صحيفة المثقف

ضيوفٌ وأدباء: حوار مع د. ربيحة الرفاعي

rabihaalrifaeiبعد حضوري ومشاركتي بالمؤتمر الثامن للقصة الشاعرة والذي أقيم مؤخرا بالعاصمة الأردنية بالفترة من 18 أغسطس إلى 20 أغسطس 2017  وعلى مدار ثلاثة أيامٍ تكلّلت بالنجاح والإبداع بما قدمه المشاركون والقائمون على هذا المؤتمر الأدبي الكبير .. وفي لقاءٍ مع أبرز شخصيات القائمين والمشرفين أجريت عدة حواراتٍ.

 

ضيفتنا في هذا الحوار المرأة الفولاذية  والأديبة السامقة الشاعرة الكبيرة  د. ربيحة الرفاعي من الأردن .. فأهلًا وسهلًا بك أديبتنا الكريمة ضيفةً غالية علينا

- الأديبة والباحثة الرائعة الدكتور أحلام الحسن: تسعدني استضافتك الكريمة لي في هذا اللقاء الهادف على هامش المؤتمر العربي الثامن للقصة الشاعرة، وأرجو أن أتمكن في ردودي من قول ما تستدعيه أسئلتك الذكية للفكر، في حدود المساحة المتاحة للقاء...

 

1-  د. ربيحة الرفاعي كيف تعرفين جمهوركِ عليكِ من هي د. ربيحة الرفاعي؟ ومتى كانت إنطلاقتها الأدبية؟

- كان هذا دائما هو السؤال الأصعب بالنسبة لي، فواحدنا مجموعة من الحكايات، لكل حكاية تعريفه المختلف في إطارها باعتبار زاوية التناول ومتعلقاتها، رغم اجتماعها الحتمي في كينونته كإنسان،  عموما وفي  هذا الإطار الأوسع.

أنا ربيحة عبد الوهاب الرفاعي، شاعرة وناقدة من الأردن، أحمل درجة الدكتوراه في الأدب المقارن من الجامعة الدولية الأمريكية، أكتب الشعر العمودي والقصة القصيرة والقصيرة جدا والقصة الشاعرة أيضا .. زوجة وأم لثلاث من الأبناء وجدة لسبعة أحفاد.

 

2-  لمع اسم د. ربيحة الرفاعي مؤخرًا في مجال القصة الشاعرة .. حدّثينا عن ذلك .. ولماذا  اهتمامكِ البالغ بهذا النوع الأدبي الجديد؟

- القصة الشاعرة حكاية تستحق وقوفا طويلا على كثير من الزوايا واجبة الطرح في شأنها، وهي بالنسبة لي أكثر من ذلك قليلا، فقد اعتمدتها برهانا على فرضية أطروحتي لنيل درجة الدكتوراه .. ولم يكن ذلك ليكون لولا ما تتميز به القصة الشاعرة كجنس أدبي جديد عربي المنشأ حداثي اللغة والبناء وما بعد حداثي الأسلوب الفني التفاعلي المتناغم مع التوجه الرقمي للإبداع الأدبي

من هنا وأمام ما يتحدانا عربيّا من جحود الباحثين والنقاد –حتى العرب منهم- للأصول العربية لكثير من الأجناس الأدبية القارة، وادعاء كثيرين منهم بتأخرنا عربيا أربعة إلى خمسة قرون عن الواقع الثقافي والأدبي العالمي، وحاجتنا للاجتهاد لاجتياز ذلك الفارق، فقد تحمست بقوة لهذا الجنس الأدبي الوليد لما رأيت فيه من تأكيد على زعمي بإمكانية القفز عن تلك الهوة الموجودة أو المزعومة والانطلاق من حيث وصل العالم وليس العدو وراءه، تماما كما قفزت أوروبا عن قرون تأخرها في نهاية العصور الوسطى، وانطلقت من حيث كان العرب وصلوا  ..

والقصة الشاعرة انطلاق من آخر محطة وصلها وما يزال يدور بين جدرانها الأدب العالمي، بأصالية في لغتها وغائيتها وفي توظيفها للتفعيلة الخليلية عمادا أولا، وما بعد حداثية أسلوبية تتجلى في تفاعلية النص وانفتاحه أمام المتلقي على مساحات من التأويل واسعة يسقط فيها خبراته وثقافته ليكون شريكا حقيقيا في العملية الإبداعية، وما بعد ما بعد حداثية  (الحداثة المتذبذبة) لم تنزلق فيها لمتاهات التأرجح التي وصلها الأدب الغربي، وإنما وقفت منها على تبطين القص في ما ورائية النص ببراعة تعبيرية، وتوسيع مساحة ملامح الشخوص لتتقبل إسقاطها على شرائح ونوعيات وأجناس مختلفة، والانفتاح الزمكاني يطلق النص في فضاء يتقبل كل الأزمنة له زمنا وكل الأمكنة له مكانا تربطه بالمطروح منها قضية النص ومضمونه..

وتحمل القصة الشاعرة عندي-لذلك-  قيمة تتعدى مزاياها الأدبية وترتقي – بزعمي- لبعد قومي  عربي -، بما لوجودها ونجاحها في تكريس حضورها على خارطة الأجناس الأدبية من دليل يتحدى الدنيا بالحضور العربي الفاعل في المشهد الأدبي العالمي، وقدرته على التواؤم مع التغيرات في البناء الفوق للمجتمعات ..

 

3- هل ترين بأن المستقبل الأدبي قد فتح بابه على مصراعيه للقصة الشاعرة؟ وهل هناك من الأدباء العرب عارضها؟ وبماذا تردين؟

- المستقبل الأدبي لم يفتح بابه يوما لجنس أدبي بسهولة، فكل جديد يواجه الرفض والنقد وامحاولة النقض من فئة مغلقة تخشى ما لا تعرف فتغلق في وجهه الأبواب بدلا من محاولة معرفته، وهي معركة خاضتها المدارس الأدبية تباعا كل مع سابقتها، والأجناس الأدبية الجديدة مع رواد ومبدعي القار والمنتشر منها، وتخوضها القصة الشاعرة اليوم لتزداد بها انتشارا .. فتلك المعارك تعد واحدا من أبرز أدوات انتشار الجديد بحضوره دائما في مقدمة أخبار المشهد الأدبي وحواراته وجدله

 

 4-  د. ربيحة حبذا إتحافنا وإتحاف جمهورك بقصةٍ شاعرةٍ قصيرة من تأليفك؟

-    توظف في القصة الشاعرة سيميائية العرض والتشكيل البصري، كمنبهات دلالية وربما مفاتيح لشفرات النص، بالاضافة لبعض أودوات العرض الرقمي، ومراعاتها هامة في عملية نقل النص ليصل للمتلقي مكتملا

معراج

تَقدَّمَ رُغمَ سُدودِ الظَّلامِ فَسدّوا المَنافِذَ

قااااااوَمَ

شَقَّ سَبيلًا إلى زَهرَةِ المَجد..

ضَجّوا،

استَشاطوا،

أَثاروا الزَّ و ا بِـ عَ،

ظَنّوا بِأنْ يَستَقيلَ المُقاتِلُ،

لكِنّهُ اشتَدَّ، مَا رَدَّهُ مَا تَحيكُ العَناكِبُ .. فَاندَكَّ سَدّ الرُكودِ المُعَربِدِ،

وَامتدَّ مِنْ جَانبِ الطُورِ لِلأفْقِ مِعراجُ نُورٍ عَليْهِ ارتَقى لِلنُّجُومِ انْتِصارًا ..،

وَغَنتْ نَشيدَ العُبورِ الدَّوالي.

 

5- الأديبة د. ربيحة أين تجد نفسها أكثر في الشعر العمودي أم في القصة الشاعرة؟

- القصة الشاعرة فن جناحاه القصّ وكتابه الشاعر لا يطير بواحد منهما دون الآخر، لذلك لا يكتبه غير شاعر قاص، فإن لم تجتمعا في الكاتب أعجزته القصة الشاعرة .

وأنا كشاعرة ورغم كتابتي أحيانا قصيدة التفعيلة والقصة الشاعرة والقصة القصيرة والقصيرة جدا، أزعم أن قصيدة البيت /الشعر العمودي متمكنة مني .. كتبتها منذ طفولتي صحيحة الوزن والقافية، وأكتبها اليوم بأصالية على مستوى الشكل واللغة والبناء الفني..

أما أن أجد نفسي في جنس أدبي أكثر من غيره فلم أعايش شعورا كهذا يوما، فالفكرة حين تقتحم وعيي، تأتيني وقد اختارت في أي القوالب ستنسكب حرفا، وبأي شكل أدبي ستنثال، وأجدني منذ الاستهلال منساقة مع ذلك الشكل، أحسّه وأحبّه وأجد فيه نفسي كأن لا باع لي في غيره ولا ذراع .

في ختام هذا اللقاء الأدبي الشّيق مع شخصيةٍ أدبيةٍ شامخةٍ ك د. ربيحة الرفاعي

أشكر لها حسن تلبية دعوتنا متمنيةً لها دوام الرفعة والتألق لتكون إحدى القدوات المُشرّفة للمرأة العربية وللفتاة العربية

 

حواراتٌ تجريها: د.أحلام الحسن

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم