صحيفة المثقف

أشلاء مبعثرة

sardar mohamad2ما الذي بدر منها؟

ماذا أساءت لمن يكن بعد كي يرى؟

لكي يعقل ويفقه، ولم يَسُد بعد سوى العماء، لاسماء كانت ولا أرض سوى الماء.، إذا لم يكن ثمة من يرى غير عين تعالى تبصر كل شيء، الأعالي، والسهوب، والفيافي، والصحارى وما سيقول له كن فيكون .

فبأي حق حكمت محكمة البشرالذكورية خلقك من ضلع من الجانب الأيسر لآدم البريء.

لاتخشي فأنت قبس من نور الإله لاتعتريه ظلمة .

الجانب الأيمن من الطور خصص لمناداة القوي الأمين فلا مكان فيه لحواء .

لم يبق غير الجانب الأيسر في جسد آدم المسكين .

شرحوه قبل أن يعرف العلم التشريح،

وبحث الذين يتبنون اللغو فرائض وبراهين عن موضعه فلم يعثروا على أي أثر، وقالوا سدّ بلحم .

مئات بل آلاف الحكايات تسفّه ساردها من في أُمه مثلها وما منعه مانع .

أوحى لهم عريه الجسدي تعريته من إنسانيته .

عريه الجسدي لا ينبغي أن تناله أعين الوحش ولا الهواء ولا الماء ولا الطين على شاشة سينما الطبيعة، ولحواء السماح ولكن متى يريد آدم وهي عليها أن تكون مفقساً لقابيل وأخته وهابيل وأخته .

وأوحى الله إليهما فطفقا يخصفان من ورق.

كأوراق شجرة تظلل الثمر ولا شيء يظللها هزتها ريح عاصف .

إرتجفت شفاهها لحظة إقدامهاعلى القبلة الأولى.

قرّبت عنقها منه ثم أحجمت،

مخافة أن يقول أنها تهواه بأكثر مما هو يهواها،

وأن يقال أنها مبتذلة .

من العفّة أن تخفي رغباتها في طلب قبلة وهي تريد أكثر .

ومن البطولة أن يريد آدم أي شيء حتى العبث بما تصوّر أنه ملكه فيدخل من الباب أو من الشباك أو من أية كوة يراها مناسبة لتبعث فيه ذروة اللذة .

وإلى متى؟ ومن عنده صك السماح المخجل؟.

كيف لا ترتجف خوفاً ممن يدعي الرجولة ويخيفه غشاء رقيق.

تحية أيها البطل غشاء البكارة صرعت أعتى الذكوريين .

تحية أيتها الستارة الرقيقة التي لعبت بعقول العقلاء .

تحية أيتها النافذة التي تفصل عالم ظلام دامس وعالم نور .

تحية أيها الشغاف الذي كان مقصلة من خَرق ومن خُرق .

شعرتُ بأن قلبها يكاد ينسل من صدرها كانسلال الماء خلال الطين عندما كانت خفقاته ترج أضلاعي كوقع الأحذية الثقيلة للعائدين من سوح المعارك منتصرين تتقدمهم الطبول .

في مجتمع يخاف من سطوة من يسرقه لابد أن يخاف من الحب

سرقات الساسة محللة وعشق الناس للحرية محرم.

إتخذت الطيورأعشاشاً بعيدة عن الأنظار لتمارس الجنس بحرية .

حالات مختلفة تؤدي إلى الإرتجاف .

لحظة تكفين عزيز، لحظة معرفة تلميذ نتيجة الإمتحان، لحظة اكتشاف أب ذوبان ابنته في أحضان جارها المراهق .

عليّ تبديل العبارة لم يرتجف بل صرع جبناً.

لحظة اطلالة أمي تحمل المكنسة متأهبة للضروالريش يتطاير في كل اتجاه جراء تقاذفنا بمخدات الريش .

" حريّة " الصبيّة الرشيقة برغم نحافتها نتوء نهديها الصغيرين يبرزان كتينتين خلف ثوبها المهلهل .

يقال أن بخيلاً أهدي تيناً فأسرع وأخفاه تحت السريروسأل من أهداه ما الذي ذكرك بنا اليوم قال: سمعت مغنيّة تقرأبأجمل صوت

" والزيتون وطور سنين "

فتذكرت حبك للأصوات الحلوة . فقال: ويحك فأين التين؟ أجاب : تحت السرير.

لم يرق لأمي المنظرفخاطت لها ثوباً بمناسبة العيد .

فقل تركيزالأحداق التي تحضرت لإلقاء شباك صيد سهل .

كم كانت أمي تكيل المديح لها : نظيفة، تجيد طبخ الطعام كإمرأة واعية، (نادرة).

ولكن للأسف تسكن في " صريفة " وأمها اضطرت بعد وفاة زوجها في زنزانات السلطة للعمل بحفّ شعر النسوة .

ولحقت الأم بزوجها تاركة الصبية للقدر.

وقفت أمي موقفاً نزيهاً من الصبية " حريّة " معارضة أبي مدّعي التدين .

- يارجل، بعد الصلاة تأتي الزكاة مكانة، كم آية تفصح عن ذاك؟ أنا أقل منك ذهاباً لبيت الله ولكنك بعيد عن الله وأنا أقرب منك لقلب الله .

- أنا أخاف من توافر جو لمراهقَين قد يزلّان .

- الزلل في النفوس السيئة يارجل .

تحس بوخز نظراته المصوّبة تجاه نهر نهديها حينما تنحني لتلتقط شيئاً ساقطاً على الأرض ولم تستطع النطق بمبتغى هذا الرجل وانتظرت بقهرتوقفه .

ألا يخجل هذا الرجل من نفسه "سلام ابنه أرفع منه وأنظف .

سمعته يخاطب زوجته التي آوتها وعاملتها بالحسنى كأم أن جارهم التاجر خطبها .

ظن أن هذا الخبر سيسعدها .

إنتفضت وامتعضت

وقفت الأم مرّة أخرى بحزم أمام عقول لا تعرف في الأنثى سوى الإستعداد للفراش والإستلقاء بهدوء لتلبية شهوة قانعة راضية دون أن تنبس فتخالف أمر الشرع .

ظل يلح، وهدد بالطلاق

وخافت المراهقة " حرية " أن تسبب هدم أسرة .

كان القرار بالهروب

لم تجد غيررفيقة أمها يوم كانتا تنطلقان لحفّ شعر صبية يوم عرسها وتحمل عنها خرجاً فيه نوعان من خيوط عريضة ورفيعة وعلبة مملوءة بالسبيداج لوازم العمل .

كانت صديقة أمها بارعة في وشم الأفخاذ .

الأمهات يغردن كلما اتجهت نحو الأعلى متوقفة عند السرّة وعندها يبدأ الرقص غير آبهات بتأوهات الصبية من دماءغرزات ابرة الوشم المختلط برماد سيجارة فيضفي لوناً أزرق مخضر.

رفيقة الأم لا تسكن اليوم " صريفة " يبدو أن رحمة الله أو نقمته هبطت عليها فجأة .

دارٌ مبني بالآجرفيه عدة غرف للنوم عدا واحدة لم تجد لها تفسير مقنع، سرير نوم قذر، فيديو وجهاز تلفزة، وعلبة ورق تنشيف، وحمام شككت في أنه لتنظيف الجسم بل لزيادته قذارة .

قبل رحيل أمها كان اسمها "حمديّة " لكنها اليوم تنادى "سوسو" .

كل شيء تغير نزعت الحجاب وأبدلت أسلوبها في الكلام فهي تقول : باي باي، أو كي، وهلو، وتصوّت إمممممم مبدية تعجبها .

خرجت سوسو كعادتها فاستغلت حريّة الفرصة داخلة الغرفة ذات السرير العريض، رفعت المخدة فهالها ما شاهدت .

مجلة بصورلعاريات وبأوضاع تافهة، واقيات مطاطية .

ضغطت زر تشغيل الفيديو فرات ما رأت مما لا يعجبها أن ترى .

عرفت أنها أخطأت بالإلتجاء إلى هذه المرأة،

لكنها ظلت تؤنب نفسها، ما كان لها أن تلج غرفة بلا استئذان .

ليلاً ظلت تحدق في زجاج النافذة المواجهة لفراشها، فتخيلت وجه أمها يبرزخلال الزجاج،

- إياك إن تنزلقي، إياك ياابنتي، إياك أن تنسي المبادىء التي ضحى أبوك بنفسه في سبيلها، إياك أن تغريك لقمة لذيذة وحياة مترفة، أنا قريبة منك، ناديني متى شئت، نهضت فزعة واتجهت صوب الشباك لتعانق أمها وتقبلها لكن الوجه سال مع الندى على الزجاج، فعادت خائبة واستلقت على فراشها، والدمع تكاد تسلمه

المحاجر، فعاد الوجه خلال الزجاج .

مسحت المدامع بكم ثوبها، وتبسّمت

قالت الأم : نعم هكذا تبسمي كوني قويّة، جاهديهم، فهم أوهى مما تعتقدين وهؤلاء يريدون أنثى تتناقلها الأحضان ويتنقل جسدها بين الشفاه كتنقل القصيدة بأفواه المنشدين فتتمزق وتضطرب وتعود أشلاء مبعثرة .

حلمت أمس أن الحنين إليك والخوف عاوداني وكنت بعيدة عنك في صحراء لا يحدها حد فذعرت ورحت أجري وأجري حتى وصلتك فرأتني كلاب كانت تحيطك ففرّت نافرة .

مَن يعين ويعضد صبيّة، حلوة، مغرية، في مجتمع غرق في مرارة الخذلان .

بدأت جرذان سوسو محاولة نخر غصن طري .

الصيد الثمين يقترب من الشباك

فرصة، فرصة أهداها لها القدرعلى طبق ذهب

- حلمت أمس بسلة بصاحب بستان غني يقدم لك سلّة رمان هديّة.

- ومن أين يعرفني هذا الرجل

- شاهدك وأنت متوجهة لمدرستك .

إسمعيني يا ابنتي الرجل غني وصارحني باستعداده لدفع مبلغ كبيرلقاء فرصة اختلائك به لليلة .

أتذكرين ما كنت ُعليه، و المزبلة التي كنّا فيها نعيش، لم يخلقنا الله قمامة حتى نرمى في حاويات الأغنياء وبمهارة مني إذ أغمضت عيني لساعات وجدت نفسي أملك مالا يبلغه إلا سارق محترف، أخبريني عن قرارك وعندك وقت كاف حتى صباح الغد .

استلقت على فراشها وفتحت كتاباً مدرسياً فلمحت صورة عالم جبهته واسعة فراحت تحدثه

- يا سيدي ماذا استفدت من علمك الذي أضناك سنيناُ

تخيلت شفاهه تحرك

- طفلتي ليس المهم أن أستفيد بل أن أفيد .

ليس كل ما يوهب يكون بمقابل .

أسمعت بحاتم الذي كان يطعم الجياع وبذل ماله فسألته زوجه سؤالك هذا فقال شعراُ

أإن المال يروح ويعود لكن البقاء للأحاديث والذكر .

لذة انتصار الحياة أكبرمن رغبة الغني الذي أخبرتك عنه "سوسو" .

قلبت الصفحة فبرز شيطان بقرنين وعين ثالثة في جبهته وهو يبتسم ابتسامة تضفي عليه قبحاً

لا يغرك هذا العالم الذي ذبلت نبتته فقد أصرّ أنها ستعيش في واد غير ذي ماء بين رمل وملح .

دعيك منه وازرعي نبتتك في جنة اللذة واسقي شهوتها من رائق الشبق .

إمتعضت ومدت أظفارها الحادة لتخرق الصفحة

لملمت أغراضها الصغيرة في كيس وضعته في حقيبه اليد بينما ألقت ثيابها بتعسف في حقيبتها الجلديّة وتركت المكان الأوسع لكتبها وكراريسها المدرسية فنضدتها بتأن.

لم تنس علبة حبوب الأسبرين

أخشى أن لا تكون فعّالة قاتلة

بدأ النبض يزداد خفقانه قبل تناولها

دفعة واحدة أم حبة حبة؟

لا بل دفعة واحدة فأودع الدنيا بلا ألم

سأموت بهدوء

إتكأت على الحائط المصبوغ بلون أصفر فاقع

وحدّقت بزجاج العلبة الذي يشف عن الموت .

تقلّبها جاعلة عاليها سافلها بدت الحبوب ككواكب ترتج في سماء مجهولة .

ليقولوا بعد رحيلي ما يخطر ببالهم وما ترسم تصوّراتهم،

ليس ذاك بضائري وأنا تحت الثرى في قبرمحكم الغلق .

أنا أعرف منهم سيقول

من جوع وفقر.

كانت فاقدة العذريّة فقررت الإنتحار.

جنت بعشق .

وأفضلهم سيقول

فضلت الموت على ممارسة البغاء .

في الغرفة المجاورة كانت سوسو تعيش في عالم آخر، عالم ضبابي، عالم سرابي، ، عالم بلا أرض تستقر عليها أقدام .

كانت كمن يطير يطيربلا أجنحة ويتشتت كدخان ثم يلتحم ببعضه مرة اخرى، فترتشف رشفة اخرى من كأس البيرة الكبير كبر الموت القادم من خلف الأبواب .

دخل رجل غاضب كبركان انتفض

بيده سكين ذرب

استوت جالسة، وأرادت الصراخ فعاجلها بطعنة

أرجوك، ارحمني

لا تقتلني

أرحمك يا عاهرة، حلمت برمان يهدى !! كم طفلة ضحكت عليها بهذا الحلم

مالون عصير الرمان

أجيبي

طعنها ثانية فتدفق الدم فمسحه بكفه وقربه من وجها

كهذا اللون

أجيبي

فمد سكينه وقطع ثديها فشهقت

هذا هو الرمان

كيف أرحمك ياعاهرة ولم ترحمي صبايا بعمر الزهور

طعنها طعنات متتالية فسقطت مضرجة بدمها

في أثناء سقوطها الذي لا قعود بعده عثرت كفها بكأس البيرة فاختلطا في كأس المنون .

خليط مزاجه دم ونتانة .

 

نقيب العشاق بين ذرى قنديل وقمم هملايا

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم