صحيفة المثقف

أعياد الأنبياء أو التعايش الديني

eljya ayshلكل مجتمع ديني له طقوسه وأعياده الدينية، فمنذ بدء الحياة البشرية والناس تحتفل بكل ما هو مُقَدَّسٌ عندها، غير أن بعض المسلمين يرون أن الاحتفال بمولد النبي محمد بدعة، ودعوا إلى مقاطعته، لأنها تتم بواسطة طقوس ليست من الإسلام (استعمال المفرقعات)، كما راحت بعض الجماعات الإسلامية إلى تكفير كل من يحتفل من المسلمين برأس السنة الميلادية، التي تعتبر مولد المسيح عيسى عليه السلام، وتدعو الناس إلى مقاطعته أيضا، باعتباره عيد المسيحيين، لاسيما ونحن مقبلون على الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة (2018)، ثم أن استعمال الطقوس في الاحتفال بالمولد النبوي، ليس من باب أنها مُضِرَّةٌ فقط، وقد تؤدي إلى هلاك الناس، لكن لكونها لم تكن تستعمل أيام الرسول (ص)، والسؤال المطروح هو: هل كان النبي يحتفل بعيد ميلاده أم لا؟، ومن هو أول من ابتدع فكرة الاحتفال بالمولد النبوي؟، ثم طالما الاحتفال بمولد النبي ليس بدعة كما جاء على لسان محمد عيسى وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، نقول أن الاحتفال بيوم ميلاد المسيح عليه السلام ليس بدعة أيضا، لأن سيدنا محمد نبيٌّ و سيدنا عيسى نبيٌّ، والاثنان من عباد الله، أرسلهما الله لهداية الناس ونشر دينه.

 لقد تحدث عيسى عليه السلام عن قدوم نبي بعده اسمه أحمدا، وهذا يؤكد أن الأنبياء يعلمون عن طريق الوحي أن أنبياء سيأتون بعدهم، ويعرفون أسماءهم، ولا اختلاف بين اثنان أن معرفة الأسماء بدأت بأول نبيّ وهو آدم عليه السلام " وعلم آدم الأسماء كلها، ثم عرضهم على الملائكة، فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين" (صدق الله العظيم)، رغم فارق العصور بينهم، فلا ضارَّ إذن لو شارك المسلمون المسيحيين احتفالهم يعيد المسيح، ونشير هنا أن كلمة مسيح وردت في القرآن الكريم 11 مرة، وعيسى 23 مرة، وكلمة مريم ذكرت في القرآن أيضا 34 مرة، إذن لماذا نحلل الاحتفال بمولد النبي محمد عندنا نحن المسلمين، ونحرم المسيحيين من الإحتفال بمولد عيسى، ولو أننا نحن الأحق بالاحتفال بمولد عيسى عليه السلام وأمه مريم العذراء، لأن القرآن الكريم الذي انزله الله على نبينا محمد خاتم الأنبياء كان شاملا ووافيا، بحيث ذكر فيه كل أسماء الأنبياء ورسله وكتبه التي انزلها عليهم، ولذا فقد راعت الرسالات السماوية في كل زمان ومكان البعد الروحي لدى الإنسان بحيث يرتقي الإنسان إلى أعلى الدرجات.

و لا يفوت القول هنا أن أكبر معجزات الله كانت في ولادة عيسى بلا أبٍ، وقد وردت في القرآن كثير من الآيات التي بشر بها الله أمنا مريم بكلمة اسمه المسيح عيسى وأنه سيكلم الناس في المهد، وسيكون من الصالحين، ولا نتحدث هنا عن المسيح في "المخيال المسيحي"، الذي اتخذ من النبي عيسى عليه السلام إلها يُعْبَدُ، بعدما قالوا أنه ابن الله، لأنه "كلمة الله لمريم" كما ورد في القرآن الكريم، وإنما من باب أن الاثنان رسولا الله إلى الأمة، أم لأن لكل أمّة نبيُّها؟ ولهذا السباب لا تحتفل الأمم بمولد سيدنا داوود الذي انزل الله عليه الزبور، فالاحتفال بمولد عيسى ومولد محمد، قد يكون من باب التعايش مع أهل الكتاب، بعيدا عن التشدد والتعصب، يبقى عيد الفصح الذي يمثل الصلب، وهو أحد أهمّ الأعياد وأعظمها في اليهودية وفي إسرائيل، وعيد الفطير في التقليد اليهودي وهو يوم تأسست الكنيسة بعد صلب المسيح عليه السلام عند اليهود، وهذا هو الفرق بين احتفال المسلمين والمسيحيين واحتفال اليهود، الذي عادة ما يكون مناسبة لتكريس روح التفرقة وتخريب الأقصى، واستفزاز الشعب الفلسطيني، وهم يحتفلون كل سنة بالسنة العبرية الجديدة.

 

علجية عيش

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم