صحيفة المثقف

افرحوا بربيعكم.. الخريف قادم

لم تكن الاجواء او حالات الطقس بالبلاد العربية المستهدفة مثيرة للرمال بل كانت ملبّدة بالغيوم وتتساقط بعض زخات المطر،  فالبلاد العربية وان كان يغلب عليها التصحر إلا انها كانت تنبت ما تسد رمق من يعيشون عليها اضافة الى الثروات الطبيعية التي اودعها الله، اعتاد المواطن البسيط العيش بالأجواء المختلفة لسنوات لا يكل ولا يمل لكسب قوته اليومي، كل همه العيش بكرامة فوق ارضه،  القليلون وانتم منهم كانوا يسعون الى تقلد مناصب بالدولة ليكون لهم شأن ومكانة مرموقة وهذا من حقهم ولكن ليس على حساب بقية افرد الشعب، فالتغيير مطلوب ولكن ليس بالدعوة الى تدخل اطراف خارجية وجلبهم الى الوطن.

طبّلتم وزمّرتم لأنظمة كنتم ترون أنها أنظمة وطنية وقومية، تعلمتم بالداخل والخارج تقلدتم العديد من المناصب، أثريتم في أزمنة محدودة صرتم إقطاعيون، كان بعضكم اليد الطولى للأنظمة التي تبطش بها وعيونها التي تبصر بها وآذانها التي تتنصت بها، كنتم تفهمون إيماءات الحاكم وإيحاءاته فكنتم تعبّرون عما يجول في صدره وما يريد قوله، كنتم تسامرونه وتتوددون اليه بطيّب الكلام وتتمنون رضاه،  قلتم فيه ما لم يقله ابي نواس في الخمر، تعلمتم العزف على كافة الادوات الموسيقية لتشنفوا آذانه!،  تضحكون ملأ اشداقكم لمجرد تبسّمه،  اصبحتم مدافعون عنه في المحافل المحلية والدولية،  وصلتم بفضل اعمالكم غير المسبوقة الى مراكز متقدمة فأصبحتم وزراء ونواب وسفراء وخزنة بيوتات المال، تحصلتم على كل شيء لم تكونوا تحلموا به، اصبحتم اصحاب شركات وخدم وحشم وجاه وسلطان، طبيعة البشر انهم ينظرون الى اعلى،  اردتم ان تقفزوا الى المكان الذي صار على بعد امتار منكم،  فالجالس به ليس بأفضل منكم خاصة بعد ان صرتم ملمّين ببعض الامور وما يجري بدهاليز السلطة؟؟!!.

قفزاتكم المتعددة (المحاولات الانقلابية) لم توصلكم الى المكان المنشود،  وقعتم دون الحواجز لأنكم لم تتعودوا القفز فلم يسبق لكم دخول التجنيد الاجباري شأن العوام الاخرين لأنكم من اركان الحكم او لأنكم لستم اصحاء وبكم العديد من العلل مضافة الى عللكم الاخلاقية التي كنتم بها تفاخرون.فمنكم من قضى نحبه ومنكم من اطلق سراحهم بعد اعتذارهم عما قاموا به في حق اسيادهم وإعلان البراءة التامة (غرّهم الشيطان).

 ذهبتم الى بلاد الغرب بعد ان فشلتم بتحقيق مآربكم، وعملتم معه على اسقاط تلك الأنظمة، وكان بعضكم يعمل لصالح الغرب (جاسوس)، فبركتم وثائق عن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.لم يقتنع العالم بذلك فتدخل الغرب بدون تصريح دولي ودمر العراق وشرد اهله ونهبت خيراته عملتم على الايقاع بين اطيافه المختلفة، فالانفجارات لا تكاد تتوقف وتذهب بآلاف الضحايا مخلفة آلاف المعوقين،  وبخصوص ليبيا فإن الحال لا يختلف كثيرا خاصة مع انتشار السلاح وقدوم جماعات ارهابية،  والأحزاب تلوح بتعليق عمل نوابها وأعضائها بالحكومة ثم تتراجع انهم يضحكون على انفسهم ليس إلا،  انها الجماهيرية الثانية المدججة بالسلاح، حيث بالجماهيرية الاولى لم يكن هناك وجودا للسلاح بالشوارع والازقة، بل أصبحت المنازل مخازن للسلاح (انهم عسكر بوصبع-على غرار عسكر سوسه-التي تعني شعبيا ذوي الاخلاق السيئة).

 اما عن تونس الخضراء فإنها لم تعد كذلك فالجهاديون يسعون الى احراقها بمن فيها فلا حياة لمن يخالفهم الرأي ومن توالوا على حكم البلد فإنهم يفعلون ما يؤمرون(اسيادهم الغرب)، فالشعب من وجهة نظرهم قد قال كلمته عبر الصناديق وان خروجه الى الشوارع مجرد "فشّت خلق"،  وفي مصر فإن انصار الرئيس المعزول حملوا اكفان الاخرين على اكفهم ولا يريدون للغير الحياة، (هدم الكعبة اهون من إزاحة مرسي) "حديث اخواني"،  اخذا بمبدأ القياس! ولا يزالون يتآمرون على الشعب بكافة السبل، فأحداث مصر الدموية المتنوعة منذ الإطاحة الجماهيرية بحكمهم ليست عنهم ببعيد

وأخيرا لقد وصلتم الى السلطة على جثث آلاف الضحايا وساهمتم في تشريد الملايين عطلتم كافة المؤسسات بما فيها الجيش الوطني والشرطة خوفا من ان تنقلب عليكم،  ابعدتم كل من تريدون ابعاده وعملتم على اطالة الربيع اقصى مدة ممكنة،  ومن خلالها تكشفت عمالة بعضكم للغرب وانكشف ما كنتم تخفونه من حقد دفين ضد ابناء عمومتكم ورغبتكم في سفك الدماء، وتشبثكم بالسلطة (انا او الطوفان) صرتم تحكمون بدون سند(انتهاء صلاحية المجالس المنتخبة-التمديد اكثر من مرة بحجج واهية)، تتقاطرون على عواصم الغرب لأخذ الأوامر علّها تمد في اعماركم.فالخريف قادم وسينكشف المزيد وتتعرون من ورق التوت. 

 

بقلم: ميلاد عمر المزوغي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم