صحيفة المثقف

قيادة الدولة ليست سياسة فقط

sardar mohamad2يسعى القادة الذين يملكون مواصفات القادة وليس الذين يصيرون أو يصيّرون قادة بالصدفة، أقول يسعون إلى بناء الإنسان أولاً وهمهم لا ينصبّ في توفير الخدمات الضرورية للإنسان فقط فذاك تحصيل حاصل ولا فضل لهم على الشعب الذين يعملون تحت سلطته وليس العكس، وهكذا فالتبجح بتحقيق منجزات للوطن هو نوع من الدكتاتوريات التي اعتاد عليها الحكام لا سيما الحكام العرب .

 يفترض أن ينصب الهم على بناء المواطن العلمي والأدبي والفني وبهذا يبنى المجتمع المتقدم والسير به على نهج الحضارة.

لم نشهد حالة من هذة الحالات بعد عام 2003 أبداً، فهم أي الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم العراق – وأقصد رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء – لهم تصوّرهم أن الحكم سياسة ومن خلاله بناء المصالح ومساندة أحزابهم والبقاء في الكرسي اللذيذ والسماح للمقربين بالسرقة وهذا يوفر لهم أطول مدة في الحكم ومعاقبة الشعب بعقوبات لا تمت للإنسانية ولا إلى الدين الذي يزعمون بصلة فذلك أقصى ما يتوصل إليه تفكيرهم المسطح مثال ذلك إلهاء المجتمع بقوانين حجرية انتهت منذعهود غابرة و قطع الرواتب عن الناس بدلاً من زيادتها ويناسون أن مقام الزكاة وهم أدعياء الإسلام يأتي بعد الصلاة مباشرة  ومن العقوبات المضحكة خصخصة الكهرباء وتفنن آخر سنراه حتماً، أما بناء الإنسان فهو آخر ما يفطنون إليه .

الذي جرّني لكتابة هذا النص هو زيارة رئيس جمهورية مصر السيسي لمعبودة الجماهير الفنانة شادية قبل وفاتها رحمها الله .

سأذكرأمثلة لا بد منها لتأكيد زعمي:

" جمال عبد الناصر" القائد المعروف كرم في حفل بهيج نخبة من العلماء والأدباء " عميد الأدب العربي " طه حسين " والمغنية الرائعة " أم كلثوم "، ولم يكرم أشخاصاً بل كرم العلم والأدب والفن لذلك في خطاب لطه حسين موجه لعبد الناصر قال : نحن نراك لا في تجمع سياسي ولا إقتصادي ولا إجتماعي بل في تجمع علمي أدبي فني، هكذا أيها الساسة الحكام في العراق يبنى الإنسان.

ومثال ثان حدث قبل أيام

قام  " السيسي عبد الفتّاح " بصحبةعقيلته بزيارة الفنانة معبودة الجماهير" شادية " وهي على شفا الموت

ماذا يعني ذلك لكم؟ رئيس جمهورية يزور فنانة، هل هو تكريم لشخص شادية أم للفن في شخص شادية، ما رأيكم يا حكام العراق ؟

ومثال ثالث عشته

عبد الكريم قاسم يهدي المتفوق الطالب الناجح  الأول في العراق من مدينة طويريج بجهاز تلفزيون يوم كان الجهاز عزيزاً على الناس فماذا حصل بعد هذا ؟ راح الطلبة يزيدون من تحصيلهم لينالوا مكرمة الزعيم، فالزعيم كرم العلم والتفوق في شخص الطالب .

ومثال رابع

في زمن البعث وفي بداية حكمهم الثاني أيام الرئيس أحمد حسن البكر انتقل إلى رحمة الله العلاّمة مصطفى جواد وشيّع بتشييع مهيب وكان المتصدر هو أحمد حسن البكر فهل تشييع جنازة تحيي المتوفى؟ لا بالتأكيد ولكنها تحيي ذكراه وذكرى أدبه ومن ثم فهي إحياء للإنسان لا لشخصه بل لأدبه وعلمه .

ومثال خامس

توفي "الجواهري" العظيم في دمشق أيام رئاسة حافظ الأسد، وشيّع بتشييع مهيب وكان على رأس المشيعين "حافظ الأسد "، فكان المتوفى عراقي والمشيّع سوري، المتوفى من النجف وقبره بدمشق فما الذي أراد بهذا زعيم بعثي يشيع من يتهم بالماركسية ؟

لتفهموا يا حكام العراق، القيادة ليست سياسة،

كم من عالم وأديب وشاعر وفنان مات بعهودكم وممن تركوا بصمات واضحة ليس في بلدهم فقط إنما على صعيد العالم، ولم يتحرك فيكم عرق . ويل للعراق منكم وحسبنا الله فيكم .

 

سردار محمد سعيد

نقيب العشاق بين بيخال ونياغارا  

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم