صحيفة المثقف

أشواك الصفيح.. قصة جديدة للكاتب حامد البشير المكي بلخالفي

1228 khحمل تصدير محمد أبو القاسم أنه من خلال هذه القصة يبرهن حامد بلخالفي على أنه يتلمس طريقه في مجال السرد القصصي، الذي سيجعل منه إن شاء الله قصاصا له مكانته في مجال القصة في هذا البلد، ففي هذه القصة تثالت المرتكزات التي يعتمدها هذا الفن الأدبي، فالزمان والمكان والشخوص واضحات المعالم، والفكرة و الهدف يستشفان من خلال مراحل السرد الذي ينساق في عفوية تقترب من السهل الممتنع،

 انطلاقا من توافر هذه القصة على أغلب عناصر السرد القصصي، وتبعا للمسار الذي اختاره الكاتب، فالشخوص لاتخرج عن دائرة السيد حمودةوأخيه سليمان والأولاد يَقدمهم حسان الولد البكر الذي قام بدور الراوي، كما ينضاف إليهم،أفراد الأسرة ثم هناك السيد صالح وأسرته، مع ضمور لخيال أسرة الخطيبة.

 من خلال ذلك أعطانا الكاتب تصورا دراماتيكيا لنوعية الحياة القاسية التي فرضها المستعمر على الطبقات الشعبية الفقيرة (كان كل ما يملك جدي المعطي هو عبارة عن كوخ صفيحي مع محتواه من أثاث رث بال،......قفص مركب من ألواح خشبية بالية، وسقف من صفائح معدنية تباع عادة في أسواق النفايات الصناعية) كل الصور السريالية التي استخدمت، كانت تتساوق حسب النسق الذي حدده الكاتب وبنى عليه تصوراته ..عرفنا من خلال الجرد أنواع الاستغلال المفروض على الشعب المغربي،والقهر المادي والمعنوي الذي عاناه المغاربة وقت الاستعمار، وقد استطاع الكاتب من خلال ذلك، أن يقدم لأجيال اليوم نوعية الحياة التي عاشها الآباء،والتضحيات التي قدموها من أجل الحرية والانعتاق وأضح لنا ضمنيا كيف يفرز الصفيح أشواكا، وكيف تنبت المقاومة الشعبية والكفاح المسلح كلما سقى المغتصب ثراها بأمواه القهر والاستبداد،

من أجل حرية الوطن وانعتاق المواطنين تأسست خلايا المقاومة المغربية التي كان أبطالها غالبا من أبناء الطبقات المسحوقة كالأب حمودة وأمثاله المؤمنين، بقول الشاعر احمد شوقي :

وللحرية الحمــراء باب       بكل يد مضرّجة يدق

وللمستعمرين وإن ألانوا     قلوب كالحجارة لاترق

و بقول شاعر تونس أبو القاسم الشابي

إذا الشعب يوما أراد الحياة    فلابد أن يستجيب القدر

لم ينس الكاتب أن يهيئ لنا الظروف والأسباب التي دفعت حمودة إلى ولوج باب التضحية حيث رأى أن طريق الانتقام من الطغاة هو الانضمام لحركة المقاومة،خصوصا بعد أن طرد من معمل الأسمنت الذي كان مورد رزقه،كما أيقن أن في كل بيت من هذا الوطن أنموذج لهؤلاء المضطهدين

لقد تتبع الكاتب مسار هذه الأسر، وأوضح العلاقات الحميمية التي كانت تربط بين أفرادها،ولا عجب في ذلك،،فالمغاربة في فترة الصراع المغربي الفرنسي كانوا يعيشون شكلا رائعا من التضامن والتكافل، كان المغاربة كلهم مقاومون،والخونة بينهم في كل مدينة يعدون بالأصابع، فهم في عداد النادر الذي لا حكم له، استعرض الكاتب مسار الأسرتين، وتدرج الأبناء في مراقي العلم والمعرفة لينبت من حقول الصفيح ورد فائح العطر سماه الكاتب أشواكا، لأنه يعي أن الورود غالبا تحمل أشواكا، وهو تعبير من باب إطلاق البعض وإرادة الكل كما يقول البلاغيون

إن الرسالة التي أراد الكاتب أن يوصلها لكل شخص هي نوعية الوئام الذي كان يصبغ علاقة الأسر ة المغربية، والرفض البات لكل ظلم أو استعباد، وأن تحقيق الطمأنينة ثمنه التضحية.  ‏

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم