صحيفة المثقف

المصالحة بين عمر وعلي

husan abosoudان الإصلاح بين الناس هدف عظيم يؤدي بالنهاية إلى التعايش السلمي بين طبقات المجتمع ويجعل الحياة سهلة مرنة جميلة وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: صدقة يحبها الله اصلاح بين الناس إذا أفسدوا وتقارب بينهم إذا ابتعدوا.

انا افهم ان يحصل خلاف سياسي على الحكم والسلطة بين المسلمين ولكن لماذا وكيف حدث الاختلاف الفقهي بينهم حتى بات الاختلاف سيد الموقف في جميع العقائد والعبادات كالصلاة والصيام والحج والزكاة والجهاد حتى وصل الخلاف حد التقاتل وسفك الدماء، وقد شهد التاريخ نزاعات طائفية تتسم بالعنف راح ضحيتها الآلاف من الناس لسبب غير مجدي ولا مثمر، وإذا كان هناك فقه سني وفقه شيعي فمن أين أتى الفقه الأشعري والظاهري والاباضي والزيدي والاسماعيلي وغيرها، ومن المسؤول الاول عن كل هذا؟ هل هو علي ومعاوية ام علي وعمر بن الخطاب كما يحلو للبعض ان يعيد الخلافات الى السقيفة وما هو الحل؟ هل يستمر الخلاف والخصومة والى متى؟ ولماذا وغدا وراءنا موت ونشور وحساب فينبئنا العليم الخبير عن كل شيء.

وبما ان اصلاح ذات البين كما ورد في الأثر هو أفضل من عامة الصلاة والصيام فإنه يتحتم علينا جميعا أن نسعى لتحقيق هذه المصالحة التاريخية بين أطراف النزاع لصالح الأمة واشتهر عنهم القول (لا تدفعن صلحا دعاك اليه عدوك ولله فيه رضا فإن الصلح دعة للجنود وراحة من الهموم وامن للبلاد) وهم الذين قالوا: (إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو شكرا للقدرة عليه).

ان للفكر الإسلامي مشكلة كبيرة ألا وهو اختلاط الأصل بالنقل والصحيح بالسقيم والوضعي بالسماوي والاسود بالأبيض وهذا الامر  يحتاج إلى خبير ومفكر حيادي ومخلص للنهوض به وهو يؤمن بالثابت والمتغير فالثابت ثابت واما المتغير فقد يكون خطيرا في التعامل معه والامام علي بن ابي طالب هو الشخصية الأكبر في التاريخ الإسلامي والإنساني والبارز في مجال التعايش والإصلاح وقد دخل بذلك القلوب ونال رضا الله سبحانه وتعالى لأنه علمنا الصحيح ونزع من قلوبنا الكثير من الغل والحقد والبغضاء التي زُرعت في نفوسنا على مدى عقود طويلة.

كيف نبدأ بالمصالحة فنحن امام ازمة قديمة افرزت ما يشبه بأمراء الحرب وهم زعماء المذاهب الذين يرفضون أي تقريب وأضحت محاولات التقريب عملية شاقة تشبه النحت في الصخور الصلبة.

هل استدعي الامام علي بن ابي طالب والخليفة عمر بن الخطاب الى عالم الرؤيا مثلا كي استعلم منهما سبب الخلاف ام اذهب اليهما باحثا عنهما في بطون الكتب وهو الخيار المتاح، وكأني بالإمام علي بن ابي طالب يقول :انا لست على خلاف مع احد وقد سلمت ما سلم الإسلام ويشهد التاريخ عليّ باني سايرت الخلفاء الثلاثة الذين سبقوني بأحسن وجه وكنت لهم الناصح الأمين وكانت هناك خلافات تجاوزناها وتصاهرنا واسمينا أولادنا بأسمائهم لطمس اثار الخلاف وانا لم ادع في يوم الى مذاهب ومشارب وملل ونحل وفقه مختلف عن الفقه الإسلامي وانا لم افجر في الخصومة بل واعطيت الخصم من نفسي الانصاف وهذا تاريخي  يشهد عليّ باني آزرت وساندت وساعدت وضحيت وعملت كل ما في وسعي لخدمة الإسلام حتى لقيت الله مخضبا بدمي في المحراب وانا قائم اصلي.

وكأني بالخليفة الفاروق عمر بن الخطاب يقول هو الاخر : أي خلاف تتحدثون عنه بيني وبين الامام علي وهو الذي قلتُ فيه اكثر من مرة: لولا علي لهلك عمر وقلت لا ابقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن لقد كان والله نعم المستشار ونعم الناصح الصادق الامين وقد مدحني وباقي الصحابة في غير ما موضع في نهج البلاغة، وقد حدث خلاف سياسي (متوقع) بعد وفاة النبي الاكرم ولكني برئ من كسر الضلع وحرق الدار واذا كانت لي أخطاء فانا لا ادعي العصمة والكمال لله وحده ولست سوى انسان قد يخطئ وتصيب امرأة فعودوا امة الإسلام الى رشدكم واذيبوا خلافاتكم التي فتكت بكم في بوتقة الاخوة الإسلامية وان إبقاء العداء الشيعي السني مشروع عالمي  كبير  وراءه عقول واموال واستثمارات فانتبهوا ولم يبق لهذا الخلاف القديم اية مقومات وقد مات واندثر ابطاله.

اذن من اين اتى هذا الخلاف؟ وهذا الصراع القائم على الروايات وليس على العقل المحض، فالتقريب عمل العقلاء بل المخلصين منهم وليس العوام الهوام والغوغاء والمنتفعين والمتزمتين.

تعالوا نقرأ التاريخ من جديد ونكتبه من جديد ونحاول ان نصلح بين الاطراف المتصارعة لا سيما بين الخليفتين  عمر وعلي لان الصلح خير وفيه لله رضا ولا اظن بان احدهما سيمانع مازال في المصالحة مصلحة الامة و وحدتها ولعمري لقد جرى سوء استخدام لاسميهما وحشرا في نزاعات لا ناقة لهما فيها ولا جمل.

 

حسين ابو سعود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم