صحيفة المثقف

صبي الطين الأبدي رواية للكاتب المغربي إدريس الجرماطي

1238 riwayaصدرت رواية (صبي الطين الابدي) للكاتب المغربي إدريس الجرماطي. ويُعد هذا العمل الخامس في سجل إبداعاته في مجال القصة والرواية.

تُمثّل روايته هذه، ذروة المسعى الذي إختطه الكاتب لملامسة الحقيقة،عبر حفرياته الخاصة عن البطولة الانسانية المزيّفة، وعن الضعف البشري الذي يجعلنا غير قادرين على التحرر من طيننا الابدي الذي يربطنا بأغلال الماضي. لقد حاول الكاتب أن يفضح هذا الضعف وأسبابه وعلة وجوده. عبر مخاض عنيف من الصراع بين الفعل ونقيضه . لذلك فالرواية لم تلتزم بخط بياني لرسم الاحداث والوقائع. بل تركتها سائبة وغير مؤطرة ببدايات معينة اوبنهايات معلومة.

جاءت الرواية وكأنها إبحار أبدي دونما مرافئ أو نهايات. وبحارتها الذين كان من الممكن  أن يمنحوا الفعل الروائي ثيمته وفحواه. ولكنهم كانوا مشلولي الحركة  . غير قادرين على المناورة، وكأن الكاتب قد أغرقهم  بالغموض والحيرة وجعلهم غير قادرين على البوح الا من خلاله . حتى تبين لنا – نحن القُرّاء – بأنّ الكاتب وحده المهيمن على الفعل الروائي . والمهيمن على مؤشر الحدث،  من خلال تقنيات ومهارات لغوية إنهمرت في النص وأغرقته ؛ بخشونتها ورقتها، بحماسها او فتورها، بقوتها ومجمل تأثيراتها .

أصبح الحوار المغلق مع الذات. بتياراته الواعية او الحالمة او التي مازالت تحت غيبوبة الصراع الداخلي المحتدم، بديلا عن نمو الحدث.  فالطفل بقي مطمورا في صلصاله. والشخوص الآخرون يتحركون ببطء.  ولقد أصبح الصوت الوحيد هو صوت الراوي. والذي منح لنفسه الحرية بالصراخ والاحتجاج والتمرد  من خلال الأفكار المتلاطمة كالأمواج. والتي يحرك بعضها الاخر من خلال الاستطرادات والتوليدات اللغوية التي حَفَل بها النص.

لذا فالكاتب يحتج ويناقش ويرفض ويهزأ من المعايير السائدة. في محاولة منه لخلق فضاءاته الخاصة . دون أن يجعل أبطاله يقومون بهذه المهمة عوضا عنه.

جاءت رواية (صبي الطين الأبدي) حافلة بالرموز والاشارات. وكأنها تقي نفسها من منحدر السطحية ولكن ذلك جعلها تغرق في الغموض وضباب الرؤية .  ولكن هذا الضباب الشفاف منحها قيمةً ووزنا فنيا . فأتت وكأنها تعبق بروائح الشعر في دقة العبارة وقوتها وتماسكها وقدرتها على الهمس.

صبي الطين الابدي رواية  عذبة . تستحق القراءة والمتابعة والتأمل

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم