صحيفة المثقف

يسألونك عن السيف

يسألونك عن السيف، قُـل كلامٌ فيـه كثيـر. فالسيف أصدق إنباءً من الكتب قالها أبو تمام يصف فتح عمورية الرومية انتصارا لشرف امرأة عربيـة هي شرارة العلويـة صاحبة صرخة وا معتصماه الأثريـة. والسيف ثالث ما وصى به الأعشى قومه بعد الضيف والجار في يوم ذي قار ضد عدو تمنى من هو خير منا لو فصلنا عنه جبل من نار، والسيف يعرف الرجال كما يعرفهم الرمح والقرطاس والقلم، هذا ما قاله مالئ الدنيا وشاغل الناس. والسيف ربما ذكّـر العاشقَ بمعشوقته إذا لمعَ كبارق ثغرها المتبسم، ولكن السيف الخشبي لا يلمع، مثله كمثل النفوس الخالية من المعنى في جسد او غمد مرصع بالجواهر يليق بحائطِ مكتبٍ فخمٍ لمسؤولٍ ضخمٍ تفجرت أزرار قميصه أكاد اُجزم أن دماغه كالحائط، مادام سيف الخشب في غمده يكون ذا قيمة حتى إذا غادر مكمنه الثمين اكتشف رخصه وضعفه وأورد صاحبه موارد الهلاك.

 سيف الخشب لا يليق بالفتى

شجبَ، نددَ، استنكرَ، تظاهرَ، أحرقَ علما، بعث برقيةً، استدعى سفيرا، كلها سيوف خشب، وتَمَسّـك يا صاحبي بالمعنى فالصورة التي تسمى بالحقيقة متمردة كحرباء متلونة لا تسر الناظرين.

أوقفني في مقام العجز وقال لي: وهل نملك الا سيوف الخشب؟ بل أن حملها أصبح تهمة ومذمـّة!

فقلت له يا صاحبي لا تدّعِ العجز ما في العجز أعذارُ، تعـمّـد المرء للنسيان تذكـارُ، وبعض من حزنوا في حزنهم عـارُ،

والحزن كالذنب، بالإخفــاء ينكشفُ

لا تدعوا العجز فالأعمى لــه بصرُ، والريح مجتاحةً يجتاحها الشجرُ، كما تُكسّرُه فالريح تنكسرُ، لا يعذر الموت من يأتيــه يعتذرُ

وقــوةُ السـيــــفِ فأعلم، أصلُهـــا رهــفُ

إنما النصر صبر ساعة، فحتى المدافع التي يبلغ عمرها قرنا من الزمان تستطيع أن تصل الى أهدافها فالعدو داخل بيتنا لا خارجه، عدونا كان ينوي حتى الماضي القريب أن يتخذ من دولة أفريقية أرض ميعاد له بل ان بعض الأثرياء من أولاد العم ظنوا أن الارجنتين هي أرض ميعادهم، يقول الدكتور فاضل الربيعي في كتابه "القدس ليست اورشليم" بعد أن قام بترجمة أسفار التوراة من العبرية القديمة الى العربية بنفسه ومقارنة أسماء المواضع المذكورة بما ذكره الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب وبما كتبه الرومان عن حروبهم، وبالدليل القاطع بأن المسرح التوراتي كان موضعه اليمن ومدينة بيت يبوس اليمنية هي اورشليم المزعومة وبعض آثار هيكل الملك سليمان باقية حتى يومنا هذا.

عندما مات أبو منصور الحلاج لم يحضر جنازته الا عنزة عرجاء، وعندما احتلت فلسطين وتوالت خيباتنا خيبة تلو خيبة، لم تحضر جنازة كرامتنا تلك العنزة أترانا لا نليق بمقامها؟

الحلم حق، والحق يلزمه قوة والقوة ليست في سيف من خشب، والانتظار حق والأمل حق والنوم باطل. تصبحون على خير.

 

د. تميم أمجد توفيق

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم