صحيفة المثقف

"التعصّب"..البذرة التي أنبتت "الكراهية"

eljya ayshعادة ما يؤدي التعصب في كل ألوانه إلى الكراهية والعدائية بين الأفراد والجماعات، فنسمع عن التعصب الديني والمذهبي ليس بين الأديان المتعددة، وإنما  بين الطوائف داخل الدين الواحد، مثلما يحدث الآن بين المسلمين، وقد تطور الصراع و تحول إلى حرب إعلامية عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو في الحقيقة صراع بين جماعة وجماعة، احتكرت كل واحدة منها الرأي لها وحدها وتعصبت له، وجعلته قاعدة أساسية تحاول أن تفرضها على الآخر، الذي فضل أن يكون وسطيا، ولم تترك المجال لفتح باب "المناظرات"، كما كنا نتابعها في زمن غير بعيد، والتعصب هو شعور نفسي مشحون بانفعالات،  لفكرة أو رأي أو لمذهب معين، يريد الإنسان المتعصب أن يتمسك به أو يفرضه على الآخر، ويراه البعض أنه نوع من الغلوّ في طرح الأفكار والعمل بها..

 والمتعصبون لا يؤمنون بـ: "النِدِيَّة"  من باب "أنا أرفع منكَ" مالا وجاها وثقافة ومركزا، وعادة ما يستعمل المتعصبون حيلا وخُدَعا  لفرض سيطرتهم على الآخر، وتمرير عن طريقه رسالة ما، أو تأييد جماعة ما، فالتعصب لفكرة أو لمذهب أو لدين كان سببا في نشأة الانقسامية بين أفراد الأمة الواحدة، مثلما نعيشه اليوم، من صراعات سنية شيعية، مالكية إباضية،  سيخية هندوسية،  كاثوليكية بروتستانتية، إسلامية مسيحية، أو يهودية، شيوعية رأسمالية وغير ذلك، بل أصبحنا نعيش التعصب الحزبي بين أتباع الحزب الواحد، ومن له حق الشرعية، وزرع هذا  التعصب الكراهية التي تولدت عنها العدائية والتطرف، وغالبا ما تكون الكفة في صالح الأغلبية حتى لو كانت هذه الأخيرة على باطل.

 الأسباب والعوامل كثيرة ومتعددة..،  ولعل الاختلاف في وجهات النظر الى الأشياء والأفكار، واحد من هذه الأسباب والعوامل، التي يمكن أن نقول أنها أسباب ليست دينية فقط، وإنما سياسية مرابطة بالإستراتيجية التي ترسمها كل طائفة في محاولة منها إذكاء نار التعصب، ونقف على لون آخر من ألوان التعصب، وهو التعصب الثقافي  واللغوي بالدرجة الأولى، وهو ناتج عن ظاهرة استعمارية، كون اللغة تمثل رمز من رموز السيادة الوطنية، وما الصراع بين الفرانكفونية واللغة العربية في الجزائر خير مثال، لأنه يعبر عن هوية  وانتماؤه الحضاري، وبوصف اللغة وعاء للثقافة، فهي تلعب دورا مهما جدا في تشكيل الشخصية الوطنية، والحقيقة أن التعصب ما هو إلا نتاج للتخلف والتبعية والتقليد الأعمى، أي أن تكون مع أو ضد، وهذه السلوكات نابعة عن الأنانية وحب الذات، وهي سلوكات سلبية وهدامة.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم