صحيفة المثقف

الشياطين الثلاث ووعد بلفور

ali jabaralfatlawi2إذا كانت أمريكا الشيطان الأكبر، فبريطانيا ولا زالت هي أم هذا الشيطان، التي أنتجت شيطانا ثالثا (إسرائيل)، تمر علينا هذه الأيام الذكرى المشؤومة لوعد بلفور التي وهبت فيه بريطانيا فلسطين الى الصهاينة، فشرّدت شعب فلسطين وحوّلتهم الى لاجئين بالتعاون مع خونة العرب من الحكام العملاء.

وعد بلفور هو اصطلاح أطلق على الرسالة الموجهة من (آرثر جيمس بلفور) وزير خارجية بريطانيا آنذاك، الى اللورد (ليونيل وولتر دي روتشيلد) البريطاني الصهيوني يُعلمه فيها بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان ذلك في (2/11/1917)، وجهت بريطانيا الرسالة الى الصهيوني (روتشيلد) والحرب العالمية الثانية انتهت بانتصار الحلفاء على هتلر وحليفته الدولة العثمانية، وقد أرسلت الرسالة قبل إعلان نهاية الحرب العالمية رسميا بيوم واحد، أعقب ذلك بحوالي شهر تقدمت بريطانيا لاحتلال فلسطين، ففتحت بريطانيا الباب على مصراعيه لليهود من أنحاء العالم للهجرة الى فلسطين، فازداد عدد اليهود كثيرا في فلسطين بعد أن كانوا يشكلون نسبة (5%) من عدد سكان فلسطين، جاء الاحتلال البريطاني لفلسطين لتمهيد الطريق أمام الصهاينة ليعلنوا تأسيس (دولة إسرائيل) بعد (31) عاما من الاحتلال أي عام (1948).

في هذا اليوم (2/11) المشؤوم وبعد مائة عام، احتفلت الحكومة البريطانية بذكرى هذا اليوم، وقد حضر رئيس وزراء إسرائيل (بنيامين نتنياهو) الاحتفالية، فألقت رئيسة وزراء بريطانيا (تيريزا ماي) كلمة بهذه المناسبة، أعلنت تأييدها للوعد المشؤوم ولإنشاء (دولة إسرائيل)، بلا حياء أو خجل، ومن غير احترام أو اعتبار لشعب فلسطين والشعوب المساندة لمظلوميته، قالت الصهيونية (تيريزا ماي):

(إننا نشعر بالفخر من الدور الذي لعبناه في إقامة دولة إسرائيل، ونحن بالتأكيد سنحتفل بهذه الذكرى المئوية بفخر).

هذه هي بريطانيا أم الشيطان، وأمريكا الشيطان، وشيطانهم الآخر إسرائيل، وهنا نلفت النظر إلى أدعياء الجهاد من الوهابيين بمختلف مسمياتهم داعش والقاعدة والنصرة إلى غير ذلك من المسميات أين أنتم من الجهاد؟ تقتلون المسلم الآخر  والاطفال والنساء وتخرّبون البلدان الإسلامية باسم الاسلام خدمة للشياطين الثلاث أحتضنكم الشياطين الثلاث وتدّعون الاسلام، وتتكلمون باسم الجهاد، أنتم أدوات الشياطين فهل هذا هو جهادكم أيها الصنائع الشيطانية؟ ومن يدعمكم ويحتضنكم ويزودكم بالسلاح؟ أليست أمريكا وإسرائيل وبريطانيا! ومن يغذّيكم فكريا ويدعمكم بالمال؟ أليس أدوات الشياطين الثلاث؟ أليس من يدعمكم أصحاب العروش الخاوية الموظفة لخدمة المصالح الامريكية والبريطانية والصهيونية في المنطقة!

 حكام العروش الخاوية من يدعم الشياطين الثلاث، منذ وعد بلفور حتى يومنا هذا بلا حياء أو خجل، هم الأدوات لهذه الشياطين في تنفيذ المشاريع المعادية للشعوب ليس هذا فحسب، بل هؤلاء الحكام يدفعون المليارات من الدولارات دعما للشياطين الثلاث والمنظمات الارهابية الموظفة لخدمة الشياطين، هذه الادوات ليست هي منتجة للمال، بل سارقة لأموال الشعوب لتقدمها صاغرة للسيد الأمريكي والصهيوني، وهذه الأدوات هم الحكام الذين يجلسون على عروش خاوية مفروضة فرضا على الشعوب، عروش وراثية تفرض وجودها بالقوة بدعم من أمريكا والشياطين الآخرين، والثمن خدمة هذه العروش للمصالح الامريكية والصهيونية وتُبذَل في سبيل ذلك المليارات من الدولارات، هذه الثروة النفطية الهائلة بدل أن توظف لخدمة الشعوب، موظفة لخدمة المشاريع الأمريكية الصهيونية، ما أن ينتهي مشروع حتى يبدأ مشروع جديد آخر، ولا يهم أمريكا شيء ما دامت حكومات العروش الخاوية موظفة بكل طاقاتها لخدمة هذه المشاريع.

السعودية زعيمة هذا المحور، لن تتحرك ولن تشن عدوانا ولن تقدم مساعدة هي ومحورها إلا بإيعاز من أمريكا ومعها إسرائيل، فهما الهدف والمستفيدان من جميع هذه المشاريع، فالنفوذ الصهيوني في أمريكا هو من يرسم سياستها بما يخدم إسرائيل، والحراك السعودي لن يخرج عن هذا الهدف، ويكون ابتداء ببذل الرشى للطرف المراد شراء موقفه، السياسي أو العسكري أو أي موقف آخر، فعلتها مع سوريا قبل العدوان إذ زار ملك السعودية في حينها سوريا لكنه لم يستطع زحزحة سوريا عن محور المقاومة، فكانت الهجمة الارهابية الواسعة عليها منذ سنوات وفعلتها السعودية مع لبنان إذ أغرت الحكومة اللبنانية بالمال والمشاريع الخيالية ولم تفلح، وقبل فترة قصيرة ذهب ملك السعودية سلمان الى روسيا لتغيير موقفها في سوريا ولم ينجح، واليوم بعد انتصار العراق على داعش اتجهت السعودية إليه على أمل إخراج العراق من صف المقاومة، لكنها لن تفلح لأن الشعب العراقي واع لمثل هذه الحيلة المرسومة مسبقا، فهي تغري بالمال ولا وسيلة عندها غير ذلك، ولن تدفع المال إلا بعد أن تحقق هدفها المرسوم من قبل الشياطين الثلاث، وقد لا تدفع المال بعد تحقيق الهدف إلّا نزرا، هذه هي السعودية ومحورها الموظفون جميعا لخدمة مشاريع الشياطين الثلاث.

الحراك الامريكي اليوم بعد أن فشلت داعش في تحقيق الاهداف أخذ اتجاها آخر والأدوات بدأت بالحراك بزعامة السعودية، الهاجس الأمريكي الصهيوني اليوم هو المقاومة ضد إسرائيل ومن يدعم هذه المقاومة، فالمقاومة ضد إسرائيل في العرف الصهيوني الأمريكي إرهاب، ومن يدعم المقاومة هو إرهابي.

إيران اليوم هي العدو رقم واحد إلى إسرائيل، حسب تصرّيح بعض المسؤولين الصهاينة، وأمريكا تردد نفس هذه النغمة الصهيونية، ولكن هل تقول أمريكا أن إيران عدوتنا لأنها عدوة لإسرائيل وتدعم من يقاوم ضد إسرائيل؟ طبعا لا تقول ذلك لكنها تقول: أن إيران أخلّت بالاتفاق النووي. على الرغم من أن جميع أطرف الاتفاق النووي يؤكدون على عدم إخلال إيران بالاتفاق، كذلك منظمة الطاقة النووية الدولية فهي الجهة الرسمية الوحيدة المخولة من الأمم المتحدة بتأشير الإختراق إن وجد، تؤكد هذه المنظمة عدم إخلال إيران بالاتفاق النووي، لكن أمريكا مصرّة أن أيران أخلّت بالاتفاق النووي، لماذا؟ كي تتخذ من هذه الحجة سببا للعدوان على إيران لأنها تدعم المقاومة ضد إسرائيل، وإسرائيل أعلنت أن إيران العدو رقم واحد لها ومن يقاوم ضد إسرائيل أو يدعم المقاومة ضدها فهو إرهابي في المعيار الامريكي الصهيوني، وبما أن إيران تدعم المقاومة فهي دولة تدعم الإرهاب ففرضت أمريكا عليها العقوبات، إيران دولة (إرهابية) حسب الفرضية الأمريكية الصهيونية ففُرِضت عليها العقوبات، بحجة إخلالها بالاتفاق النووي، لكن نسأل لماذا العقوبات على روسيا فهل هي دولة إرهابية أيضا؟

روسيا تُعاقَب لأنها ضد الحركات الارهابية كداعش والنصرة وغيرهما، هذه المنظمات المصنعة في دوائر المخابرات الامريكية البريطانية الصهيونية التي تخدم مصالح الشياطين الثلاث، بما أن روسيا وقفت الى جانب شعوب المنطقة في محاربة الارهاب، خاصة في سوريا، إذن هي تستحق فرض العقوبات، هذا هو منطق الشياطين.

ونحن اليوم نعيش الذكرى المئوية المؤلمة لوعد بلفور، ندعو شعوبنا العربية للوقوف بحزم بوجه خدّام الشياطين الثلاث من الحكّام، الذين باعوا فلسطين والمقدسات وشعب فلسطين، واعترفوا بإسرائيل في السّر والعلن، وهم من ساعد بريطانيا في تسليم فلسطين الى الصهاينة، واليوم يقيمون أحسن العلاقات مع إسرائيل، ويعلنون عداءهم لمن هو عدوّ لإسرائيل.

 

علي جابر الفتلاوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم