صحيفة المثقف

نشاط إبداعي وفكري يسرق الأنفاس في المغرب

mohamad bakohيكاد يتفق الجميع أن مجرد الاهتمام بالشأن الثقافي في المغرب، وبالأحرى تنظيم تظاهرة ثقافية محلية تحتفي بالأدب والشعر والقصة والفكر والكتاب، خاصة في إطار الاحتفاء الأكبر بواقع اللغة العربية راهنا ومستقبلا، لابد أن يكون عملا مغامرا ومجازفا غير مضمونة النتائج. بسبب ما يعرفه المجتمع المغربي من تحولات اجتماعية وقيمية عميقة، على مستوى أدوات الانتاج والاستهلاك الثقافي والمعرفي والاتصال والتواصل اليومي التي فرضت على الإنسان المغربي بجميع تجلياته العمرية والنوعية، الذي ما تزال تنخره ديدان الأمية بكل أشكالها، أن يستسلم لقدره الحتمي، وينجذب بشكل كلي إلى النمط المعرفي التكنولوجي السهل الاستعمال والتناول والتواصل، وبالتالي بات يتعامل مع هذا النمط المعرفي العصري الجاهز إلى درجة تحول عنده هذا التعامل إلى الثقافة المتداولة والمُهيمنة على سلوكه الفردي والجماعي، أينما حلّ وارتحل.

من هنا، ركبت مدينة أيت ملول هذا التحدي الصعب، من خلال ذراعيها القويتين والمفعمتين بحياة فعل الاجتهاد المتواصل: ذراع منطقة قصبة الطاهر الشامخة، عبر جمعيتها الفتية منتدى الأدب لمبدعي الجنوب (فرع أيت ملول)، وذراع منطقة المزار العظيمة، عبر جمعية المعرفة للتنمية الاجتماعية. هكذا، تأتي رياح الإبداع إلى مدينة أيت ملول السوسية المغربية، في أجمل فضائها الثقافي المبهر: المركب الثقافي، من حيث لا يحتسب..، من زاويتين أو موقعين جغرافيين طالما أصابهما النسيان إلى التاريخ البعيد والقريب ( نقصد: زاوية قصبة الطاهر وزاوية المزار ).

ماذا الآن عن النشاط الثقافي المنظم، وطبيعة برنامجه الحافل بالفقرات الابداعية والفكرية التي امتدت على طول يومين ممطرين ( 6 و7 يناير 2018 ) وانتهت بالاحتفاء المدهش البهي بالدكتور المجتهد والأستاذ الفاضل السيد عبد العزيز أيت المكي ؟

إنه الملتقى الثقافي، في حضرة الضاد، في نسخته الأولى الذي فضل منظموه تصريف أعماله لهذه السنة، تحت شعار: اللغة العربية، الراهن والآفاق، بمناسبة اليوم العالمي للغة الضاد ..

وقد خُصص اليوم الأول للنشاط، بعد استقبال الضيوف والجمهور الأدبي، في أروقة المعلمة الثقافية الملولية الجديدة: المركب الثقافي، للاحتفاء بتوقيع مجموعتين قصصيتين: الأولى للكاتب الواعد القاص يونس عبدي بعنوان (دموع مكفكفة)، قاربتها الأستاذة سميرة عمر لقديم بقراءة نقدية شاملة. والثانية للباحث والكاتب محمد بقوح (رائحة التراب) الذي قدم عمله القصصي بنفسه إلى الجمهور وبشكل مختصر. لينهي كلمته بقراءة نص من نصوص مجموعته، بسبب اعتذار الأستاذة خديجة الفيلالي في آخر لحظة، والتي كان من المفترض أن تقدم ورقتها النقدية للمجموعة.

بعد الطور السردي، جاء دور الصوت الشعري الصادح الذي تجاوب معه الجمهور بشكل مدهش. نذكر أسماء الشواعر والشعراء المساهمين في هذه الفقرة الإبداعية كالآتي: الشاعر مولاي علي درار، والشاعرة نادية إخرازن، والشاعرة فاتحة لمين، والشاعر مصطفى ورنيك. وقد أظهرت قراءات الشواعر والشعراء الشباب المدهشة والمميزة أن الشعر والإبداع لابد أن يكون بخير في القادم من زمن أيت ملول البهية، إن كان ثمة من يحتضنه ويصاحبه في طريقه الطويل.

وفي اليوم الثاني لهذا الملتقى الثقافي المبهر، استهلت الأستاذة فاطمة بولحوش أنشطة البرنامج بمداخلة فكرية حول موضوع: "اللغة العربية في المدرسة المغربية". ثم تلتها الورقة النقدية للأستاذة سميرة بوغيد بعنوان: "اللغة العربية ودورها في التكنولوجيا الحديثة".

بعد ذلك، تناولت الأستاذة فاطمة أدير موضوع الأدب في "خدمة اللغة العربية". وتوجت أنشطة الملتقى للأبحاث والدراسات الفكرية واللغوية بالمداخلة المميزة للأستاذ إبراهيم أمغار حول موضوع: "اللغة العربية من لغة الكتابة إلى لغة اللمس". 

وقد تفاعل الجمهور الحاضر مع كل الفقرات الإبداعية، والمداخلات الفكرية لهذا الملتقى الثقافي والابداعي الناجح بكل المقاييس، تفاعلا كبيرا يثلج الصدر عن آفاق الشأن الثقافي والأدبي في جنوب المغرب..، على العكس ما يروج له لدى بعض الجهات ..

وفي ختام هذا العرس المعرفي والثقافي المبدع، تمّ تكريم الأستاذ الفاضل المحتفى به: الدكتور عبد العزيز أيت المكي، العاشق للبحث العلمي والشغوف بالدرس والتحصيل الفكري الهادف ..  

الدشيرة الجهادية

 

محمد بقوح       

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم