صحيفة المثقف

في المقهى..

تركتني في المنفى أحمل أشلائي..

أعدُ حصى الشاطئ

MM80

في المقهى.. / جودت العاني

 

(1)

دارت أفكار في رأسي

أن لا أرجع

حتى أكمل مشواري

وأعزف صمت الأوتارْ..!!

(2)

في زاوية المقهى

كانت سحب البحر

تغطي وجه الشمس

ورصيف الشارع مبتل بالأمطارْ..

وعصافير ما برحت

تحت رذاذ الماء

وتحت الشمس

وفوق الأشجارْ..

(3)

كنت أحدق في المنفى وحدي

وأجلس وحدي

مع فنجان القهوة

والتبغ المعجون برائحة الغربة

يخرجني من حضرة

شيطان الصمت وصخب الأفكارْ..

(4)

كنت بعيدًا

وكنت وحيدًا

ورغم الصخب العارم من حولي

لكني ، أسمع صوتكِ

يهمس في أذني ،

أذكر كيفَ تقولين :

أركنْ صحفكْ

أرمِ قلمكْ

كتبكْ

وانظر في وجهي

حدقْ في شَعري

لا تهمل روحي

بين جحيم البعد وريح الأقدارْ..

(5)

فوق العشب

يموت المعنى من حولي

لكنَ النورسُ

يهمس للريح بأن تجري

ويعزف لي لحن الإبحارْ..

(6)

كيف يكون الإعصارْ؟

وهمس الريح يداعب

موج البحر مع الأجساد

المسكونة بالعبث المجاني

تتلوى

تتراقص في مشيتها

وكلاب الزينة

يتبعها الأطفال

كأن سليل الماء

وطيف الشمس

دعابات في سِفر الأسفارْ..

(7)

في هذا المنفى

حيث البحر

وحيث المدن المنسية..

لا أحد يسأل أحدًا

من أين أتيت

وشراعي مركون

عند الشاطئ

يشكو صرير الريح

وضجيج المدن الهمجية..

حيث تئن صواري الغربة

عند الإبحــــــــــارْ..

وسموات العالم

وبحار العالم

تعلوها موجة قتل سادية..

بأسم الحرية

وفوق صليب الله

يُصلبُ إنسان

قتلته الحريــــة..

(8)

أُقسم اني أحاور نفسي

كي أمضي نحو الأفق

أصلي للريح

أغني للنورس

كي يحمل أحلامي

ويشاغل وهج النار من الشرفاتْ..

ومن بين بقايا خطباء القاعات

تخرج أوامر للموت على دفعات

فلماذا يغتال الأنسان على الطرقاتْ..؟

(9)

قلت لنفسي

إني أتبعُ ظلي

هي ، ظلي كفنارٍ

في عتمة ليلٍ دامسْ

لم تهدأ ريح الشاطئ

في بحر الظلماتْ..

ما زالت تصفر

تُحَشرجُ كالموتِ

وتبني مدنًا فوق رمال الشاطئ

لكن الريح ، ومد البحر

لا يملك ظلي

عندَ مغيب الشمس جناحًا

كي يهرب مني

يلازمني قدرًا كونيًا

عندَ طلوع الشمس

ويهمي بين ضلوعي كالآهاتْ..

(10)

أشعر أن الموج

وعندَ صخور الشاطئ

يقذف بي

كحطامٍ ، لم يتبق منه

غير عويل الريح

ودمع يهبط من أعلى كالماساتْ..

(11)

لا أدري

إن كنتُ أجيد العومْ ..

وأحشائي يملؤها ماء البحر

كأني أحمل أشلائي وهْمًا

يصرخ ما بينَ اليقظة والنومْ..

(12)

كنتُ أراقب طير البحر

وأرقب موج البحر

علَ رياح بلادي تأتيني

تحمل أنفاس النخل

وعبق الأرض

مواويل الأهوار

تئنُ كمجرى النهـــرْ..!!

(13)

كنتُ أصلي في حانات المنفى..

وأنا مصلوبٌ ما بين

غناء الماضي

ونحيب الحاضر

كان الموتُ

وكلاب الموت

تراقب من في البيت

ومن يمشي في الشارع

أو يهجع في المشفى..

(14)

يا ويلي إن كنت

أداري جرحي بالملح..

وأعوي عند مغيب الشمس

لعلَ طواحين الريح تدور

لتجلب من عمق بلادي

أنفاس أحبائي

كي تسعفني عند الصبحْ..

(15)

تركتني في المنفى أحمل أشلائي..

أعدُ حصى الشاطئ

أحصي موجات تأتي

وتغادر مينائي..!!

(16)

تركتني في المنفى

أتقيئ ليلي ونهاري

يفتح لي في الصبح جراحي

وينام القهر بأحشائي..

(17)

ما عدت أميز عند الصبح علاماتي

أتكون اليقظة حلمًا

والحلم يقينًا يحمل آهاتي..؟!

*  *

 

قصيدة مستلة من ديوان (هو البحر)

20 / 05 / 2014

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم