صحيفة المثقف

رسالة من مثقفة يهودية عراقية: الأدب لمواجهة الكراهيات العميقة

1413 khalilأدناه رسالة المثقفة اليهودية العراقية فيريد كوهين بارزيلاي، التي تريد توظيف الأدب لمواجهة الكراهية العميقة بين الشعوب المنقسمة على أساس ديني أو قومي أو ثقافي:

اسمي، فيريد كوهين بارزيلاي، وقبل أن أقدم نفسي، أود أن اطلب منكم ان تنظروا اليّ وتقولوا لي، ماذا تعتقدون انكم تعرفون عني؟. من أنا؟.

وربما تكونون على علمٍ، بأن نمط الاجابات يستند الى القوالب النمطية، وهي مزيج من التحيز والمعرفة الثقافية الاجتماعية والجغرافية.

المعلومات التي جمعها كل واحد منكم عني، ساعدت على تسميتي وترجمة الطريقة التي تشعر بها عني، فهي مبنية على مشاعر الحب والكراهية. وتختلف القوالب النمطية بين الثقافات والبلدان. فبعض من يحاول أن يقرأ، ربما قد يضع افتراضات بشأن افكاري او الآراء حول الفلسطينيين لانني جئت من اسرائيل. لاسيما ان اصلي الجغرافي يربطني مباشرةً بالنزاع الفلسطفيني - الاسرائيلي.

ربما قد تصفني بـ“الموالية لاسرائيل” أو “المؤيدة للفلسطينيين”. حتى قبل أن افتح فمي. ففي إسرائيل، يُحكم عليك من لون بشرتك. ففي حين يمكن للناس إخفاء طائفتهم أو تغيير دينهم أو حتى مواطنتهم وموقعهم الجغرافي ومعتقدهم، إلا أنهم لا يمكنهم تغيير ألوان بشرتهم.

يدل لون بشرتي في اسرائيل على اصولي العربية، وهي البلدان الاسلامية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. ولتبسيط جذوري، فانا من العراق وتركيا. فوالدي عراقي من البصرة، لغته الأم العربية العراقية التي تعد الأكثر دقة باللفظ. ووالدتي جاءت من تركيا وتتحدث الإسبانية.

في إسرائيل، ولسنوات طويلة يعاني الشعب “المزراحي” وهم ذوو البشرة العربية المنحدرة من الدول الاسلامية العربية المعروفة، من التمييز. فعلاقاتهم تنعكس من حارة الى اخرى، لاسيما القريبة من الحارات التي يسكنها العرب والمسلمون الذين يرتبطون مع بعضهم البعض فلوكلورياً، فضلاً عن الفنون والغذاء وما الى ذلك.

للمزراحيين، طرق صعبة في النجاح، فتقاليدهم وموسيقاهم وأدبهم، كان مغيّباً ويعتبره كثيرون غير متحضرٍ ومتطور. في إسرائيل، تم تغييب الكثير من المزراحيين وتاريخهم الغني في اسرائيل، منها الكتب المدرسية، وتلك المعنية بالثقافات الشعبية والقريبة من الافلام والتلفزيون.

كان يُقدم الشخص المزراحي، بصورة نمطية كشخص جاهل غير متحضر، وعلى إثر ذلك، تم محو اجيال بأكملها فقط لكونهم مزراحيين، وهم أصحاب التاريخ الحافل الانجازات.

ونتيجة لهذا الكم من الرفض للمزراحيين، جعل الكثيرين يشعرون بالخجل. فأنا كطفلة، رفضت التحدث او دراسة اللغة العربية، ورفضت ان اكون مرتبطة بأي شكل من اشكال الاصول المزراحية، لاسيما ان هذا الامر، كان سلوكاً شائعاً بين الجيل الثاني من المزراحييين في اسرائيل. فكثير من الناس غيّروا اسماءهم والقابهم ليتم إبعاد الكابوس “المزراحي” عن اسمه او كيانه.

ولكن ظل لون بشرتي، اشارة واضحة الى أصولي التي اهرب منها، فأنا انتمي الى المزراحية ثقافياً وفكريا، ولم استطع الهروب من لون بشرتي هذا، لذلك بحثت مع آخرين عن لون مماثل للون بشرتي بين الناس، لذلك تجدني انجذبت لقراءة مؤلفات الكتاب ذوي البشرة السمراء الداكنة لتوجيهي ومساعدتي على فهم قضية لون البشرة في العالم.

وفي إحدى مقابلاتها، قالت توني موريسون، الروائية الامريكية الحائزة على جائزة نوبل للآداب، إن الدافع الذي زجّها لكاتبة روايتها الرائعة “الحبيب”، هو لأنها لم تقرأ الرواية مع نساء ذوات البشرة السمراء وهن بطلات “اذا كنت تريد قراءة كتاب لكنه لم يُكتب بعد، عليك انت كتابته”. لذلك أنا لم اقرأ كتاباً عبرياً مع امرأة مزراحية كبطلة حتى لوقت قريب.

إيرس إيليا كوهين، روائية مزراحية وشاعرة، قادت جنباً الى جنب مع شاعرات وكاتبات اخريات مثل هافيفا بيدايا واميرة هيس، وتزيونيت فتال كوبرفاسر، وآدي كيسار وكتّاب أمثال، سامي مايكل، وايلي امير وموج بيهار وشلومي هاتوكا وروي حسن وكثيرين اخترقوا اسرائيل بالأدب والشعر.

وللمرة الأولى، قالوا جميعاً انهم كتبوا قصصاً عن الجيل الاول والثاني من المزراحية اليهودية، معربين عن مآسي الأجيال السابقة وتوثيق الألم من خلال تجسيد ذكرياتهم واسرهم ومنازلهم، وتعرضهم للنفي العنيف من دولهم العربية، رغم انهم اصحاب تراث غني الا انهم اضطروا الى نسيانه. كما تطرقوا الى مسألة اللون. وهو  نجد هذا النوع من الأدب الذي يروي قصة مختلفة؟، قصة تتناول زوايا عديدة، قصة تجسّد الاقليات واللاجئين بعالم غني ثقافيا لا يقدس الحدود الجغرافية او الجدران المادية اكثر من الجنس البشري.

ونادراً ما تُنشر هذه الكتب؛ فهي بالكاد توزع، وعلى الاقل ليس لها نطاق واسع كما ينبغي.

في العام الماضي، تمكن الاسرائيليون من قراءة مؤلفات لكتاب عراقيين يصفون الوضع في العراق. وفي العام هذا، يمكن للقراء العراقيين ان يتعرفوا على قصص اليهود العراقيين التي كتبها ووثقها الكتاب المزراحيون الاسرائيليون لاول مرة.

العالم يتجه لحقبة جديدة نحو ثورة من شأنها ان تغير المعرفة والتعليم وتوظف اسسنا على امور جديدة. يجب علينا ان ننضم معاً ونقول بشجاعة: المستقبل بأيدينا وبأقلامنا ولوحات مفاتيحنا، يمكننا ان نكتب فصلاً جديداً لعالمنا.

وبصفتي مقيمة في الشرق الأوسط وفخورة بكوني مزراحية، أقف امامكم وادعوكم جميعاً من الكتاب للانضمام الى منتدى المؤلفين الدوليين. فالمنتدى مساعدة هامة لمساعدة مؤلفين في تأمين وحماية حقوق الكتابة الخاصة وحماية الابداعات والتأكد من أن الأدب لن يختفي من عالمنا.

كما ادعوكم الى منتدى كتاب الشرق الاوسط، فقد شهدت منطقتنا الكثير من الصراعات والحروب، وفقد الكثير من الابرياء حياتهم. لقد حان الوقت لتقديم قصة مختلفة عن الصداقات والتضامن والسلام والانسانية.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم