صحيفة المثقف

مجموعة قصص الساحر

1253 saidمن الصعوبة العثور على قصة قصيرة جيدة تذهلك عند قراءتها، فقد استصغر الكتاب في معظم الدول العربية شأن القصة القصيرة، واستسهلوا كتاباتها، فأنت ترى كماً هائلا من النتاج موجودا في النشريات العربية، من صحف، مجلات، ملاحق، مواقع إليكترونية لا حصر لها، ولو جمع ما ينشرفي اللغة العربية من قصص قصيرة اسبوعية لغطى مئات الكتب.

مما يؤسف له أن الكثير من الجيد ينتثر في هذه النشريات، لكن إهمالنا المعرفي، وضعف تتابعنا للجيد من الأعمال، اضاع الكثير، من ذلك النتاج الجيد، ولكثرة نشر مجموعات قصصية في البلدان العربية، بات متابعة الجيد أمرا مستحيلاً.

وتق الطامة الكبرى أمامنا من دون ان نلتفت اليها، ولا نتنبه لها مع الأسف، فعدم اهتمامنا بالنتاج الجديد لا يضيّع كما ذكرنا الكثير من الجيد حسب بل يضيّع إبداعنا كأمة وكجيل.

في مجموعة الساحر لمحمود سعيد، الصادرة من دار ضفاف العراقية، توجد باقة من أجمل وأقوى القصص القصيرة، ولا أغالي إن قلت أن هذه المجموعة على صغرها تعتبر في الدرجة الأولى من سمو كتابة القصص القصيرة.

للكاتب اسلوب سلس آخاذ يشدك إليه رغماً عنك، ولا يتركك حتى يوصل أفكاره وتصوراته وما يريده إليك، أول قصة في المجموعة هي قصة "خطوة و...الموت" وهي عن مواطن موصلي وقع في فخ حياة قاتلة لا يد له في تشكيلها، ولا يد له في وجودها، حين سقط الجانب الأيمن من الموصل تحت داعش، باتفاق مع قيادة عراقية خائنة لشعبها، سحبت جيشها واتاحت الفرصة لاحتلال المدينة من قبل هذه العصابة، وتركت المواطنين محتجزين، بأيدي قتلة مجرمين يتخذون من الدين لباساً، تركت اكثر من مليون نسمة، رهينة، لا أمل له بالنجاة، فهم بين عدوين، الأول يحتل المدينة ويقتل كل من لا يطيعه، والثاني يحاصر المدينة ويقتل كل من يخرج منها بحجة أنه موالٍ للعصابة، وغاية الفئتين واحدة هو إبادة سكان الموصل لغرض طائفي. مما يثير سؤالاً مهماً: هل هناك اتفاق سري بين العصابة والحكومة لقتل المدنيين جميعأً؟ إذا لماذا تقصف الطائرات كل مبنى تخرج منه طلقة واحدة بينما يعلم الجميع ان في كل بيت مجموعة من المدنيين معظمهم اطفال ونساء ورجال عزل؟

القصة الثانية هي الساحر. تروي بعض حوادث حرب الخليج الأولى 1991 حين تحاول استخبارات العالم تمشيط المنطقة العربية كلها لاستخلاص الأخبار، ويندس مبعوثوها في المدن والبراري والقبائل العربية، ويلتقون من لا يتوقع وجوده، ومن هؤلاء الغرباء ساحر مغربي، وشاعر محدث، ومسؤول مخابرات، وفي غمرة الكلام يكثر التحدي، ويتفرع الكلام، وإذ تنتهي الاجتماعات يتخلف شيء جديد، لم يحلم به أحد. كلب يتصرف كإنسان، بينما يختفي الشاعر كليّة، وتصبح قضيته شغل الإعلام داخلياً وخارجيّا، القصة مثيرة ومشوقة ومختصرة وهائلة.

أما قصة مستعمرة العضاءات فقد ترجمت الى الإنكليزية، ونشرت في واحدة من اشهر المجلات الأدبية الأمريكية، ورشحت الى جائزة مرموقة وكتب عنها بالعربية بعد نشرها، د. حسين سيرمك والقاص محمد خضير.

القصص السبع الباقيات لا تقل شأناً عن هذه.

 

سلام عامر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم