحهم دمشق الأفضلية في العمل على الأرض السورية وهنا نجد أن أصحاب معادلة 4+1 والصين هم صاحب اليد العليا في مستقبل سورية الجديدة .

تقول صحيفة ايشا تايمز أن رابطة التبادل التجاري العربي الصيني فرشت السجادة الحمراء لكل من يرغب المشاركة في معرض دمشق الدولي وكان المانشيت العريض للمشاركين سنكسب المشروع الأول في أعادة اعمار سورية . وسيشارك بنك الاستثمار في البنية التحتية الصيني في تمويل عمليات الاعمار والبناء .

تعتبر الصين سورية جزءا من الحزام الأمامي والطريق المباشر للدخول إلى الشرق الأوسط الجديد نظرا لأهميته في توريد النفط والغاز للجمهورية الصينية حيث يتوقع أن تصل الواردات من النفط من منطقة الشرق الأوسط نسبة 50% من توريدات الصين في المدى المنظور .

وهذا ما تحدث عنه الباحث الصيني في العلاقات الدولية وانغ جيسي في عام 2012 في دراسة بعنوان ” التقدم نحو الغرب واعادة التوازن للفكر الجيوستراتيجي الصيني ” ومنذ ذلك التاريخ تتقدم الصين بسرعة نحو وسط أسيا وغربها ” الشرق الأوسط ” .

تلخص فكرة ” الحزام الأمامي والطريق المباشر للدخول إلى الشرق الأوسط الجديد” هذه الرؤية في الربط بين الصين والخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط . سورية بموقعها الجذاب للاستثمارات تعتبر مفتاحا أساسيا وهاما في تجارة الصين مع العراق ولبنان ودول المشرق العربي بالإضافة إلى كونها نافذة اتصال مباشر بين الصين والبحر الأبيض المتوسط .

من جانب آخر تساهم المؤسسة الوطنية الصينية للنفط ( CNPC) في العديد من المشاريع النفطية السورية ولها أسهم كبيرة في مؤسستين نفطيتين كبيرتين في سورية، كما وقعت الصين عقودا مع الحكومة السورية للبحث والتطوير وتقديم الخبرات والمساعدات، وتمتلك شركة سينوشيم الصينية حصة كبيرة في تطوير حقلين نفطيين كبيرين في سورية .

وفي نفس الوقت، تدرك دمشق أهمية الدور الصيني الذي يدعمها من خلف الستار ويساند المواقف السياسية السورية، فالصين حليفة موسكو منعت حلف الناتو من فرض عقوبات على سورية في مجلس الأمن الدولي . ويشعر المواطن السوري بالامتنان للتحالف الصيني الروسي الذي جنب الشعب السوري الكثير من الدمار والويلات التي كان الغرب يخطط لها عبر وكلائه في سورية .

كانت الصين تدعم فكرة ” عدم تغيير النظام من الخارج ” لأن ذلك يدمر الدول كما حدث ويحدث في ليبيا . وكانت تشعر دئما أن الخطر الارهابي المعتدل والسلفي والجهادي المدعوم أمريكيا إن نجح في سورية سيكون في الغد على أبواب بكين وزينغ جانغ .

اليوم سورية تجد طريقها للنور من جديد رغم التضحيات الكبيرة التي قدمتها في سبيل الحفاظ على وجودها بدعم الأصدقاء والحلفاء .

وحزب الله أقوى بكثير مما كان عليه في عام 2006، ولعب دورا هاما في هزيمة المشروع التكفيري.

ومشروع " تكفيرستان " يحتضر، ستهزم داعش والقاعدة، والإدارة الأمريكية لم تعد تذكر أنها قالت يوما " على الأسد الرحيل " وأوقفت المخابرات المركزية الأمريكية تمويل المجموعات الإرهابية المعتدلة .

ولن يكون هناك فصل بين سورية والعراق، وسيرى مشروع " بايبلاينستان " النور، وقد نشهد تصدير النفط والغاز نحو الصين . من يدري؟

يقول مايلز كوبلاند في كتابه لعبة الأمم ” ليس من الضروري أن تربح اللعبة لكن عليك أن لا تخسرها ” وهذا في كل أوجهه وحالاته ينطبق على الحالة التي تعيشها سورية وحلفائها .

 

بقلم محمد عبد الكريم يوسف

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم