صحيفة المثقف

كيف رسم الفنانون الاوربيون شكل السيد المسيح

khadom shamhod2منذ العصر الاول المسيحي الى اليوم والرسامون الغربيون والشرقيون في حيرة من لغز شكل السيد المسيح ـ ع ـ وقد رسموه حسب بيئاتهم وتقاليدهم و ثقافاتهم الدينية وعلى اساس ما ورد من وصف في الكتب التاريخية وبعض الكتب الدينية المتأخرة . فالاوربيون يرسمون المسيح بملامح اوربية اشقر اللون والشعر وبعيون زرقاء فاتحة . والشرقيون يرسمونه بملامح شرقية ورساموا امريكا الجنوبية يرسمونه بملامح وسحنات وجوههم . وهكذا بقية الشعوب .

كيف رسم دافنشي المسيح في لوحة العشاء الرباني؟ .

عندما كلف دافنشي من قبل الكنيسة برسم موضوع ـ العشاء الرباني ـ للسيد المسيح ـ ع ـ كان قد شرع في البحث عن نماذج واشكال تمثل المسيح والحواريون الاثنى عشر . وقد توافدت عليه اعدادا كبيرة من المتطوعين، وقد بدا دافنشي اولا باختيار واحدا من هؤلاء ليكون موديلا ليمثل السيد المسيح، حيث اختار شابا بعمر العشرين على وجهه البراءة والطيب ولم تظهر على وجهه آثار وتجاعيد مرارة الحياة وتعبها . وعندما انتهى من رسمه بدأ باختيار اشخاص يمثلون الحواريون الاثنى عشر ما عدا يهودا الذي فتن على المسيح عند الرومان حيث تركه الى آخر مرحلة . وقد استغرق في رسمهم ستت سنوات . اما يهودا فقد ذهب يبحث عن من يمثله وقد استغرق في ذلك فترة طويلة، وكان يبحث عن شخص ذو ملامح اجرام وخشونة .. ونصحه احد الاصدقاء بالذهاب الى احد السجون في روما وفعلا ذهب دافنشي الى السجن ووجد ما يبغيه . وعندما انتهى من رسمه طلب من الحارس بعودته الى السجن ولكن السجين رفض العودة وتوسل بدافنشي في انقاذه حيث خر على قدميه يقبلها باكيا ... ويذكر في هذه الرواية ان السجين قال لدافنشي هل تتذكرني ؟ فاجاب دافنشي بالنفي . قال السجين انا الشاب الذي اخترته قبل عدة سنوات لاكون موديلا للسيد المسيح . ع . ؟؟

العصر الاول المسيحي:

ذكر بعض المؤرخين انه ظهرت اخبار عن السيد المسيح عام 50 م ـو قيل في مصدر آخر عام 75 م ـ بعد صلبه او غيابه وصعوده الى السماء حسب الكتب المقدسة، ولكن لم نجد في هذه المصادر الاولى اي وصفا شكليا للسيد المسيح . وبما ان المسيحين الاوائل كانوا مطاردين من قبل السلطات الرومانية الوثنية بالتعاون مع اليهود، فقد كانوا يمارسون عبادتهم بالخفاء وفي اكثر الاحيان كانت تجري تحت الارض في الانفاق او السراديب . وكان الرسامون يرسمون السيد المسيح على الجدران بشكل رمزي وبسيط واحيانا على عجلة خوفا من اكتشافهم . وهذه الرسوم كانت خالية من التفاصيل وكانت مصحوبة بالكتابات والرموز التي تشير الى السيد المسيح، وقد استخدم في زمن الاغريق بعض الرموز منها رسم شكل السمكة وشكل الخروف واستخدم ايضا حرف A وكذلك رسم موضوع ـ الراعي الطيب ـ وقد عثر على رسم كاريكاتيري منفذ على الجدار في روما من قبل احد الجنود الرومان يتهكم فيه على صلب المسيح . حيث ظهر في الرسم شكل انسان مصلوبا و لكن برأس حمار . والصورة نفذت بين اعوام 85 و95 م ـ هذا الصور تبين لنا عن مسألة مهمة اخرى وهي ان الرسم الكاريكاتيري والتهكم والاستهزاء كان يمارس في تلك الازمنة القديمة . والصورة لازات محفوظة الى اليوم . والصورة الثانية للمسيح ظهرت في القرن الثالث ميلادي وهي موجودة اليوم في كنيسة سان بدرو في الفاتيكان وتمثل المسيح يمتطي عربة حرب ويقال ايضا انها تمثل احد آلهة الاغريق . ويظهر فيها المسيح له لحية طويلة . ومنذ ذلك الحين اخذ الرسامون يرسمون المسيح حسب البلاد التي يعيشون فيها من مسحات الوجوه وتقاليد الناس وعاداتهم . غير ان كل ذلك كان يجري بشكل رمزي ومبسط، مصحوبا ببعض الكتابات او الاشارات التي تدل عليه ..

رمبرانت والسيد المسيح - ع :

في عام 1656 كان الرسام الهولندي رمبرانت قد مر بازمة اقتصادية مادية قاتلة ولم يكن في بيته من الاثاث الا الاشياء القليلة والبسيطة من بينها لوحة لرأس السيد المسيح ويعتقد ان الرسام الذي رسمها قد عاصر السيد المسيح ورسمه مباشرة . وبعد 200 سنة من اكتشاف هذه الصورة جاء احد المؤرخين الهولنديين ودرس تلك الصورة وحيثياتها ومن حيث هل ان هذه الصورة هي فعلا تمثل شكل السيد المسيح ورسمت في حياته ؟؟

على هذا التسائل رد متحف اللوفر في باريس باقامة معرض في 30/ 4 / 2011 لهذه لهذه الصورة و الصور الاخرى التي تمثل السيد المسيح والتي رسمها رمبرانت وطلابة واساتذته وهي تبين كيف كان شكل المسيح، غير ان هذه الرسوم كانت مرسومة بملامح وسحنات اوربية، و ضمن فكرة الاحتمالات .

 الدراسات العلمية:

 في عام 2001 قام العالم الانكليزي ريجارد نيابي Richard Neave من جامعة مانجستر بدراسة المجتمع الاسرائيلي القديم ايام حكم الرومان في فلسطين حيث كان المسيح ولد فيها مع عشيرته آل عمران . كما درس وحلل بعض الجماجم القديمة التي عثر عليها في هذا المنطقة . وبعد هذه الدراسة المعقدة والطويلة خرج بنتائج احتمالية وضنية . بان شكل جسم السيد المسيح عريض وملامح وجهه سمراء وعيونه كبيرة وعسلية او سمراء وانفه غليظ مع شفتين بدينة اما الحواجب فهي كثيفة . وشعر الرأس قصير اسود غير منتظم ..

كل هذه المواصفات التي اشار اليها الاستاذ ريجارد وغيره من المؤرخين الحديثين تبتعد كل البعد عن ما ذهب اليه الفنانون القداما والمعاصرون خاصة في اوربا . وقد عثر على صورة للسيد المسيح في Turin في كنيسة Sant Sudario مؤرخة عام 1300 حيث يظهر فيها المسيح له وجه وشعر اشقر وعيون فاتحة تميل الى اللون الازرق ولحية قصيرة وشعر الرأس طويل واشقر ايضا ..

و قد عد المؤرخون 10 لوحات للسيد المسيح تعتبر من اهم ما رسمها كبار واشهر المصورين في التاريخ وهم: 1 ـ صورة مجهولة الهوية رسمت ما بين عام 1090 و1100 في العصر البيزمطي . 2 ـ جيوتو 1314 . 3 ـ اندريا مانميغنا 1480 . 4 ـ دافنشي والعشاء الرباني 1495 . 5 ـ مايكل انجلو ويوم القيامة . 6 ـ جاكوب بونتونو 1528 . 7 ـ ميجيلانخيلو . 8 ـ فيلاسكس . 9 ـ كوكان . 10 ـ سالبادور دالي .

وفي العالم الاسلامي ايضا عندنا لغز في رسوم الانبياء والائمة والصالحين حيث رسمت حسب الوصف الذي جاء في الكتب التاريخية والدينية . ويكثر فيها الخيال والطابع المثالي للشكل، وكان الرسامون الايرانيون هم اول من رسم صور الانبياء والائمة متحدين كل مسائل التحريم . وقد حدث ذلك في زمن الدولة الصفوية في القرن العاشر الهجري . وقد رسموا الرسول محمد ـ ص ـ حسب طرازهم الفني الفارسي باسلوب المنمنمات، فظهر الوجة مدور واحيانا العيون لوزية وانف قصير، خاصة في رسم صورة المعراج . اما رسوم الائمة فقد رسمت اليوم بطابع الوجة المثالي الجميل والذي يشير الى القوة والطيب، مثل الوجه المدور الساطع والحواجب المعكوفة وعيون كبيرة ثاقبة النظر وانف مستقيم . وكل هذه الصور الدينية عبارة عن تخيل وتقليد لما رسم في الماضي ولا يعبر عن الشكل الحقيقي لذلك الامام . وهي نفس لغز مشكلة ما حدث لرسم السيد المسيح ـ ع ـ

د ـ كاظم شمهود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم