صحيفة المثقف

التنظيم أم التخريب.. أيهما أفضل؟

eljya ayshلا شك أن المشكلة التي تعاني منها الجزائر هي غياب الكفاءات التي تبني الدولة وتضمن استمراريتها، ورجال مخلصون يحبون أن تكون بلادهم في مقدمة الدول فيعملون على إخراجها من خريطة العالم الثالث، والدليل على ذلك الوضع الذي يعيشه الشباب والعزوف السياسي، وهي إرهاصات تنبئ بأن تغيرات جديدة سينشأ عنها وضعا جديدا في المستقبل، ولن تكون هذه التغيرات في صالح الجزائر، بل ستدفع إلى الانقلاب على النظام من جديد، لأن الاعوجاج مستمر، تقوم به أفراد في السلطة أو في الحكومة أو حتى في الإدارة، فتلقي إليهم تعليمات بهدف الضغط على الشعب والدفع به إلى التمرد، ولن نخوض في كثير من المسائل التي يعاني منها المواطن الجزائري، في جميع القطاعات: الصحة، التعليم، التجارة،و حتى في الحالة المدنية، لأنها معروفة لدى الجميع، بل يكفي أن نقدم نموذجا من هذه الضغوطات، وهي قضية "الفرود"، في مجال النقل الذي تحول إلى حرب يومية بين السائقين بدون رخصة وأعوان الأمن، وكان المواطن هو الضحية، يحدث هذا في مدينة قسنطينة ( 470 كلم شرق الجزائر) التي تعتبر ثالث مدن الجزائر الكبرى بعد العاصمة ووهران.

فنقص وسائل النقل بالولاية وحتى بولايات أخرى أرهق أعصاب المواطن الجزائري، وأنهك قواه، بسبب الوقوف الطويل بحثا عن وسيلة نقل، لأن هناك "لوبي" يتحكم في قطاع النقل، ويعمل على زرع الفوضى، رغم توفر الإمكانيات لتنظيمه، فلم تعد الحافلات سواء التابعة للقطاع العمومي أو الخواص تكفي لنقل المواطنين في ولاية كقسنطينة يفوق عدد سكانها مليون نسمة، دون حساب زوارها الذين يدخلونها يوميا، اضطر المواطن الى استعمال سيارات الأجرة، غير أن الأغلبية استغلت ظروف المواطن فعملت على الزيادة في تسعيرة النقل، وأصبح السائقون يفضلون العمل بالكورسا (النقل الإنفرادي)، كما أن الأغلبية منهم يقيمون خارج بالولاية، ونجدهم يعودون الى بيوتهم في المساء مبكرا، قبل وقت خروج العمال، حول هذه القضية كنا قد طرحنا سؤالا على مسؤول الأمن بالولاية في ندوة صحفية، وكان رده أن سائقي الفرود يعملون بطريق غير قانونية أي في الظلام en noir ولا يدفعون الغرامات (الضرائب)، في الوقت الذي يشتكي فيه سائقي الفرود ومعظمهم شباب أن السلطات المعنية ترفض تسوية وضعيتهم قانونيا، في هذه الولاية مثلما هو معمول به في عنابة والعاصمة، وحتى في الدول الأخرى، وقال بعضهم نعمل فرود أفضل من أن نلجأ إلى السرقة أو المتاجرة بالمخدرات أو إلى الهجرة الغير شرعية، وقفنا على حالات وجدنا أنبعض ساقئب الفرود من خريجي الجامعة الجزائرية وحاملي شهادات عليا، لكن المحسوبية والجهوية أغرقته في وحل البطالة.

ماهو الحل؟

سؤال يطرح على من في يدهم زمام الأمر، في ظل هذه الظروف وجد المواطن نفسه محاصرا، فلجأ إلى سيارات الفرود أو الكلاندستان كما يسمونها، نعم، وبغض النظر عن المشاكل التي تحدث بين الحين والآخر، فالفرود كان الوحيد الذي أنقذ المواطن وعمل على نقله ولم يتركه يقف ساعات طويلة تحت أشعة الشمس المحرقة أو في البرد والأمطار في الشتاء، كان اليد اليمنى للدولة، التي أغفلت هذا الجانب الحساس وتركت المواطن وحده يتخبط، حيث وجد نفسه محاصرا هو الآخر من طرف الأمن الذي أصبح شغله الشاغل ملاحقة الفرود بسحب منه الوثائق ومنعه من العمل، من المفارقات (حسب شهادة بعض السائقين) أن بعض أعوان الأمن في نهاية مداومتهم يلجأون إلى الفرود من أجل العودة إلى مساكنهم .

ماذا كان رد الأحزاب المعارضة؟

طرحنا السؤال على بعض ممثلي الأحزاب السياسية المعارضة بغية إيصال الرسالة إلى الجهات المسؤولة، والبحث عن حلول من أجل تنظم هذه المهنة ومعالجة الأزمة بطريقة سلمية، بدلا من الضغط على المواطن أو الفرود ودفعه للخروج إلى الشارع، خاصة وأن غالبا ما ترافق الاحتجاجات عمليات تخريب للممتلكات، كان رد المعارضة أن السلطة مطالبة لفتح نقاش واسع وحرّ معها ومع المجتمع المدني، وأن تجري قراءة متأنية للأوضاع، ومعرفة ماذا حققت الجزائر منذ التعددية الى اليوم للخروج بأرضية توافق، وتجنب ما حدث طيلة الـعشرية السوداء، فغياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفساد والرشوة في نظر المعارضة، أحدثت قطيعة بين الشعب والسلطة، بحيث هناك تراجع كبير في المسار الاقتصادي الذي لم يتحرر، بالنظر الى الأهمية التي يكتسيها في دمقرطة المجتمع، كما أن ضمان سيادة الدولة متوقف على ترسيخ مبادئ الديمقراطية من خلال تعزيز المؤسسات الدستورية ومحاربة الإرهاب بكل أشكاله، لإنهاء الأزمة التي تعرفها البلاد من أجل الخروج من هذا الانسداد والذهاب إلى وفاق جديد، الطريقة تكون من خلال فك النسيج العنكبوتي الباسط خيوطه، وهم مجموعة من عصابات الفساد استولوا على السلطة سياسيا واقتصاديا (ماليا) وإداريا وتربويا وحولوها الى أداة لنهب المال العام.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم