صحيفة المثقف

هل القومية في الجزائر عربية أم أمازيغية؟

eljya ayshالسؤال الذي طرحه إدورد مورتيمر حول ما يحتاجه الناس من ثقافة عامة أو قيم مشتركة في دولة ديمقراطية، جعلته يدعو مختصا بالشؤون الإسلامية وهو الفرنسي أوليفر روي لمناقشة هذه الإشكالية مع عالم الاجتماع بيخو باريخ parekh بريطاني مختص في العلاقات الاجتماعية، وبرايخ كما يقول إدورد مورتيمر، لا هو متطرفا ولا هو متعدد ثقافات، فهو لا يجحد الحاجة إلى بعض القيم المشتركة للعيش في إطار قومي، لتعزيز ممارسة الديمقراطية، لأن القومية منذ قرن من الزمان، من أشد القوى في العالم، وأن الدولة القومية كانت وما زالت تقوم مقام حجر الزاوية للسياسة العالمية، وتعطي الشرعية الأساسية للدول في العالم أجمع، لكنه يرى أنه يجب الفصل بين الثقافة السياسية العامة، اللازمة لاستقرار أي دولة ديمقراطية وتماسكها، ولذا يرى أن الخطر الأكبر هو أن تعتقد دولة لها الأغلبية لها حق التسلط على الثقافة السياسية لدولة أخرى، وهذا يهدد الحرية الشخصية للمجتمعات..، وهو يتحدث عن الأمة بين الحقيقة والخيال، يعرف انطوني سميث بأنها جماعة سكانية بشرية تجمعهم منطقة تاريخية، ولهم ذكريات مشتركة، وثقافة عامة واسعة، ويعرف القومية على أنها حركة إيديولوجية تمكن جماعة من السكان يؤمن بعض أفرادها بأنهم يمكن أن يكونوا أمّة.

انطلاقا من هذه الفلسفات يمكن القول أن الجزائر - كأنموذج - دولة مستقلة لكنها غير مستقرة، ولم تصل بعد مستوى الممارسة الديمقراطية، ولعل هناك من يشاطرنا في طرح هذا السؤال، ما الفرق بين حرب دامت دامت سبع (07) سنوات بين الجزائر وفرنسا، وحرب الجزائر الأهلية في بداية التسعينيات التي استمرت عشر (10) سنوات؟، الإجابة قد تكون كالتالي: وإن قلنا أن الإرهاب دولة ، له نظم وقوانين ، فالسبب الرئيسي طبعا هو أن النظام الجزائري يرفض أن يتعايش مع الشعب، ويريد أن يطبق عليه حق "الولاء" و"التبعية" ، ولم يسمح للآخرين بإبداء رأيهم، فقرر البعض العمل بمبدأ "الانسلاخ"، فحدث ما حدث، والسؤال يطرح نفسه: هل النظام داخل دولة ما، يشكل الأغلبية لا لشيئ، إلا لأن المؤسسة العسكرية تعتبر رأس النظام، أما الشعب الأعزل فهو يمثل "الأقلية"؟ ، ما جعل الجيش يتدخل في كل القرارات السياسية، حتى في اختيار الرئيس، دون الأخذ برأي الشعب.

 وتجدنا هنا نعود إلى مسألة الأغلبية والأقلية ومن له حق اتخاذ القرار؟، أو الحديث عن نظرية "السيادة المطلقة" ومن له الحق في امتلاكها، النظام أم الشعب؟، ومن جهة أخرى تطرح بعض الكتابات مسألة "القوميات" في مجتمع متعدد الثقافات، وقد خلقت هذه الإشكالية جدلا كبيرا بين الفلاسفة ورجال القانون، وكانت إسهاماتهم حول إن كانت القومية تشكل العلاقات الاجتماعية اليومية بين الأفراد والقومية التي تركز على الرايات (العَلَمْ)، وانطلاقا من هذه الفكرة نقول أنه في الجزائر مثلا لو تم الاعتماد على الفكرة الأولى نقول أن القومية جزائرية، وقد سبق وأن تحدث مولود قاسم نايت بلقاسم عن القومية الأمازيغية، وأحدثت هذه النظرية جدلا عقيما ، بعدما اتهمه البعض بالجهوية والعنصرية.

 أما إذا تم الاعتماد على الفكرة الثانية فهذا فيه نظر، لأن المراحل التي مرت بها الجزائر منذ التواجد العثماني عرفت تغيرات كثيرة، كانت الراية (العلم) تختلف عن الراية التي نحملها اليوم، والحقيقة أن العلاقة بين هذه المسائل ما تزال تبعث المناقشة من الثقافات المتعددة لتحديد المفاهيم بين العرقية والقومية وسياسة الدولة، وهو الأمر الذي جعل الجزائر دائما تعيش الثورات، ابتداءً من الربيع الأمازيغي ورفع مطلب الحكم الذاتي في البلاد، يقول المحللون السياسيون أن العولمة أنعشت الاستقرار السياسي، وسيأتي يوم تقضي فيه على كل القوميات، عندما يتوحد العالم في قالب واحد، وبذلك تثبت الرأي القائل أن "الأمة لا توجد إلا في الخيال" ، ويمكن فهمها بأكثر من طريقة.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم