صحيفة المثقف

تطرف المفسرين وأغاليط الرواة (2)

sardar mohamad2الضالون والمغضوب عليهم: في سورة الفاتحة

" غير المغضوب عليهم ولا الضالين "

السؤال الذي يطرح نفسه هل يوجد من المسلمين من غضب الله عليهم وهل يوجد بينهم ضالون ؟

بالطبع نعم يوجد، ولا يعقل أن المسلمين كونهم مسلمون اسماً لايوجد بينهم ضال ولا يوجد بينهم مغضوب عليه ولا تمسهم النار.

القرآن الكريم ليس كتاباً موجهاً إلى اليهود خاصة ولا إلى النصارى خاصة ولا إلى المسلمين خاصة إنما هو كتاب للبشر والناس كلهم .

هناك من اليهود والنصارى والمسلمين ممن غضب الله عليهم ومن ضل عن الطريق السوي

وبمراجعة بعض آي الذكر الحكيم يتوضح لنا الأمر.

ففي البقرة 108

" أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالأيمان فقد ضل سواء السبيل "

فالضلالة لم تحدد من هم ولم تعني الآية اليهود عامة بل قوم من أقوام موسى ومن يريدون مساءلة رسولهم على نفس الشاكلة فليسوا كلهم من أتباع نبي بعينه عامة فإذا افترضنا أنهم اليهود وجب علينا افتراض المسلمين أيضاً على أن الضلالة هنا هي الضلالة عن سواء السبيل أي عن طريق الله تعالى بالإيمان به وبرسله وبالغيب وكل ما يعنيه طريق الهداية .

وسبيل الله يضل عنه كثير من الخلق

" .. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين." النحل 125

فتحديد تعسفي بمن ضل عن سبيل الله يعلمه الله وحصرة بعلم بشرإنما هو تعد على علم الله وكفر بواح فهو لا يعدو عن مشاركه الله في العلم .

وورد هذا أيضاً في القلم 7

" إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين "

وانتبه أيها القارىء اللبيب إلى كلمة – هو – المكررة للتأكيد-هو اعلم بمن ضل وهو أعلم بالمهتدين – ولغة يمكن الإكتفاء ب – هو أعلم بمن ضل وبمن اهتدى – لكن – هو – المكررة تؤكد أن ليس لعبد أن يكون شريك تعالى في الفهم والعلم فهما من تخصصه تعالى وبهذا لا يحق لأحد اتهام النصارى عامة واليهود عامة .

والضلالة تخص أي بشروحتى الأنبياء طالتهم الألسنة بدليل ما ورد في النجم 2

" ما ضل صاحبكم وما غوى "

فقوله تعالى صاحبكم أي الرسول الكريم تعني أن ثمة من تصوّر أنه ضل .

ولم يفسر القرطبي بأن الذي ضل المقصود به قوم معينون إنما فسر الضلال بالحياد عن طريق الحق .

وتفسيرالطبري بالمعنى نفسه إذلم يتطرق إلى قوم ما بل قال أن رسول الله لم يحد عن الحق .

وما روي عن ابن عباس إذ قال :هم المؤمنون .

عدا بن كثيرفي تفسيره تطرق إلى اليهود والنصارى .

فصل 4: ما روي عن مقتل هابيل

ما روي عن آدم عليه السلام كثير واسع واشتركت فيه الأديان ومن الحوادث المائزة حادثة قتل قابيل أخاه هابيل ونسجت حولها حكايات وأحاديث منها حديث عن أنس عن النبي الكريم أنه سمّى يوم الثلاثاء " يوم الدم " ففيه قُتل هابيل وفيه حاضت حواء وهنا أرى أن هذا ليس بقول الرسول الكريم إذ ربط الدم الذي حرّمه الله بدم أوجدته الفسلجة التي خلقها الله، فدم النساء لا إثم عليه ودم القتل محرم حسابه عسير.

ويروى أن آدم عليه السلام حزن لموت ابنه قتلاً فقال :

تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح

(رسالة الغفران – المعرّي -)

هل هذا معقول ؟ آدم عليه السلام يقول الشعر،وإذا سلّمنا بأن سيدنا آدم يتكلم العربية لكن كيف نصدق أنه يجيد العروض والأوزان الشعرية مثل مفاعلتن مفاعلتن فعول .

ومن غريب المزاعم أن الكبش الذي قرّبه " هابيل " يرعى في الجنة حتى أهبط على إبراهيم الخليل في فداء ولده إسماعيل عليهما السلام تصوّروا حيواناً يرعى في الجنّة فيأكل من زرعها لمئات من السنين ولا يبعرر ولا يتغوط فينجس الجنّة ولا ينفجر من أطنان العشب التي دخلت جوفه .

ومما روي عنه أنه عليه السلام قال :لعن الله أرضاً شربت دمه – يقصد هابيل – فمن ذلك الوقت لم تشرب الأرض دماً (راجع حياة الحيوان الكبرى للدميري) وهذا غير معقول وإلا كيف نبرر ملايين القتلى في حربين عالميتين ناهيك عن الحروب والقتل الأخرى .

وإليك أيها القارىء هذه الفقرة من كتاب (نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري)

جاء النسرإلى آدم فألفه وجاءه الوحش والطيروألفوه وبكوا لبكاءه دهراًطويلاً فلما أضجرهم ذلك نفروا ولم يبق معه إلا النسروحده وهو لا يفتر عن البكاء .وهذه الميثولوجيا أشبه بأسطورة خلق – انكيدو – في تآلفه مع الوحوش ومن ثم نفورها عنه .

فصل 5: في خلق حواء

ومن نظريات الرواة، نظرية خلق حواء من ضلع لآدم مشهورة معروفة وتزعم أن الله تعالى ألقى على آدم سباتاً فاستل أحد أضلاعه من جنبه الأيسر مما يلي الشرسوف وهو ضلع أعوج وسد مكانها بلحم وخلق تعالى منه حواء .

لادليل قرآني صريح يدل على هذا الخلق وليس في القول الكريم – خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها – تبرير لخلق حواء من ضلع أعوج . والحكاية مأخوذة من التوراة – العهد القديم – سفر التكوين (الإصحاح الثاني 21 و 22) دون ذكر اعوجاج الضلع .

فصل 6: نظرية نشوء اللغة

ونظرية نشوء اللغة وخلقها، وكيفية وجودها ووصولها إلينا

في البدء لابد من التأكيدعلى أن اللغة المقصودة هي العربية ولغة قريش بالذات وعلى هذا الفهم نشأت نظرية في اللغة تقول أنها موقوفة استناداً لقوله تعالى " وعلم آدم الأسماء كلها " غير أن هذه النظريه منذ البدء أوقعت نفسها في مطب كان عليها أن تخرج منه وهو اطلاعنا على حقيقة أن اللغة هي الأسماءوكلمة اسم على وفق العلوم اللغوية المتأخر جداً لا تعني كلمة اسم الحالية ككيان لأقسام الكلام من حرف واسم وفعل بل أظن وعلى وفق رؤياي أنها تعني شيىء آخرسأفسره بعد تناول النظرية التي قالت بتوقيفيفة اللغة .

لم يتفق إتفاقاً قاطعاً المفسرون والرواة على الأسماء التي عناها الذكر الحكيم في هذه الآية،

ذكر عن السدي عن قول يرجع إلى بن عباس

أن الله علمه أسماء ولده إنساناً إنساناً والدواب ....

وقال الضحاك عن بن عباس : هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس،إنسان ودابة و سماء وأرض وسهل وبحر وخيل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها .

وروي عن أبي حاتم وابن جريرمن حديث يعود لابن عباس

علمه أسماء الصحفة والقدروحتى الفسوة والفسية

وقال مجاهد علمه اسم كل دابة وكل طير واسم كل شيء

وقال الربيع اسماء الملائكة

وقال حميد الشامي أسماء النجوم

وقال عبد الرحمن بن زيد أسماء ذريته

واختار بن جرير اسماء الملائكة والذرية

وهكذا احتاروا فيما علم الله . (راجع قصص الأنبياء لابن كثير وشرح تفسيرابن كثير لعبد العزيز الراجحي)

تصوري الخاص

تعالى علم آدم الأسماء ولكن هناك ملاحظة تغافل عنها أوغفل عنها من تصدى للتفسير وأعني هذه الأسماء بأية لغة قيلت ؟ إذا كانت العربية القرشية فنحن بحاجة لدليل قاطع وكون أن القرآن الكريم أنزل عربياً فهذا لا يعني أن آدم عليه السلام يعرف العربية .

وأمر ثان هو وجود حالياً أكثر من لغة فهل هذه كلها عُلمت لآدم ؟؟

وأمر ثالث هوأن هناك فاصلة زمنية مجهولة من خلق آدم حتى رسو اللغة على ما جاءتنا به العرب ففي الحضارات الأولى مثل حضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل فلغتهما معروفة وموثقة بكتابات خاصة بها كالمسمارية والهيروغليفية وهما زمناً أقرب لآدم فإذا كانت لغة آدم هي العربية فلماذا لم نجدها في تلك الحضارات ووجدت في العصورالتي تلتها ووصلتنا متكاملة في عصر يسمى بالجاهلي، وهنا نحن أمام قفزة تحتاج لتبرير منطقي وعلمي .

وأمر رابع آمل الإنتباه له

الموجات الكهرومغناطيسية سلسلة من الترددات المتتالية المعروفة ولكن ليست كلها ضوء، والضوء ثلاث الأشعة تحت الحمراء وهي غير مرئية والضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية وهي ضوء غير مرئي والثلاثة في ضوء الشمس، وعلى وفق هذا وهنا بيت القصيد،أن تعالى خص العين برؤية مدى ضيق جداً من الموجات ولكنها كافية وافية لرؤية اللون والشكل والحجم والحركة وهذا ما يحتاجه الإنسان في عمله اليومي.

الموجات السمعية هي الأخرى محددة بمجال ضيق دونها وفوقها غير مسموع أقصد تحت السمعية وفوق السمعية فالترددات المسموعة يتراوح مداها بين 20 و عشرين ألف هيرتز

ودون 20 هيرتز هي دون السمعية

وفوق 20 ألف هيرتز هي فوق المسموعة (فوق الصوتية)

وعلى وفق هذا فإن حاسة الأذن مصممه لسماع أصوات لا تخرق غشاء الطبلة وتفي البشر .

إن الأصوات المنطوقة محددة للبشر وكل لغات العالم لا تخرج عنها إلا النادر والشاذ وهذه الترددات المنطوقة والتي تحدد كل اللغات هي الأسماء،أؤكد في اللغات كافة .

الأسماء هي المقاطع التي تتحدد بالمتحرك والساكن من حروفها كما هي معروفة في علم العروض، وهي

متحرك ساكن مثل : فع، لن، فا، عي، مس، تف . وهذه لا تتعدى نغمة (لا) .

متحرك متحرك ساكن مثل :فعو،علا،متف،علن، مفا. وهذه نغمات بوزن (نعم) .

متحرك متحرك متحرك ساكن مثل : متفا، فعلا . وهذه نغمات بوزن (لللا) .

ولنأت على جميع اللغات شرقية وغربية لا تتعدى في تفصيلها هذه النغمات والتي يشترك في غالبها البشر.

 

سردار محمد سعيد

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم