صحيفة المثقف

تزوجت.. بدويــاً

khalil alheli(القصة واقعية ولا يزال  أبطالها يعيشون في الأردن حتى هذه اللحظة)

سنة 1978 وصلت الممرضة النيوزلندية "مارغريت فان غيلدرملسين" برفقة صديقتها الاستراليه "اليزابيث" الى مدينة "البتراء" الاثرية في الأردن بغرض السياحة .

هناك كان مضيفهم هو الشاب البدوي "محمد عبدالله" وكان شابا بسيطا فقيرا جدًا يعيش في كهف جبلي في مدينة البتراء المنطقة الأثرية، ولأن الحب إرادة من الله، فقد وقع البدوي "محمد" في حب "مارغريت" من النظرة الأولى وفي الوقت نفسه "مارغريت" اعجبت جدًا به.

 بعد مرور ايام قليلة اعترفت "مارغريت" لصديقتها "اليزابيث" بمدى اعجابها بالبدوي، وبشهامته معهم، وغض بصره، وتفانيه في خدمتهم، وكونه يحميهم ولا يطمع في اموالهم وزادت في القول انها تحبه.

الصديقه الاستراليه اتهمتها بالجنون وان هذا ليس الا شفقه،

لكن "ان الله اذا اراد قلبا لقلب جمع بينهم ووفق ارواحهم لبعض.

111 khalil في نفس السنة 1978 تزوجت "مارغريت" من البدوي "محمد" بعد ما اخبرت اهلها الذين رفضوا تمامًا فكرة انها تتزوج من عربي ومسلم وفقير لا يملك اي شيء،لكن "مارغريت" كانت ترى انه يملك اعظم شيء وهو الأخلاق .. اخلاصه، وفاءه، احترامه للأنثى، وهذا مما جعلها تضرب بكلام الكل عرض الحائط وتزوجته، وعاشت معه سبعة سنين كاملة في كهف صغير في الجبل وسط حرارة عاليه ومعاناه شديده بدون كهرباء او ماء

الا انها ذكرت انها كانت ايام سعيدة جدًا لأنها كانت برفقة شخص يحبها جدًا ويتفانى لأسعادها.

 سنة 1985 تدخلت الحكومة الاردنية  ونقلت "مارغريت وزوجها محمد" من الكهف المعزول الى قرية "ام صيحون" ورزقهم الله بـ 3 اطفال هما "سلوى ورامي ومروان" .

 سنة 2002 توفى زوجها"محمد عبدالله" وحزنت عليه حزنًا شديدًا جدًا

ومن شدة ارتباطها به وحبها لهُ اخذت اولادها ورجعت بهم الى "البتراء" لتعيش بالقرب من كهف زوجها محمد وتتذكر ذكرياتهم معا"

تقول انها كانت كل ما حزنت عليه تذهب الى الكهف فتشم رائحته وتسمع صدى صوته وضحكته فـ يرتاح قلبها.

 سنة 2003 كتبت "مارغريت" رواية واطلقت عليها "تزوّجت بدويًا" خلّدت فيها قصة حبها من زوجها العظيم على حد قولها، ولما سألوها في وكالة الاناضول عن حافز الكتابة لقصتها، قالت وهي تضحك : "سنوات كثيرة من الحوافز، محمد كان شابًا رائعًا وقد تزوجنا ولدينا ثلاثة أبناء وقد عشت في كهف، وكان لابد من كتابة القصة ليعرف العالم اجمع ان الحب يكمن في شهامة الرجل".

 في 2006 مارغريت طبعت كتابها في لندن وباعت 21 طبعه من 5 الاف بمجموع 105 الاف نسخة، وترجمت القصة لـ 14 لغة مختلفة

ولأن مارغريت كتبت عن جمال اخلاق البدو وشهامتهم وعن جمال مدينة "البتراء" الاردنية..

 فقد اختارت اليونسكو في سنة 2007 مدينة البتراء من عجائب الدنيا السبع بعد تصويت شارك فيه 70 مليون شخص.

 مارغريت قالت ان والديها زاروها عدة مرات وانبهروا بالمكان وبسعادتها مع زوجها وانهم احبوه جدًا وعرضوا عليه اموال ليساعدوه لكنه رفض، وعرضوا عليه ان يسافر الى نيوزلندا ايضًا لكنه رفض واصر أن يعيش في ارضه مع زوجته.

وصدقَ الشاعر ابن الفارض حين قال :

قُلْ للعذولِ أطلْتَ لوّميَ طامعاً....

إنَّ الملامَ عن الهوى مُستوقِفِ

دَعْ عنكَ تَعنيفي وذُقْ طعم الهَوَى....

فإذا عشِقْتَ فبعدَ ذلكَ عَنّف

وإن اكتفى غَيري بطَيفِ خيالِهِ.....

فأنا الّذي بوِصالِهِ لا أكتَفي

غَلَبَ الهَوَى فأطَعْتُ أمْرَ صَبابتي....

من حيثُ فيه عصَيتُ نهْيَ مُعنّفي

طابت اوقاتكم ..

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم