صحيفة المثقف

ما هكذا تكون الدعوة لتحرير المرأة

 اباحة الخيانة الزوجية للمرأة.. وبهذا تستهدف القيم والاخلاق الاجتماعية.

وجميل ان تظهر اصوات نسائية يصفها البعض بــ "الجرأة " فيما يصفها اخرون بـ " الوقاحة". والاجمل ان تأتي هذه الاصوات من مجتمعات كابته لحرية المرأة ..تحرّم عليها حتى قيادة السيارة.

وبصفتي سيكولوجست تهمني قضية تحرير المرأة فانا لست معنيا" لا بالجرأة ولا بالوقاحة ولا بالدين ولا بالقيم والاخلاق الاجتماعية، انما الذي يعنيني هنا هو الوجود الانساني للمرأة.

ومع ان نادين تهدف الى ذلك أيضا "غير انها ارتكبت اساءات بالغة بقضية تحرير المرأة، اولها: انها اختزلت الوجود الانساني للمرأة بمعاناتها من الاستلاب الجنسي، فيما هي تعاني استلابات اقسى: عقلية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وعقائدي الذي هو أخطر من الاستلاب الجنسي، فضلا عن قهر متعدد الابعاد ووضعيات مأزقيه وازمات نفسية وعنف جسدي ونفسي، وتشريط استهدف طمس طاقاتها الذهنية واقناعها بدونيتها ازاء الرجل وتبعيتها له في علاقة تحددها قوة قانون تمنح الرجل أغلب الحقوق وتفرض على المرأة أغلب الواجبات.

والاساءة البالغة الاخرى انها صورت المرأة كما لو كانت كائنا "شبقيا" يبحث عن الاشباع الجنسي الغريزي .. وانها "المرأة " لو كانت في ندوة ثقافية مثلا " فان شاغلها ليس ما يطرح من افكار والمشاركة بفاعلية في النقاشات بقدر ما تبحث عمن تستهويه .. فتصطاده الى غرفتها، وما ان ترتوي منه تعود الى القاعة لتبحث عن صيد آخر له طعم آخر..لاسيما اذا أصابها الملل من جسد زوجها أو شعرت أنه صار أخاها..كما ختمت مقالتها، أو كانوا زفوها الى تسعة اختارتهم مختلفي الأشكال والاحجام ..كما بدأتها.

والاساءة الثالثة : اننا اذا اعتبرنا تعدد الزوجات رذيلة أو قباحه يرتكبها الرجل ، فانها تدعو الى ان تتمتع بهما الزوجة ايضا" بان تتزوج اربعة رجال في آن واحد "أو تسعة ان امكن". واذا اعتبرنا ان تعدد الزوجات يعني امتلاك الرجل للمرأة واستعبادها فهي تريد أيضا" ان تتمتع المرأة بهذه الملكية وتستعبد الرجل، وكأنما تحقق المرأة وجودها الانساني في استعباد الرجل فيما يعني "الاستعباد" نوعا" من السادية سواء كان الذي يمارسه رجلا" ام امراة .

صحيح ان المرأة في مجتمعاتنا جرى اختزالها الى مجرد وعاء للجنس، ولكن ينبغي فهم هذا الاختزال على انه الغاء للفكر والابداع وتبخيس للقيمة الاعتبارية، وهذا هو الأهم.. اما ان تركّز الاصوات النسائية على تحرير المرأة جنسيا" اولا" فذاك يضر بقضيتها، لأنها تعطي الفرصة لخصميها الاقوى " الديني والمحافظ " بتوجيه ضربة موجعة .. ويضر اكثر اذا كان اسلوب هذه الدعوة على طريقة نادين التي اساءت لجوهر المرأة وللحب وللجنس، وقدمت المرأة كما لو كانت غير ناضجة عاطفيا أو ضائعة أو مريضة نفسيا" أو مصابة بهوس جنسي.

انني أريد للجنس أن يكون علاقة انسانية متكافئة بين الرجل والمرأة لا أن يستأثر بها الرجل كما هو واقع الحال سواء في العملية الجنسية او في التعدد .وأن يكون النقد لها علميا لا انفعاليا، لأن من يطالب بحقه بأسلوب انفعالي واستفزازي غالبا ما يخسره..ونحن نريد أن نربح قضية المرأة.

وما نرجوه من الاصوات النسائية التي تدعو حقا" الى تحرير المرأة ان تكون متوازنة وعقلانية وواقعية لا ان يظهر صوت هنا وآخر هناك يسعى الى الشهرة في مقالة او مقابلة تلفازية او فيلم فيسيء الى قضية نبيلة ولا يكسب حتى ديمومة الشهرة لأنها ستكون مثل نار شبت في كومة حطب وتحولت الى رماد.

ان تحرير المرأة من وضعية القهر والاستلابات والاختزالات التي تعيشها لا يمر عبر الدعوة الى تحريرها جنسيا" والوصول الى حالة من المشاعية الجنسية. ثم من قال ان المشاعية الجنسية أو تعدد العلاقات أو " العياهير" ، رجالا كانوا أم نساءا ، يحققون  فيها وجودهم الانساني في الجنس ،فيما هم – بتحليلنا – مرضى نفسيا لأنهم يمارسون الجنس من دون حب ، فيما السليم نفسيا هو الذي يستمتع بالجنس المسبوق بمشاعر الحب ، وحيث يجد الطرفان أحدهما في الآخر ، ويمتلكان الحرية في الانعتاق من العلاقة حين تخمد مشاعر الحب ويتحول الجنس الى مجرد عملية لأمور أخرى.

وثمة ملاحظة تتعلق بالاعلامية نادين هي انها حين ظهرت في قناة "الحرّة" كانت في البدء محجبة ثم ازاحت حجابها للوراء قليلا" وبانت خصلات شعرها، ثم ازاحته وطرحته ارضا".. وكشفت عن صدرها قليلا" .. ثم اتسعت المساحة، مما يوحي وكأنها ترى ان تحرر المراة يكون في مقدار الكشف عن تضاريس جسدها. وليتها ظهرت من البدء كذلك .. فلا تعليق، لا ان تجعل المشاهد يعزو هذا التغيير الى القول بان " الحرّة" هي التي جرأّته

 

للاطلاع على مقال نادين البدير: انا وازواجي الاربعة

http://almothaqaf.com/new/index.php?option=com_content&view=article&id=8581:2009-12-15-03-44-49&catid=40:2009-05-21-01-47-18&Itemid=0

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1274 الجمعة 01/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم